الحكم اليوم للتحرير.. كان مانشيت الأهرام المسائي امس والذي لخص أشياء كثيرة ربما دفعتنا إلي سؤال أنفسنا.. أين نحن؟, وأين نقف بالضبط؟ ولكي نجيب عن هذا التساؤل كان علينا ان نخوض رحلة التحرير من بدايتها.. من وكالة البلح..!غايس نجيب.. كان كلمة السر في الدخول للميدان.. ومن زقاق لمدق تعبر من سوق الملابس القديمة الي سوق بقايا السيارات ودكاكين الخردة العتيقة.. ويمين في شمال وتمشي كده علي طوال الي ان تجد ضالتك المنشودة.. تلك التي قصدناها.. خيمة التحرير. صحراء.. ولا كامب, ولا تحرييير؟! وعندما قلنا اختيارنا الثالثة حتي ابتسمت الوجوه ونطقت الشفاه داعية ربنا معاكم. إذن.. محمدمحمود أمامنا والكعكة الحجرية خلفنا, هكذا اخترنا ان يكون موقعنا بين الناس. علي هذه الأرض.. في هذا المكان, سالت دماء الشهداء تزكي الأنوف وتدمع لها القلوب قبل العيون.. تطوع عم زكريا صاحب محل الخيام بأن يحمل معنا أخشاب وقوائم الخيمة علي كتفه ليقودنا إلي خارج شوارع الوكالة الضيقة من اقصر طريق إلي الكورنيش لاستقلال التاكسي إلي التحرير وقبل أن ينطلق سائقنا سألنا عم زكريا:انت بتعمل كده من قلبك فاجاءتنا اجابته انتوا صحفيين وإحنا تهنا كتير وفهمنا غلط كتير.. مش عايز اقول كمان انضحك علينا, وطالما, اختارتم التحرير مكانا للتخييم ننتظر منكم الحقيقة في جورنال بكره. وسط آلاف مؤلفة حاملين أدوات الاعتصام مررنا, وقابلتنا أخلاق الميدان بافساح الطريق بل وتساعد في حمل أشيائنا الثقيلة, ربما كانت بعض الاصابع تشير لنا هنا أحسن, بلاش هنا عشان الأرض صلبة وهم حتي الان لايعلمون هويتنا كصحفيين.. لتبدأ رحلة دق الخشب في الأرض لتجد عشرات الأيادي تتسابق للحفر والتثبيت وشد الحبال وتنصب أقمشة الخيمة علي الهيكل الخشبي. اخترنا أن نبدأ بتعليق نسخ من طبعة الامس مع لافتة كبيرة تقول الأهرام المسائي.. لحظة بلحظة مع التحرير ولافتة أخري تقول هنا مكتب الأهرام المسائي. نعترف بحالة الامتعاض والاستياء وربما الغضب التي انتابت جموع الواقفين بالكعكة الحجرية من الشباب والعجائز والنساء فور أن وقعت أعينهم علي كلمة الأهرام ودون حتي أن يقرأوا الجريدة.. عبارات كانت تتلخص فيما فعلته المؤسسات الصحفية القومية في أيام ثورة25 يناير مش برضه إنتوا اللي قلتوا علينا بلطجية ولانسيتوا الأجندات والكنتاكي والشعور الصفراء والتحرش اللي في الميدان؟! إحنا تعبنا وزهقنا وكفايانا بقي إعلام مزيف وكثير وكثير من العبارات التي استقبلناها بصدر رحب لاننا توقعناها بل وتصورنا أن تصل لحد العنف, ويبدو أن الميدان قد تعلم فن المناقشة فما إن أنهي الجميع حديثه إلا وبدأ يستمع وينصت إلي ردنا الذي لم يكن دفاعا عن انفسنا بقدر ما كان محاولة لتوضيح الصورة. وتوصيل معلومة ان كانوا هم يقولون ان شيئا لم يتغير بعد الثورة في الصحف لكننا كشباب صحفيين نستطيع القول ان هناك فارقا والحق كان عنوان التحرير كافيا أو زي ما بيقولوا جبنا جون فقد تحولت النبرة واختلف تون المناقشة بعد ان قرأوا الفاظ شهداء عنف مجلس رئاسي مدني بدأت ردود الافعال بالذهول ثم الاقتراب اكثر فأكثر من ملفات العدد ثم مناقشات اكدت لنا انهم فتحوا صدورهم وميدانهم علي مصراعيهما وكانت نهاية عبارتهم في تلك المناقشة نفسنا نسترد ثقتنا في المؤسسات القومية بشكل عام وفي الاهرام بشكل خاص بدأ الحديث امام خيمة الاهرام المسائي مع ام مصطفي تلك العجوز الواقفة تتناقش في الميدان وسط انتظار الكلمة التي سيلقيها المشير والتي كانت تتوقع انها لن تأتي بجديد بل وستكون بكتابة سيناريو مكرر لخطاب مبارك بنفس العبارات المتأخرة التي تتحدث عن اقالة حكومة. ابني الوحيد الطالب بجامعة عين شمس موجود بالميدان وشاركته الاعتصام لان ابنها مثله مثل شهداء الثورة الذين قدموا ارواحهم فداء لوطن جديد ليلقيها الأمن في القمامة واضافت انها لن تترك الميدان الي ان يحاسب مبارك وكل من يتبع نظامه وختمت حديثها بقول: حسبي الله ونعم الوكيل في كل من اهان الشعب المصري والوطن الذي يستحق افضل من ذلك بكثير دموعه سبقت حديثه وكانت واضحة في خلفية المشهد احمد عبدالمعطي الرجل الذي تعدي الخمسين من عمره الذي بدأ حديثه لنا قائلا: فين بقي البلطجية والقلة المندسة اللي بيقولوا عليها؟ الشعب يختار مستقبله الان وعلي الجميع سماع صوته وتلبية رغباته.