بعيد كل البعد ذلك المشهد الذي يراه زائر باريس اولندن اوطوكيو بمعارضها ومختبراتها عن ذلك المشهد الذي تجده في مكتب براءات الاختراع بأكاديمية البحث العلمي بغرفها المدفونة في احد ابنية القاهرة. ثلاثة شبابيك هي مكتب براءات الاختراع في مصر, يقف امامها المخترعون بين مؤيد ومعارض ومراقب, فيما جمعهم بؤس الحال, وضاقت بهم السبل بعد ان شيعوا افكارهم التي ماتت فقرا, او شاهدوها تختطف امام عيونهم, وذهبت ايديهم تجمع الاوراق وتقف منتظرة براءة الإختراع امام شباك نسيه الزمن وعجز عن حماية المقبولين من زبائنه معادلة صعبة تلك التي يجهد المخترع علي حلها عندما يجد نفسه امام خيارين, إما الاستمرار ببحثه العلمي وتجاربه المكلفة التي عادة ماتقطعها قلة السيولة, او الالتفات الي اهل بيته الذين ملوا حالهم بعد انصراف معيلهم الي مشروعات فكرية وابداعية لم تطعمهم الخبز,ولم تترك في جيبهم ثمنه. المشكلة الاهم هي ان اختراعات المصريين عاده ماتظل حبيسة الاوراق والسجلات سواء الرسمية او في ادراج مكتبة المخترع نفسه, وانطلاق هذه الادختراعات الي الحياة مرهون بمغامرة يقوم بها احد المستثمرين الشجعان ولكن ما قلهم في مصر كمايقول المخترع احمد المصري: هنا كحلقة مفقودة بين المخترع والمستثمر وكلاهما علي حق, المخترع لا يستطيع في الغالب اقناع المستثمر بجدوي اختراعه لانه لم يجرب بعد, ورأس المال اذا لم يضمن الارباح والنتائج لايقدم علي الاستثمار. اختراع البراءة المشاكل ترافق المخترع حتي في رحلته للحصول علي براءة الاختراع, الامر الذي يشعر هؤلاء المفكرين بأنهم ارتكبوا خطأ ماعندما اقترفوا ذنب البحث والتجربة, يقول المخترع احمد المصري: عادة مالايدرك القائمون علي تقييم المخترعات في مصر اهمية الاختراعات المقدمة للحصول علي براءات الاختراع وحماية المالكية, حتي انهم يستهزئون بها احيانا في الوقت الذي تنال فيه اختراعات مشابهة شهادات عالمية ويدعم المخترع احمد المصري كلماته قائلا: قمت في زمن سابق بطرح فكرة فرن اومحرقة للمخلفات الطبية والصلبة تنتج مياها صالحة للري الارض وذلك لتشجع الدولة والشباب علي استصلاح الصحراء التي تملأ مصر, وعندما عرضته علي لجنة التقييم بأكاديمية البحث العلمي في مصر, كان الرد بأن هذه الفكرة لا ترقي لمفهوم الاختراع, ولكنني عندما عرضتها علي رئيس جمعية المخترعين الكوريين اعجب بها, وعندما قمنا بالبحث حول هذا الموضوع وجدنا انها قابلة للتطبيق, وانها تحتاج شركة كبري لانتاجها وتسويقها في مختلف انحاء الدول العربية الفقيرة في مواردها المائية, في الوقت الذي لم يدرك المسئؤل عن براءة الاختراع في مصر جدوي الفكرة اصلا الوضع أشد سوءا عند الحديث عن حالة المصري الذي تقدم بطلب براءة لاختراع متخصص في محارق المخلفات الخطرة, ورغم ان الملف كان حاصلا كامل الموافقات من الجامعة الامريكيةبالقاهرة وجامعة المنوفية, الا ان هناك استاذا جامعيا بجامعة المنوفية مستعينا بجبروت احمد عز امين التنظيم فيا لحزب الوطني المنحل, وقف في وجهي لحرماني من التسجيل كاختراع مصري وكذا محاولة اغتيالي في هولندا وفقا للمصري في الوقت الذي نال فيه جائزة ذهبية عن نفس الاختراع في معرض كوريا الدولي للاختراعات خلال شهر اغسطس الماضي, اي بعد ثورة يناير بسبعة شهور تحول خلالها من مجنون الي مخترع يحمل شهادة دولية! الحماية من السرقة والرحلة الطويلة للحصول علي صك براءة الاختراع بين صد ورد جعل من المخترع لقمة سائغة للسرقة علي حد تعبير المخترع احمد المصري, فالمخترع يعرض فكرته بشكل كامل وصريح كأنه عبد في سوق النخاسة ثم تنتقل فكرته من لجنة تقييم الاختراعات الي جهة اخري في الجامعة للدراسة حيث تعرض هناك علي لجنة جديدة, لتعود بعدها الي لجنة التقييم للبت بأمرها ثانية, وسواء كانت النتيجة بالقبول اوالرفض فإن القيود المفروضة علي المخترع تعرضه للابتزاز والسرقة, في الوقت الذي لاتطلب الجهات المصدرة لبراءات الاختراع في اوروبا سوي معلومات عامة عن الاختراع تضم اسم الفكرة وصاحبها المشكلة والحل الذي يقدمه الاختراع وفقا للمصري وهل مطلوب انتتدخل منظمة الابداع والاختراع العالميةWIPO لنصرة العقول المبدعة في مصر. هذا الامر يطرح ضرورة ايجاد مايشبه الهيئة, اوالجهة المضمونة التي يمكن للمخترع الوثوق بهاعند تقديم كلما يتعلق بالاختراع وفقا لرئيس اتحاد المخترعين رامي صفوت الذي يقول: يرتبط الشكل الذي يجب ان يسلكه الاختراع لنيل البراءة بأشخاص يمكنهم قبول اورفض المشروع, والاولي ان تزخذ الموافقة شكل القانون, بحيث ينال المخترع براءة الاختراع في حال تحقق شروط محدد باختراعه كمايحدث في الدول المتقدمة,اضافة الي ضرورة اخضاع القائمين علي منح براءات الاختراع لدورات خارجية تمكنهم من فهم فكرة الاختراع آمال المخترعين تلك قد لاتندرج تحتما يعتبره اتحاد المخترعين من مهامه, فدور الاتحاد وفقا لرئيسه رامي صفوت ينحصر بتقديم دعم معنوي مناجل تحقيق ميزات ومكاسب تشجيعية للمخترعين, كما يلعب دور وسيط ايجابي منخلال مراسلة الجهات التي يري المخترع انها مناسبة لدعم اختراع, اوالجهات التي يري الاتحاد انهامناسبة لتقديم الدعم. وسواء كان لاتحاد المخترعين اثر ايجابي اواي اثر اخر, فإن الاثر السلبي لتهميشهم, وتجاهلهم في بلد يجهد لتطوير صناعته, هوماوجه امالهم نحوالبحث عن كوة يصرخون منها ليعلموا من حولهم أنهم موجودون, اوالالتفات عن طموحاتهم الكبيرة الي طلب الاعتراف بوجودهم,اوحتي السعي لمجرد البقاد في بعض الاحيان.