والبعض يري إجراء الانتخابات المقبلة خيانة للثورة والثوار.. المعتصمون: مش عايزين نقتحم الداخلية.. والاعتصام من حقنا إذن.. جمعة الوثيقة تنتهي ويعاود أبو إسماعيل أحد الداعين إليها الكرة بأن يدعو الميدان للرحيل دونما أن يعتصم مثلما كانت الدعوة. الدعوة التي سبقت دعوات السلفيين والإخوان إلي التظاهر بالميدان لرفض وثيقة المبادئ فوق الدستورية التي وجهها نشطاء سياسيون كثر علي صفحات التواصل الاجتماعي فيس بوك لرفض المحاكمات العسكرية للمدنيين والتعجيل بتسليم السلطة ورفض المادتين9 و10 من وثيقة السلمي. والسؤال.. لماذا تطور المشهد داخل الميدان؟.. وماذا يريد المعتصمون؟ البداية.. ومع أولي خطواتي داخل ميدان التحرير كانت هناك لافتات تتضمن دولة مدنية وتسليم السلطة, ومع وصولي إلي منصات الإسلاميين بدأت المليونية بشعار دولة مدنية.. ونريد تسليم السلطة, لكن بالطبع سرعان ما عادوا إلي طبيعتهم لينادوا بالدولة الإسلامية.. وحينها سألت أحد السلفيين عن سبب تحول الهتاف, فأجاب نحن لا نريد تفريق الصف.. كلنا إيد واحدة. تركته لأستمر في رصد ما يحدث ويستمر الهتاف وبين الحين والآخر أري وجوها بعيدة كل البعد عما تنادي به المنصات مثل هاني عبدالراضي الذي أكد لي أنها مدنية الدولة ورفض المحاكمات العسكرية هو ما جعله يأتي إلي هنا كما وصلته الدعوة علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك. وكثيرون مثل هاني يتجمعون ليتحول الهتاف مرة أخري إلي الدولة المدنية وتسليم السلطة وإيقاف المحاكمات العسكرية, والحق كان وجود القوي المدنية جيدا داخل الميدان بل ووصل إلي الأغلبية مع اقتراب نهاية خطبة أبو إسماعيل, فقد خرجت مجموعات يسارية في مسيرات كبيرة داخل الميدان تؤكد إصرارها علي مدنية الدولة وتسليم السلطة واستوقف منهم عماد فرج أحد شباب حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي أكد أن الخطأ الأكبر هو ترك الميدان للقادمين من خارج القاهرة ليرفعوا شعاراتهم في الميدان. انتهت خطبة أبو إسماعيل كعادته بدعوة الميدان إلي فض الاعتصام, وهنا يبدأ التحول الكبير في مسار الميدان فيتجمع أنصار مدنية الدولة أمام المنصة ويطلبون منه تنفيذ وعده بالاعتصام مع أهالي الشهداء والمصابين ومجموعة كلنا مينا دانيال للمطالبة بسرعة المحاكمات لقتلة الثوار وتنفيذ أهداف الثورة.. فيأتيهم رد أبو إسماعيل الطيب أحسن ولو لم تتحقق مطالبنا سنقوم بالتصعيد, ويخرج من الميدان في سرعة. ومع بداية تفكيك منصة أبو إسماعيل تكشر القوي المدنية وأهالي الشهداء عن أنيابهم ويتجمعون أمام المنصة ويبدأ الشد والجذب الذي ينتهي ببعض المشادات حتي يخرج الإسلاميون من الميدان تماما وتبدأ القوي المدنية تنظيم صفوفها لتهتف ضد حكم العسكر والدولة الدينية, الهتافات التي بدأت تتصاعد وترتفع فور ورود أخبار تعديل الوثيقة لتصبح استرشادية وتعدل المادة الأولي لتضع الديمقراطية بدلا من المدنية ما اعتبره الجميع إرضاء واضحا للقوي الإسلامية التي تتظاهر حتي العصر, علي حد قول مينا بواكيم أحد نشطاء مجموعة كلنا مينا دانيال. وحتي الصباح يبقي الحال علي ما هي عليه, إلي أن تبدأ قوات الشرطة فض الاعتصام علي طريقة(28 يناير), رائحة الغاز المسيل نفسها الممزوجة بالخل والبصل والعزف نفسه المتبادل بالهتاف والحجارة, وفي المقابل الرصاص المطاطي والهراوات, المشهد لم يخل من العنف ولم يبتعد كثيرا عن مشهد يناير, لكن الإضافة هنا هو انضمام الألتراس في السابعة مساء بعد أنباء مقتل أحد مشجعي الألتراس في الإسكندرية, فيمروا من خلف مجمع التحرير لمواجهة قوات الشرطة التي كانت تضرب قنابل الغاز مباشرة إلي ميدان التحرير, ويبدأ توافد أعداد كبيرة خلف الألتراس يفوق العدد عند تقاطع قصر العيني مع شارع وزارة الداخلية ستة آلاف متظاهر, ليتأزم الوضع ويستمر الشد والجذب إلي أن تتقهقر قوات الشرطة إلي شارع وزارة الداخلية مرة أخري ويسيطر الثوار علي الميدان ويبدأون في وضع المتاريس مرة أخري. هذا ومع تصاعد الأحداث يظهر وجه خرج من الميدان بعد أن دعاه للاعتصام فيستبقه الثوار بالسخط.. إنه حازم صلاح أبو إسماعيل الذي بدأ كل ما حدث بمليونيته, تعليقات بدأها كريم كرم, محام, الذي قال لي أو بمعني أصح هتف في وجهي دول عايزين مصلحتهم وبس, والانتخابات المليانة فلول ودي خيانة للثورة والثوار, ولم يختلف الأمر كثيرا مع العوا الذي فر من الميدان هربا من أحذية المعتصمين. ويستمر الغاز المسيل للدموع طوال تلك المدة وفي استجابة منهم لدرس يناير يقوم المعتصمون باستخدام كمامات بلاستيكية ونظارات سباحة لمنع وصول الغاز إلي الرئتين أو العينين, خاصة الصفوف الأمامية. وترتفع الإصابات فيكتظ المستشفي الميداني بالقرب من هارديز الذي تحدثنا إلي إحدي طبيباته, التي رفضت ذكر اسمها, وأكدت أن معظم الإصابات ناتجة عن أعيرة مطاطية تسببت في جروح متوسطة, وأضافت أن كل الحالات التي تأتيها مصابة بالعين تحول علي الفور إلي مستشفي العيون الدولي بالدقي. أتيت من المنوفية لأرفض سيطرة الإسلاميين علي مجلس الشعب وعلي الدستور وأطالب بألا يذهب دم أصدقائي الشهداء هدرا تحت أقدام مجلس الفلول والإسلاميين.. هكذا بدأ محمود الورداني, أحد المصابين, حديثه لنا وهو يئن من آلامه. ولم يكن الأمر مختلفا مع صابر سليم, أحد المصابين, الذي أكد أن تعامل الشرطة كان قاسيا, فاستخدام الغاز كان مفرطا وتخوف المعتصمون من الهجوم عليهم هو ما يدفعهم إلي صد تقدم الشرطة إلي الميدان, أضاف: احنا مش عايزين نقتحم الداخلية.. لكن الاعتصام حق لينا وحقنا نرفع مطالبنا.