إذا كان بعض المحللين يرون أن أحد محركات الصراع العالمى يرتبط بمواقع الموارد الطبيعية، ثروات معدنية وزراعية وبشرية أو جغرافية، فإن تأمين هذه الموارد يعد الأصعب عمليًا، منذ طور أدوين دريك ابتكاره لاستخراج البترول مس جنون النفط عقول المستكشفين، تعقبوه فى مكامنه، حياة مفعمة بالقسوة وغياب القانون عاشها الغرب الأمريكي، اختزلها أدوين فى عبارته الشهيرة «مسدسى هو القانون». مع تطور تقنيات الإنتاج وكذلك وسائل النقل البحرية، انتعشت تجارة النفط العابرة للقارات، سواء فى حاويات عملاقة يمكنها نقل نحو ثلاثة ملايين برميل فى الرحلة الواحدة، أو خطوط أنابيب تمتد جغرافيًا من الدول المُصدرة إلى المُستوردة. من ثم، فإن تأمين إمدادات الطاقة، بكل أنواعها، يعبر عن مستوى استقرار الإمدادات اللازمة للتنمية الاقتصادية، تترجم إلى أسعار ترتفع بارتفاع المخاطر، والعكس صحيح. تشمل التهديدات التى تواجه مصادر الطاقة، تهديدات طبيعية، بمعنى توافرها فى مناطق ذات طبيعة غير مستقرة تتهددها الأعاصير والبراكين، أو مرور الناقلات عبر مسارات مائية ذات طبيعة ملاحية معقدة، يطلق عليها النقاط المختنقة Choke-points، وهناك المخاوف الفنية المرتبطة بتحديات عمليات الاستخراج أو التكرير، وأيضًا التهديدات الأمنية المرتبطة باحتمالات تعرض مسارات نقل الوقود إلى تخريب متعمد، كما حدث فى خط إمداد الغاز الطبيعى من مصر إلى الأردن عدة مرات بعد يناير 2011، أو وقف استخدام هذه المسارات جراء اضطرابات عرقية، كما فى إقليم كردستان الذى يمر به إمدادات البترول التركي، أو رد فعل لانقسامات داخلية، ودعوات بالانفصال كما حدث فى جنوب السودان، أو بكوارث طبيعية كتلك التى وقعت فى اليابان مارس 2011 متبوعة بموجات تسونامى مدمرة، وأخيرًا جراء استخدام طائرات درون فى ضرب ناقلات نفط بميناء الفجيرة الإماراتى تلاها استهداف محطتى ضخ فى محافظتى عفيف والدوادمى بالمملكة العربية السعودية. تشير إحصاءات يناير 2018، إلى استخدام نحو عشرة آلاف ناقلة بحرية لنقل كل من البترول الخام والغاز الطبيعى حول العالم، منها 7400 ناقلة للبترول، وقرابة الألفين للغاز الطبيعى المسال تمر عبر موانئ العالم، أهمها على الترتيب من حيث عدد براميل النفط المارة بها يوميا بالمليون، مضيق هرمز (17)، مضيق ملقا (15،2)، مضيق باب المندب (3،8)، قناة السويس (3،2)، مضيق البسفور (2،9)، توصف أيضًا بأنها نقاط مختنقة، من ثم فإن تعرض إحداها لتهديدات أمنية يؤثر سلبيًا فى أسواق البترول العالمية. الجديد فى الاعتداءات التى حدثت فى كل من الإمارات والسعودية تمثل فى استخدام الطائرات المُسيرة عن بعد، درون، والتى رغم صغر حجمها إلا أنها تحدث خسائر كبيرة فى وقت خاطف وتتطلب إمكانات كبيرة للتصدى لها، بحسب ما نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، ونقلته جريدة الشرق الأوسط فى عددها الصادر بتاريخ 18 مايو الجاري. إلا أن الأخطر يكمن فى إمكانية جماعات منشقة، وليس دولاً، امتلاك هذه الطائرات وتطويرها واستخدامها فى عمليات تخريبية. لا شك أن استقرار الخليج يؤثر مباشرة على استقرار أسواق النفط، خاصة المملكة العربية السعودية، أكبر منتج للبترول فى منظمة الأوبك، ورمانة ميزان الإمدادات سواء حال انخفاض انتاج النفط الإيرانى جراء العقوبات الأمريكية، أو التهديدات الإرهابية، الأمر الذى يجعل بناء قبة إلكترونية قادرة على رصد طائرات الدرون والتعامل معها قبل تنفيذ أهدافها أحد التحديات الكبيرة التى ستواجه دول المنطقة، سواء فنيًا أو ماليًا، عدا ذلك ترتفع احتمالات تكرار ما حدث من هجمات فى الإمارات والسعودية.