أصبحت العشوائيات في مصر أمرا واقعا في أي مكان تذهب إليه تجدها.. الدويقة واحدة من أكبر وأقدم المناطق العشوائية المحرومة حيث لايسر حال سكانها عدوا ولا حبيبا.. جوع.. أطفال حفاة متسخو الملابس.. السيدات يتجولن وسط البيوت ويحملن في أيديهن الجراكن والأواني ليملأنها بمياه الشرب من منطقة بعيدة.. أسلاك الكهرباء تحاصرهم من الجو انعدام المرافق.. وكثير من الفقر, قليل من التعليم. الدويقة المثال الصارخ في العاصمة علي الحال الذي وصلت إليه العشوائيات فيقول خالد فتحي أعمل نجارا في العتبة وأسكن في الدويقة منذ18 عاما بعد الزلزال لأن منزلنا أنهار في منطقة الخليفة ويسكن هذا البيت3 أسر, بيتي مكون من غرفتين وشقيقتي متزوجة وتعيش معنا في البيت, وابن خالتي يسكن في الغرفة الموجودة بالطابق العلوي. ويواصل رصد مأساته الغرف ضيقة ولا نستطيع الحصول علي مسكن خارج المنطقة خاصة أننا ندفع150 جنيها إيجارا لكل أسرة والشغل قليل, أهم مشكلة لدينا هي عدم وجود مرافق والمياه لا نجدها. وأضاف أن السيدات والأطفال يأخذون الجراكن ويملأون المياه من بعيد, وأحيانا تمر سيارة نقل بها تنك مياه تبيع لنا جركن المياه بجنيه ونصف الجنيه, ونحن اعتدنا هذه الحياة وأصبحت أمرا طبيعيا حيث عند استيقاظنا من النوم نتجه لملء المياه, بينما لايوجد صرف صحي, خاصة أننا حفرنا آبارا لمياه الصرف وعندما يحدث لها انسداد تطفو علينا مياه المجاري. ويلتقط اطراف الحديث حسين السيد ليقول أعمل سباكا في النهضة وأحصل علي أجر يومي40 جنيها, أنفق15 جنيها في المواصلات ومصاريف أخري لزوم الافطار والسجائر أثناء العمل, بينما أعود للمنزل ومعي15 جنيها وأنا متزوج ولدي ثلاث بنات وأسكن في غرفة لها حمام مستقل يإيجار شهري200 جنيه في الشهر. ويصمت قليلا ويقول الناس هنا زهقت من العيشة الضنك مافيش دخل ثابت, لاتوجد مياه للشرب ولا كهرباء ولا تعليم ولا رعاية صحية وتنتشر البلطجة والمخدرات والمشاجرات ولن تجد شخصا لديه عداد للكهرباء بينما نقوم بتوصيل أسلاك للكهرباء من علبة الكهرباء والأسلاك طائرة أعلي الغرف التي نسكنها, وأحيانا الأطفال يصعقون من الكهرباء خاصة الذين يسكنون الغرف الموجودة في الأدوار العلوية. ويكمل حسين جاء لنا بعد ثورة يناير رئيس الحي أكثر من مرة وآخر مرة منذ أسبوعين وقال إحنا سنزيل هذه البيوت ومنا من قال موافق علي الازالة, لكن نحصل علي شقة في أي مكان, وهناك كثيرون لم يوافقوا علي الازالة الا بعد أن يحصلوا علي شقق في منطقة سوزان مبارك بالدويقة لأن هنا أكل عيشهم فلا يريدون البعد عن المنطقة. ويوضح حسين هناك ظلم وقع علينا بعد ثورة يناير فهناك أسر لم تكن تسكن هنا وحصلت علي شقق بمساكن سوزان مبارك لأن لديها واسطة في الحي, ولكن السكان الحقيقيين لم يحصلوا علي حقهم في مسكن آدمي. وتضيف صفاء متولي لدي8 أولاد ونسكن في غرفتين وبهما حمام وبالصالة المطبخ والصالة متر في2 متر, وابني الأكبر في السجن يقضي عقوبة لمدة عام لأنه تشاجر مع ضابط أثناء المطالبة بسكن وقام بالقبض عليه وأتهمه في قضية سرقة وذلك قبل اندلاع ثورة25 يناير بأسبوع واحد, ولدي أولاد آخرون ما بين8 و15 عاما وكلهم لم يلتحقوا بالمدرسة, وتابعت زوجي سائق وليس لديه رخصة يقود سيارة جيب قديمة التي تنقل الركاب بالأجرة من الدويقة حتي مساكن خلف الوحايد, والدخل محدود فهو يكفي الأكل والشرب بالعافية يبقي هنعلم ولادنا إزاي نحن لا نقدر علي مصاريف التعليم وندخل في مشكلة مجموعات التقوية والدروس الخصوصية. وتلتقط أطراف الحديث رضا فؤاد التي قالت أنا أرملة ولدي بنتان وولد, بنتي في الصف الثالث الاعدادي, وتضيف البلطجة في الدويقة زادت بعد أحداث الثورة والناس همهم دفع إتاوات لشخصيات بعينها لأنهم يخافون علي بناتهم من التعرض لأي مشكلات مثل الاغتصاب, فضلا عن دفع15 جنيها للكهرباء دون وجه حق ويأخدهما شخص كل الذي يفعله أنه يوصل لنا الأسلاك فقط وياريت إحنا ندفع هذه الفوس للحكومة وإذا رفضنا أن ندفع يقول لنا إدفعوا حتي لا تكونوا سببا في أئي بناتكم. وتطالب بسكن آدمي بدلا من الغرفة التي نسكنها خاصة أنها ضيقة ولا تسعنا حيث ينام الولد والبنت بجوار بعضهما مثل القطط, وهناك من يقول لنا أننا سننقل إلي مدينة6 أكتوبر في شقق, الشقة فيها عبارة عن غرفة وصالة وحمام ومطبخ ولكنها بعيدة عن القاهرة ومعظمنا شغلهن هنا والدخل محدود فإذا ذهبنا إلي أكتوبر سننفق دخلنا في المواصلات وهناك من انتقل بالفعل من سكان الدويقة إلي مساكن6 أكتوبر ولكنهم لم يشعروا بالانسجام هناك فباعوا الشقق وعادوها مرة أخري إلي الدويقة وبنوا غرفا وسكنوها أما سلوي ناصر فتقول أسكن في غرفة مع أولادي وكثيرا ما تطفح مياه المجاري من أسفل الغرفة نظرا لتشبع الأرض بها مما جعلنا معرضين للأوبئة والأمراض, والسلم في العقار الذي تسكنه أنهار مرتين والعقار تسكنه5 أسر كل أسرة في غرفة وبالعقار حمامان واحد مشترك في الدور الأرضي والآخر في الدور العلوي تستخدمه الأسرتان والجدران بها شروخ ولا ننام ومتوقعون إنهيار البيت علي رءوسنا. وتضيف هناك سكان في المنطقة تغلب عليهم صفات البلطجة وأثناء الثورة اقتحموا الشقق الخالية بمساكن سوزان وتشاجروا مع بعضهم البعض والذي فاز في المشاجرة هو الذي حصل علي الشقة وحدثت إصابات بالغة بسبب هذه الشقق وإلي الآن هؤلاء البلطجية لم يتركوا الشقق, بالاضافة إلي أن هناك منطقة كانت أرضا فضاء بجوار مساكن الوحايد وكلها أثناء الثورة بنيت غرفا وقامت الحكومة بتنفيذ الازالة ولكن عاد الأهالي وقاموا ببناء الغرف مرة أخري وسكنوها ومنهم من قام بإيجارها. وتواصل سرد همومها هنا تنتشر تجارة المخدرات والحبوب المخدرة سيدات ورجال يقومون ببيعها بجانب الدعارة وأصبحنا في موضع الشبهات, الناس خارج الدويقة يقولون عنا اننا تجار مخدرات ونمارس الدعارة بينما فينا كثير من الشرفاء, نطلب فقط مأوي آدميا وكوب ماء نظيفا هذه مطالبنا ولا نريد أكثر من ذلك, كما أن المستشفي بعيد عنا ويوجد في منطقة الحرفيين, أما في الوحايد فلا توجد رعاية طبية ولا علاج وكل شيء ندفع له فلوس سواء تحاليل أو أشعة. وتضيف مي عاطف طالبة بالصف الأول الثانوي قائلة حصلت علي230 درجة في الاعدادية وأشكو من عشوائية المكان حيث ينعدم الأمن, كما أن التسرب من التعليم يعتبر مشكلة كبري تصنع جيلا من الضائعين الذين يتجه بعضهم لبيع المخدرات أو للتسول أو السرقة. ومن الدويقة إلي منطقة الساحل إلي شارع الآبار المتفرع من ساحل روض الفرج حالة الناس لا تختلف عن الدويقة إلا أن سكان هذا الشارع العشوائي معظمهم من مركز ديروط بمحافظة أسيوط هربوا من الفقر والجوع حالمين بأن الأموال في القاهرة ستكون أكثر, ولكنهم صدموا بالواقع حيث عاشوا في معاناة طيلة25 عاما في شارع الآبار, معظم الأسر في الشارع تتكون من7 أفراد فأكثر يسكنون في غرفة واحدة الرجال سائقو سيارات نقل بعضهمم لديه رخصة قيادة ومن لم يستطع الحصول عليها محمد صابر سائق سيارة نصف نقل يشكو من قلة الشغل ويقول الدخل محدود ندفع الايجار150 جنيها وأنا متزوج ولدي4 أولاد وأسكن مع والدتي في الغرفة. وتضيف ثناء فاروق زوجي ترك المنزل منذ3 سنوات لكثرة المصاريف وقلة الدخل ومعظم السيدات هنا إما مطلقات أو أرامل وكلنا نعيش في غرفة منفردة بالايجار فمنا من يدفع150 جنيه إيجارا شهريا غير استهلاك الكهرباء والمياه. وتقول مها عبد الدايم زوجي في السجن منذ4 سنوات وأنا أعيش مع والدتي وليس لنا مصدر دخل ونسكن في غرفة واحدة بينما أمي تدفع200 جنيه إيجارا للغرفة والصالة والحمام ونحن كلنا نريد شققا في أي مكان. ويقول شحاتة خلف عمري30 عاما ولم أستطع أن أتزوج لأنني لا أملك مقدم شقة وهذا هو حال معظم الشباب في المنطقة, ولدينا أمل في الحكومة الحالية أن تنظر إلينا خاصة أن الحكومة السابقة لم تهتم بنا وكانت تعتبرنا عبئا علي الدولة. توجهنا بكل هذه الشكاوي إلي اللواء ياسين عبد الباريء رئيس حي منشية ناصر للوقوف علي حقيقة الأمر الذي أكد أنه يتم التطوير في المناطق العشوائية حيث تم البدء بشارعي الأقصر والعروبة بمنشأة ناصر, فضلا عن أنه تم عرض مشاكل المياه والصرف الصحي علي محافظ القاهرة الدكتور عبد القوي خليفة وبالفعل بدأ الاهتمام بها. وقال انه يقوم بمتابعة مع المواطنين من خلال اللقاءات الجماهيرية في مناطق سكنهم للوقوف علي حل هذه المشاكل التي تواجههم لافتا إلي أنه تم تسكين750 شقة في منطقة سوزان مبارك الدويقة الجديدة,240 شقة في6 أكتوبر, بالاضافة إلي أنه يتم عمل حصر للمناطق الخطرة التي وصل عددها إلي750 فضلا عن مطالبته ب1000 شقة لتسكين باقي المواطنين وذلك بالمتابعة مع نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية.