لم يحظ نوع من أنواع التعليم في العقدين الأخيرين بهذا القدر من المؤتمرات والكتابات والاهتمام والتركيز,كالذي حظي به التعليم الفني, فهو كما تذكر تلك الكتابات طوق النجاة للدول النامية, لتمكينها من إعداد مواردها البشرية اللازمة لمشروعات التنمية فالاهتمام بالتعليم الفني والتدريب المهني أو النأي عنه في حدة الحد بين النهضة والتخلف فالتعليم الفني هو الذي يحقق الربط بين التعليم والاقتصاد من خلال: قدرته علي حل مشكلة البطالة وتوفير العمالة المدربة التي تمثل الأزمة لقطاعات الانتاج والخدمات وفقا لمتطلبات خطط التنمية فضلا عن تخفيف الضغط علي التعليم العالي وأيضا تحقيق المساواة بما يوفر في فرص العمل والتعليم. ومن ثم فهو التعليم القادر علي أن يعيد للتربية توازنها لتجمع بين التأمل والممارسة,وبين قراءة الحروف وقراءة كتاب الحياة, وهو الوسيلة لمنح التعليم قلبا ينبض بحاجات مجتمعه,ويكتسب خريجوه من خلال الممارسة والعمل الوعي بقيمة العمل وكرامته وتحمل المسئولية وإدراك قيمة الوقت والجهد. لكن القول شيء والفعل شئ أخر, فعلي ارض الواقع نري أن نوعا من أنواع التعليم,لم يلق من الأعراض والفروق والنظرة الاجتماعية المتدنية كما لقي التعليم الفني, ولعل اصدق الأوصاف دلالة علي هذا الوضع, هي تلك العبارة التي أجاب بها احد الحاضرين حين سئل عن رأيه في التعليم الفني فأجاب هو خير أنواع التعليم وأعظمها نفعا..لأبناء الجيران!! فالرجل يؤمن به ويدرك أهميته, ولكنه ينصح به أولاد سواه. وحيث أن الدولة تولي قضية التعليم الفني والتدريب المهني اهتماما بالغا وتسن وتصدر القوانين التي تحدد اهدافه وتنظمه, إلا أنه ما أشبه حاله بحالة وسائل النقل في شوارعنا المصرية العجيبة فهناك العربة التي تجرها الدواب وهناك السيارة النقل وهناك التوك توك وهناك السيارات الحديثة. ولم تستطع إحداها أن تلغي الأخري وكل ميسر لما خلق له بيد أن للنهضة شروطها ولعل تجربة المشروع القومي لاصلاح التعليم الفني والتدريب المهني(TVET) والتي تعد احدث نموذج لتطوير وإصلاح هذا القطاع الحيوي المهم حيث يهدف المشروع الي رفع القدرة التنافسية للصناعة المصرية والصناعة هنا بمفهومها المجتمعي فالسياحة صناعة والزراعة صناعة.. ويظهر تقويم هذا المشروع الرائد قدراته علي معالجة اخطر مناطق الضعف في التعليم الفني والتدريب المهني وهي تدني الكفاءة الخارجية بما يعني انخفاض معدل الانتاجية للعامل المصري, وماتؤدي اليه من انخفاض القيمة المضافة فقد اظهر تقييم كثير من المنشآت أن انتاجها يقل عن الطاقة الإنتاجية المقننة للمعدات ورأس المال التكنولوجي في بلد المنشأ, ويعزي هذا الي النقص في كفاءة إعداد رأس المال البشري, وتزداد أهمية هذا العنصر البشري خاصة ونحن ندخل عالم المنافسة مع الأسواق الخارجية. من ثم عمد المشروع علي احكام الصلة بين المدارس الفنية ومراكز التدريب ومواقع الانتاج. ان مبادرة المشروع القومي لاصلاح التعليم الفني والتدريب المهني شقت رافدا جديدا للتعليم الفني والتدريب المهني يربط التعليم والتدريب بسوق العمل كما وكيفا وتوجها وليس ادل علي ذلك من إدخال تخصصات جديدة في مناهج التعليم الفني, فضلا عن تدارك اوجه القصور في معدات المدارس الفنية بما هو موجود في مواقع العمل, لقد نجح المشروع في الارتقاء بالكفاءة النوعية والكفاءة الداخلية للمدرسة الفنية ومراكز التدريب. واخلص من كل ماسبق الي اقتراح بات ضروريا وهو إنشاء وزارة تضم التعليم الفني ومراكز التدريب المهني, التابعة لوزارتي الإسكان ومصلحة الكفاية الإنتاجية التابعة لوزارة الصناعة بتحويلهما الي وحدات اقتصادية انتاجية تعليمية تساهم في تنفيذ خطط التنمية الأمر الذي يقتضي توفير مناخ تنظيمي تساهم فيه جمعيات المستثمرين واتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات حفاظا علي هذه الثروات الهائلة في المدارس الفنية ومراكز التدريب واستثمارها الاستثمار الأمثل.