إن الناظر فى أحوال الناس فى هذا الشهر الكريم يجد بعض السلوكيات الوظيفية الخاطئة خاصة من الموظفين الذين يتعاملون مع الجماهير حيث تجد البعض منهم يتكاسل ويهمل فى أداء عمله الذى يأخذ عليه أجرًا ويعطل مصالح الناس ويلحق بهم الضرر بدعوى أنه صائم والبعض يقوم باستغلال أوقات العمل فى قراءة القرآن وهذا لا يجوز فى شهر رمضان أو غيره من الشهور لكونه يقوم بهذا أثناء أوقات عمله المخصص لخدمة الجمهور ويقوم بتعطيل مصالح الناس. وأمثال هؤلاء يعطون انطباعًا سيئًا عن شهر رمضان، لأن شهر رمضان ليس شهرًا للبطالة والتراخى والتكاسل والراحة وإنما شهر الجد والعمل والإتقان والإنجاز والمتأمل فى تاريخ المسلمين يجد أن الكثير من الفتوحات والانتصارات والبطولات تحققت فى شهر رمضان وهم صائمون. إن الله تبارك وتعالى لم يكلفنا بالصيام لنترك العمل ونعطل مصالح الناس فإن ذلك يتناقض مع مقاصد الصيام فالصيام من غاياته العظمى تحقيق التقوى كما قال الله تعالي: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» البقرة «183» ولا تتم التقوى إلا بتحرى أكل الحلال واجتناب الحرام والشبهات وذلك بأداء الموظف العمل المكلف به على أحسن وأكمل صورة دون خلل أو تقصير أو تعطيل لمصالح الناس ووضع العراقيل والمشاق أمام قضاء حوائجهم أو الهروب من مقابلتهم وغلق أبواب مكتبه على نفسه فعن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ يَقُولُ فِى بَيْتِى هَذَا: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِأُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ» رواه مسلم، فالجزاء من جنس العمل فمن رفق بالناس رفق الله به، ومن شق عليهم شق الله عليه. إن الصيام وغيره من الأعمال لا تقبل إلا بأكل الحلال فعن أبى هريرة أن رسول الله قال: (يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: «يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ “ المؤمنون: 51، وقال: “ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ “ البقرة: 172، ثم ذكر الرجل يُطيل السفر أشعث أغبر، يَمد يديه إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومَطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذى بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك» رواه مسلم.