د. عبدالوهاب القرش مدير مركز الطبرى للدراسات الإنسانية إن من أجلّ الضوابط التى ينبغى أن تتوافر فى صيام شهر رمضان المبارك حتى يكون صيامًا مقبولاً أن يكون الزاد من الحلال الطيب، والمطعم من الحلال، وهى وصية الله لعباده المرسلين عليهم الصلاة والسلام أجمعين، يقول الإمام ابن كثير رحمه الله: «فدل هذا على أن الحلال عَون على العمل الصالح، فقام الأنبياء، عليهم السلام، بهذا أتم القيام. وجمعوا بين كل خير، قولاً وعملاً ودلالة ونصحًا، فجزاهم الله عن العباد خيرًا» ثم نقل عن الحسن البصرى رضى الله عنه: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} قال: أما والله ما أُمِرُوا بأصفركم ولا أحمركم، ولا حلوكم ولا حامضكم، ولكن قال: انتهوا إلى الحلال منه. وعن سعيد بن جبير، والضحاك: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} يعنى: الحلال. ويرشدنا إلى هذا الفهم أيضاً حديث سيدنا أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (المؤمنون: 51) وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (البقرة: 172) ثم ذكر الرجل يطيلُ السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذى بالحرام، فأنى يستجاب لذلك». يقول القرطبى: «وهذا استفهام على جهة الاستبعاد من قبول دعاء من هذه صفته، فإن إجابة الدعاء لا بد لها من شروط فى الداعى وفى الدعاء وفى الشىء المدعو به، فمن شرط الداعى أن يكون عالماً بأن لا قادر على حاجته إلا الله، وأن الوسائط فى قبضته ومسخرة بتسخيره، وأن يدعو بنية صادقة وحضور قلب، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ، وأن يكون مجتنبا لأكل الحرام، وألا يمل من الدعاء...». فمن أراد أن يصوم رمضان إيمانا واحتسابًا لله رب العالمين فعليه أن يخلص نيته، وأن يطهر مطعمه وملبسه، وأن يطهر قلبه، وأن يترفع عن الكسب الخبيث، حتى يصير أهلاً لمثل هذه العبادة العظيمة، ومن ثم يخرج من الشهر الكريم بلا ذنب، يقول صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غُفر له ما تقدم من ذنبه».