يقول الله تعالي في محكم التنزيل وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما علي رسولنا البلاغ المبين, ليس علي الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا واحسنوا والله يحب المحسنين. في الاية القرآنية الأولي: أمر بطاعة الله وطاعة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم فيما بلغنا عن ربه, وبما أوضح وبين, وفيه خير الدنيا وسعادة الآخرة, ثم التوجيه القرآني بأن يكون المؤمن حذرا: حذرا من وساوس النفس, حذرا من غرورها وهواها وغفلتها, حذرا من وساوس الشيطان وغوايات الأشرار. وباختصار: الحذر من كل ما يخرج أو يضل عن الطاعة الكاملة لله ولرسوله, أمرا, أو نهيا, أو ترجيحا, أو استحسانا. ونتوقف قليلا عند كلمة الاستحسان وهي من أصل كلمة الحسن المصدر.. كم مرة وردت كلمة الحسن ومشتقاتها مثل: حسن, أحسن, الإحسان, الحسان, الحسني في القرآن الكريم؟ أكثر من مائة وتسعين مرة, موزعة في السور بمعانيها ودلالاتها المتنوعة. آلا يلفت ذلك نظرنا إلي شيء؟ نعم: إلي أن الحسن مطلوب عند المؤمن في كل قول, وسلوك, وعمل لنتأمل مثلا قوله تعالي: وقولوا للناس حسنا الاستخدام هنا للمصدر.. لأصل الكلمة, ومنها يتفرع كل حسن, ومبدع, وجميل, في توجيه وعد من سياق الآية لبني إسرائيل: وإذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربي واليتامي والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وإتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون. بعد الأمر بالتوحيد والعبادة الخالصة لله, ثم الإحسان إلي الوالدين, وإلي ذوي القربي واليتامي والمساكين وهذا كله يدخل في باب الذوق الإنساني الرفيع النبيل, كما سيأتي فيما بعد, أمرهم سبحانه أيضا بأن يقولوا للناس حسنا ثم أمرهم بعد ذلك بالصلاة والزكاة كأنما الحسن في القول, ولكل الناس, هو التهيئة أو هو الأرضية الصالحة للعبادة: لإقامة الصلاة, وإعطاء الزكاة, كأنما كل من يبر والديه ويكرم الأقرباء والأهل واليتامي والمساكين, ثم يحسن القول لفظا وحديثا ومخاطبة وحوارا وبيانا وتبليغا, يكون أقرب إلي حسن القول, وحسن العبادة, وحسن الاقتراب من رحمة الله ورضوانه, وأقرب إلي الدخول الصحيح في الإسلام, والارتقاء السريع في مدارج الإيمان واليقين باخلاص وثبات وصدق.. ألا يستشق هذا من الحديث النبوي الصحيح خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا؟