ربما لاتوجد جهة رسمية في مصر تعرف عدد المخترعين المصريين الذين فروا بعد أن فقدوا الأمل ووجدوا في جهات بحثية وعلمية في الخارج فضاء يتسع لمواهبهم..أحد الذين لم يلجأوا الي الخارج, شاب يعمل مهندسا في إحدي شركات البترول, اسمه حسام موافي, قدم أفكارا وابتكارات, ونال عن أحدها جائزة أوروبية, ومن الجائز أن نفقده ثم نفاجأ به نجما في سماء مؤسسة أجنبية تقدر مواهبه وتترجم اختراعاته إلي أجهزة نستوردها بأضعاف ما كان يمكن أن ننفقه لو وجهنا جزءا من الاهتمام لموهبته. هذا التحقيق عن العقبات التي تواجه المخترعين المصريين, هؤلاء الذين يريدون أن يقدموا حلولا بسيطة عبقرية, لمشكلات جماهيرية, ولكن المسئولين يديرون لهم ظهورهم, ويمثل هذا الإهمال أولي خطوات الطرد والتفكير في الهجرة. في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا جهاز لتنمية الابتكار والاختراع ترأسه المهندسة جانيت ابراهيم يوسف, وله دور في تسويق مخرجات الاختراعات والمشروعات البحثية وطرحها في الأسواق المصرية, وتقول إن لدي المخترعين المصريين أعمالا يمكن لونفذت أن يستغني بها عن نظيرتها المستوردة المستفيدة من الجهاز يجب أن تسهم في تصنيعه ولها الحق في احتكاره أوشراء حقوق الملكية الفكرية من المخترع من خلال اتفاق قانوني بين الطرفين وتضرب مثلا بمصنع99 الحربي الذي ساعد في تعميم استخدام اختراع جهاز إطفاء ذاتي للسيارة لتفادي الحرائق, وهو من ابتكار المخترع أيمن عوض, كما تبني محافظ كفر الشيخ اختراعا لماكينة تطهير المصارف الصغيرة من الرواسب والطمي وأمدت المحافظة المخترع حسن الدخاخني بمبلغ12 ألف جنيه, وصنع الجهاز في مصنع99 الحربي, وتم تعميمها في المحافظة. أفكار توفر ملايين ويرصد بعض العقبات أمام تنفيذ مشروعات المخترعين التي لو نفذت ستوفر ملايين الجنيهات للدولة, ومنها فكرة جهاز قادر علي إزالة القتب أعلي الظهر والذي ينتج عن طول الجلوس, أمام الكمبيوتر حيث لم تبد جهة رغبتها في تصنيعه وتسويقه وهو للدكتور حسام شومان وهناك جهاز لتنظيم استهلاك وترشيد المياه ذاتيا للمخترع سمير عبد العال, وقد بيعت منه عشر وحدات لشركة مياه الشرب بالاسكندرية ولكي يتم تعميمه فإنه يحتاج الي موافقة الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي.. ومازال الروتين عقبة.. كما قدم المخترع د. محمد خالد الحتو مشروعا شديد الأهمية يزيد سرعة الغسل الدموي وتمت تجربته علي أطفال مستشفي أبو الريش ونجحت التجارب بالفعل ولكن وزارة الصحة لم تقم بالخطوة التالية نحو تعميمه..وتضيف أن هناك اختراعات مطلوبة جدا, ولكنها مازالت مجرد مشروعات نظرية, ومنها نوع من الكمادات للمخترع د.عماد صادق, ولكن مازال في انتظار جهة تتبني تصنيعه. نموذج حسام موافي حسام موافي الذي بدأنا به هذا التحقيق نموذج للمخترع حيث فاز اختراعه لجهاز يمنع انفجار أنبوبة البوتاجاز بجائزة أوروبية, وله ابتكارات أخري منها جهاز أمان للتحكم في انسياب الغاز الطبيعي بمحطات الغاز والمنازل والسيارات, وجهاز يجعل محرك السيارة يعمل بالغاز والبنزين معا حيث يتحول المحرك للعمل بالغاز تلقائيا عند افراغ خزان البنزين والعكس, أما الابتكار الأخير فهو محرك متصل بجهاز يصل الي قاع بئر البترول وعند حدوث اشتعال يتم ضخ مركب مقاوم للحريق ويخمده سريعا بأقل تكلفة من الطرق الأخري. ويقول موافي إن فكرة اختراع جهاز مانع انفجار أنبوبة البوتاجاز جاءته من تكرار حوادث انفجار الأنابيب التي يسببها ارتفاع الضغط الشديد للغاز دخل الأنبوبة لتعرضها للحرارة.. وهذا الجهاز الذي يوضع عند محبس الأنبوبة يعمل علي خفض ضغط الغاز عند ارتفاع الحرارة فيمنع انفجار الأنابيب. وأضاف أن هناك أجهزة مثيلة لاختراعه بمحطات الغاز لكنها مستوردة أما ابتكاره المحلي فهو مختلف من حيث المكونات كما أنه أقل في السعر بكثير ويسهل تصنيعه ويقول إن وزارة البحث العلمي كرمته أربع مرات كما شارك في المؤتمرات ومعارض دولية لكن وزارة البترول التي يعمل فيها لم تكن ولم تحاول تبني مشروعي الذي يوفر علي الدولة وعلي الوزارة الكثير علي الرغم من علمهم باختراعه.. تفتيت حصوات الكلي أما المهندس خالد ياسين فقد استطاع أن يبتكر جهازا مصريا100% لتفتيت حصوات الكلي ولكن يأسف لعدم وجود أي تشجيع في بداية مشواره لكنه واصل إصراره ومن خلال عمله في مستشفي المطرية كفني اجهزة طبية استطاع فهم مكونات هذه الأجهزة واستوعب كيف تعمل وبعدها عمل علي تصنيع اجهزة مشابهة ثم قام بتطوير اجهزة افضل كثيرا من المستوردة وأقل تكلفة ويقول إن فكرة الجهاز جاءته من حفار الأسفلت فابتكر جهازا مشابها لكنه بالطبع مختلف عنه في الحجم والوظائف لأنه يعمل عن طريق دائرة إلكترونية تولد نبضات كهربائية يحولها الجهاز إلي نبضات هوائية ثم تتحول لنبضات ترددية في المقبض الخارجي للجهاز, ويتصل هذا المقبض بمنظار طبي يخترق جسم المريض ويستطيع تفتيت الحصوات بسرعة شديدة وبدون ألم. واضاف انه عرض عليه200 الف جنيه مقابل شراء ابتكاره ولكنه رفض وعلل ذلك بأن البديل الأجنبي يبلغ ثمنه ما يعادل160 الف جنيه مصري وهو أقل من ابتكاره في النتائج وأكبر منه حجما بشهادة جهات رسمية منها وزارة الصحة وأضاف انه يتمني العثور علي مستثمر أو جهة مصرية تقوم بتصنيعه في مصر. ويقول ان المجر كرمته في المؤتمر الأول للمخترعين ومنحته شهادة الدبلومة المجرية في الاختراع وميدالية التفوق وتمني أن تكون هناك جهة مهمتها رعاية وتوفير الدعم المالي للمخترعين وربطهم بالمستثمرين وكذلك احياء دور جمعية المخترعين المصرية والحد من الروتين الذي يعرقل عمل المبتكرين سواء في مكتب براءات الاختراع أو جهاز تنمية البراءات. تدوير المخلفات الدكتورة هبة الرحمن أحمد الصباغ التي فازت بجائزة الجينيس الأوروبي, وتعمل باحثة بالمعهد القومي لبحوث البناء والإسكان, وتقول إنها نجحت في اختراع جهاز يعمل علي تغيير التركيب الداخلي لبعض المواد بمعالجتها بأشعة الليزر فتعطي صفات وخواص أعلي لاستخدامات مختلفة, وتضيف أنها سجلت من قبل ابتكارات وتم تنفيذ بعضها في الصناعة منهم مادة مركبة لتصنيع قطع الغيار. وتدوير مخلفات صناعة الرخام والجرانيت وقوالب لتصنيع مساحيق المعادن والمواد المركبة, كما اخترعت تصنيع مادة مركبة للتطبيقات الصناعية والاسنان, وماكينة لتحسين سبائك التايتنيوم بالمعالجة بالليزر, وماكينة المواد المركبة ذات الأشواط الأربعة. وعن التعاون الحكومي معها تقول: لم ألق ترحيبا بابتكاراتي وكل ما اطالب به هو وجود استثمار فعلي من قبل الوزارت المصرية وأيضا اشراك القطاع الخاص أو دعم وتحويل واستثمار مشروعات المخترعين التي يمكن ان تفيد مصر, وتوضح ان مكتب براءات الاختراع وجهاز تنمية البراءات بهما آلاف الاختراعات لكنها مركونه علي الرف. جهاز لإزالة الألغام أما محمود الباز فهو طالب بكلية الحقوق جامعة الاسكندرية وقد اخترع جهازا لكسح الألغام التي ابتليت مصر بها خاصة في الساحل الشمالي الغربي والقضاء عليها بالطرق اليدوية التقليدية يحتاج إلي وقت زمني طويل جدا ويصف هذه الطريقة بأنها عقيمة ومكلفة بشريا وماديا ولا يزال ضحايا الألغام بالعشرات يوميا حيث يوجد بمصر ثلاثون مليون لغم من إجمالي اكثر من120 مليون لغم في العالم علي حد قوله. تكلفة ازالة اللغم الواحد تبلغ بحسب تقارير عالمية من300 إلي1000 دولار وقد بلغت ضحايا الألغام علي مدي آخر عشرين سنة في منطقة العلمين أكثر من9000 حالة وفاة و38000 مفقود في الصحراء و8000 اصابة بالعاهات المستدمة والجديد في اختراعي أن هذه الآلة يمكن أن تغطي مساحات شاسعة من الأرض فيتم تطهيرها في زمن قياسي بالمقارنة بالطرق التقليدية ويتميز الجهاز بأنه يعمل بالريموت كنترول وبذلك نضمن عدم تعرض الأفراد للخطر مع توفير الوقت والجهد والمال كما يمكن تسويقه محليا والاستفادة منه عالميا اذا تم استثماره وقال انه حصل علي براءة الاختراع ولكن فشل في العثور علي جهة تتبني تنفيذه ولكنه تلقي وعدا من الدكتور عصام حجي الباحث بمركز ابحاث وكالة ناسا الفضائية, بعرض هذا المشروع علي وكالة ناسا, وطلب منه بعض المعلومات. رحلة الاختراعات هذه نماذج لمخترعين في بلد يوجد به مكتب براءات الاختراع التابع لقطاع التنمية التكنولوجية والخدمات العلمية بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا مهمته حماية حقوق الملكية الفكرية للمخترعين, وذلك بإصدار براءات اختراع للطلبات المقدمة التي تتوافر في موضوعاتها الجدة والابتكارية والقابلية للتطبيق الصناعي, وقد انشئ مكتب براءات الاختراع عام1950 وبدأ نشاطه في عام1951 تابعا لوزارة التجارة وأوكلت إليه مهمة تلقي طلبات براءات الاختراع وفحصها وإصدار القرارات بشأنها, إلي أن صدر القرار الجمهوري رقم543 لسنة1969 مقررا أن تتولي وزارة البحث العلمي مباشرة الاختصاصات المنصوص عليها بقانون براءات الاختراع رقم132 لسنة1949, وتتمثل أهداف المكتب في تسجيل طلبات براءات الاختراع للمحليين والأجانب, وحماية واصدار البراءات المختلفة, أيضا جمع وثائق البراءات من جميع دول العالم وترتيبها وتصنيفها لخدمة الفاحصين والمستفيدين الخارجيين وتشجيع المخترعين والمبتكريين المصريين. وبمجرد انتهاء دور مكتب براءات الاختراع يبدأ دور جهاز تنمية براءات الاختراع التابع لنفس القطاع ويهدف هذا الجهاز إلي تنمية الوعي الابتكاري وحشد وحفز القدرات الابتكارية والتكنولوجيا الوطنية المبدعة بشتي الوسائل المادية والأدبية والوصول بهذه الابتكارات إلي درجة الاستغلال التكنولوجي, وقد تم افتتاح المرحلة التطويرية للجهاز في يوليو2001, كما يهدف إلي تشجيع وتصنيع النماذج الأولي للابتكارات والاختراعات المصرية المتميزة التي تؤدي إلي توليد تكنولوجيا وطنية, والمساهمة في تنسيق الجهود الوطنية لتنمية القدرات الابتكارية خاصة بين شباب المبتكرين من خلال دعم النوادي العلمية واتحادات المبتكرين والمخترعين والجمعيات الوطنية الخاصة وإقامة معارض ومسابقات سنوية لاختيار أفضل الابتكارات والاختراعات المختلفة ومنح الفائزين جوائز مالية وعينية, وكذلك إلقاء الضوء علي خصائص الابتكارات والاختراعات المصرية المتميزة وذلك بوسائل الإعلام المختلفة وإقامة المعارض وعقد اللقاءات وورش العمل, وأيضا العمل علي إعلام وتشجيع الهيئات الصناعية والمنظمات الاستثمارية بكيفية تبني واحتضان الابتكارات والاختراعات المتميزة في المجالات المختلفة وإيجاد السوق المناسب لها, وتخصيص نسبة من رءوس أموالهم واستثمارها لتحقيق هذا الهدف وإدخال منتجات جديدة إلي الأسواق والاستفادة من العائد منها في إطار القواعد المنظمة والمشجعة. ويتبع هذا الجهاز لجنتان هما لجنة فحص ودراسة البراءات بهدف التحديد المبدئي للبراءات القابلة للتسويق, ولجنة إدارة مشروع عقد اتفاق التعاون المبرم بين الصندوق الاجتماعي للتنمية وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا. ويقول الدكتور ماجد الشربيني رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا إنه سيتم العمل بأسرع ما يمكن علي تطوير مكتب براءات الاختراع بالأكاديمية وتطوير أدواته ليصبح مكتبا عالميا كما سيتم تلافي سلبياته خاصة الروتين وتزويده بأحدث التكنولوجيات وتدريب العاملين به بما يمكنهم من تسهيل مهمة المتقدمين لتسجيل براءات الاختراع وتذليل جميع العقبات أمامهم موضحا أنه يتقدم سنويا بطلب البراءات حوالي1500 مخترع يحصل في النهاية منهم علي براءة اختراع300 بعد الموافقة وتكون المفاجأة عندما تجد أن الباحث ليس لديه مقدرة علي تصميم النموذج الأولي وبالتالي نحتاج إلي متخصصين ومنفذين يتشاركون مع صاحب الفكرة في تنفيذها لذلك فكرنا في إنشاء ما يسمي بوحدة التصميم الصناعي وهي تابعة لوزارة البحث العلمي والتي ستبدأ عملها في2010/7/1 وسوف يكون مقرها كلية الفنون التطبيقية قسم التصميم الصناعي لأن بها كل المتخصصين الذين يمكنهم تنفيذ أي نموذج أولي وهناك أيضا لجنة مختصة لتقييم تلك البراءات. أين جمعية المخترعين؟ أليست هذه جريمة كبري في حق العقل المصري؟؟ بهذا السؤال بدأ الدكتور إبراهيم خليل رئيس جمعية المخترعين والمبتكرين المصريين كلامه قائلا إن الجمعية موجودة ومشهرة برقم3260 غرب مدينة نصر لكن ليس لها مقر في الوقت الحالي وليس هناك اجتماعات ولا مخترعون وليس هناك ميزانية أو تمويل وأدي ذلك إلي يأس الأعضاء ولم يعد أحد منهم يهتم بالحضور إلا قلة قليلة جدا منهم حيث نجتمع في معمل التحاليل وكنا قبل ذلك نجتمع بمكتب براءات الاختراع التابع لأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا, والأزمة هنا في أمرين أن الدولة لا تعترف بوجود مخترعين مصريين وبالتالي لا تهتم بهم أو بحاجاتهم أو حتي بتوفير حد أدني من المساعدة لهم. الأمر الثاني أن الدولة أصلا لا تهتم بالعلم مع أن أساس نهوض أي أمة من الأمم وأي مجتمع من المجتمعات هو النهوض بالعلم فالعلم يعتبر الحل الرئيسي لكل المشاكل وهو الذي يصل بالدولة إلي العالمية..