الحديث مع ليلي علوي لم يكن أبدا لكونها نجمة كبيرة سطرت تاريخا فنيا مهما ومؤثرا من خلال كل ألوان الفنون من مسرح وتليفزيون وسينما, وإنما بات الحوار معها كشخصية عامة صاحبة تأثير وكلمة.. لم يخل الحوار معها من تصفح دفتر أحوال الوطن.. وبالطبع صناعة الفن.. بادرتنا ليلي في البداية بتهنئتنا بالعيد28 لميلاد الأهرام المسائي وعبرت عن اعتزازها بجريدتنا واصفة إياها بأنها واحدة من الصحف اليومية المهمة التي استطاعت أن تكتسب ثقة لدي القارئ, وأنها واكبت أحداثا مهمة وتاريخية تابعتها من خلال صفحاتها خلال تلك السنوات, وأنها عاصرت بداياتها مع محرريها وحتي الآن وتعتز بصداقة الكثيرين منهم. ولم يفت علينا أيضا أن نهنئها بعيد ميلادها الذي احتفلت به قبل أسبوعين مع عدد من الأصدقاء وأفراد أسرتها. سألناها عن أمنياتها في العام الجديد؟ قالت: أتمني أن يكون هناك مزيد من الاستقرار والأمان والحب في هذا البلد, وأن يعي الناس أننا نخوض تحديا كبيرا نواجهه في الفترة الحالية, وأننا في مرحلة فارقة من عمر الوطن, أيضا أتمني ازدهارا في صناعة الفن يستوعب ويواكب التطور الحادث في عجلة التنمية. كيف تتخيلين دور الفن في تلك المرحلة الفارقة مثلما وصفت؟ بكل تأكيد الفن عامل أساسي ومحوري في مرحلة البناء الجديدة, فهو يشكل الوجدان ويعيد تكوين الرأي العام وتوجيهه بما يخدم المصالح العليا للبلاد, وكلنا فخورون بما يحدث الآن من بناء وتنمية للهوية المصرية أو تستطيع القول إعادة اكتشافها من جديد, وبالتالي الفن في حاجة ملحة وضرورية لتناول كل الموضوعات التي تمس شأن الإنسان المصري وإعادة تأهيله لمواجهة التحديات التي اجتزنا منها مسافة مهمة ومازالت أمامنا تحديات أكبر وأعمق, لذا أتوقع بكل الأمل بل وأتمني أن تشهد المرحلة المقبلة دورا فعالا وأكثر تأثيرا لوضع الشخصية المصرية علي طريقها الصحيح بعيدا عن الشتات الذي أصابها.. وما زاد من سعادتنا وفرحتنا كفنانين هو تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في مستهل ولايته الثانية أهمية الثقافة والفنون إلي جانب التعليم والصحة في المرحلة المقبلة. هل استطاع الفن بالفعل خلال الفترة الماضية تحديد أو ترسيم دور فعال؟ الفن صناعة ذكية دائما, لو نظرت جيدا إلي شريط السينما المصرية عبر سنينها ستجد أنها واكبت كل المتغيرات التي صاحبت المجتمع المصري منذ بداياتها, وكذلك المسرح والتليفزيون, واستطاع الفن أن يسجل ويوثق لكل هذا, رغم عوائق عملية الإنتاج من حين إلي آخر.. لذلك أدعو كل القائمين علي صناعة الفن من مفكرين ومثقفين وأدباء وكتاب ومخرجين لاختيار موضوعات تناسب طبيعة المرحلة وتحاكي الواقع وتترجم أحلامنا. هل هناك آليات محددة يمكن الأخذ بها لتفعيل دور الفن؟ كما ذكرت اختيار الموضوعات هي المرحلة الأهم, وتشجيع كتابنا الكبار إلي جانب الأجيال الجديدة وتحفيزهم جميعا علي الكتابة الدرامية لتتحقق تعددية الرؤي ويحدث نوع من الثراء في الأفكار والتناول, تأتي بعد ذلك زيادة عملية الإنتاج الفني سواء للسينما أو المسرح أو الدراما التليفزيونية,أيضا تعدد جهات الإنتاج أمر ضروري حتي نستطيع وضع آليات لحماية السوق وعدالة المنافسة.. حتي يتوازي دور الفن مع مجهودات الدولة المصرية وما تشرعه في بناء الإنسان الجديد, ولا مانع أيضا أن تسهم الدولة وتشارك في عملية الإنتاج بشكل أكبر. شهدت الدراما التليفزيونية تنوعا كبيرا في المواسم الأخيرة, في الوقت ذاته لاقت تنوعا في التقييم النقدي لها مابين الهجوم العاصف ورفض الكثير من الموضوعات, ومن ناحية أخري قبولها بدعوي ذوق المشاهد.. ما رأيك؟ هناك عوامل كثيرة تؤثر علي ثقافة المشاهدة وقبول الجمهور علي حساب أعمال أخري, لكن دائما العمل الجيد الذي يستطيع أن يمس مشاعر الناس ويتفاعل بصدق مع واقعهم وحلمهم هو العمل الذي يبقي في أذهان الناس ويؤثر فيهم بالإيجاب, وفي كل الأزمان هناك أعمال ضعيفة مقابل الأعمال القوية الراسخة في الوجدان, ولكي نساعد علي ترسيخها يجب كما قلت إعادة ترتيب الأوراق وزيادة عملية الإنتاج سواء في السينما أو المسرح أو التليفزيون خاصة العنصر البشري في تلك الصناعة تطورت أدواته بشكل كبير سواء مخرجين أو مديري تصوير وأغلبهم يعمل بالسينما وقادرون علي تحقيق مستوي نوعي كبير. في المقابل هل واكبت صناعة السينما ذلك التطور؟ السينما تواجه أزمات كبيرة ومتشعبة تهدد استقرارها خاصة في ضوء تجاهل أهمية هذه الصناعة والحلول التي تمت دراستها بعناية وتقديم تصورات لحمايتها وتطورها, ولعل أبرز تلك المشكلات هيقرصنة الأفلام سواء من الإنترنت أو القنوات غير المرخصة, فكيف نستطيع حماية حقوق المنتج والصناعة والحق الأصلي مستباح وبالتالي يخسر الصناع رأس المال حتي أصبح الإقدام علي صناعة السينما مخاطرة في الفترة الأخيرة, إلي جانب أيضا اندثار القنوات التوزيعية, فالأفلام المصرية لا تحقق أرباحا لعدم وجود توزيع خارجي يحفظ للفيلم وصناعته حقوقه, في النهاية نفتقر إلي وجود رؤية أو خطة سينمائية واضحة للصناعة سواء طويلة أو قصيرة الأمد, إننا بحاجة لتدخل الدولة لحل مشكلات السينما الحالية, فلا يمكن التخلي عن هذه الصناعة. هل نراك قريبا في أعمال جديدة ؟ انتهيت من تصوير المشاهد المتبقية في فيلم التاريخ السري لكوثر وأنتظر عرضه للتعرف علي رأي الجمهور ورد فعله لأن الدور حقيقة مختلف, وأتمني أن ينال إعجاب الجميع, ولم يتم الاستقرار بعد علي موعد طرحه في دور العرض,ويناقش الفيلم بعض القضايا الاجتماعية المهمة التي ظهرت علي في مجتمعنا في السنوات الأخيرة وهو تأليف وإخراج محمد أمين الذي أعمل معه للمرة الأولي وهو مخرج صاحب رؤية ومتمكن من صياغة أفكاره سينمائيا بشكل جيد. وأين أنت من دراما التليفزيون هذا العام؟ لن أخوض تجربة تليفزيونية هذا العام, بل سأنتظر وأراقب المشهد حتي تتضح المعالم والرؤي حول مشكلات صناعة الفن لحمايته من الاحتكار وتفعيل المنافسة, فالفنان يسعي دائما للإبداع والابتكار في ضوء صناعة تتوافر لها مقوماتها الحقيقية حتي تستقيم الأمور وتستطيع القوي الناعمة أن تسهم بشكل فعال في البناء والتنمية. يحسب لك دائما دقة اختيارك للأعمال الفنية, هل يمثل ذلك قاعدة أو قانونا يحكمك في خوض أي تجربة فنية؟ أسعي دائما لعدم تكرار نفسي, خاصة أنه لا يزال لدي الكثير الذي أسعي إلي تقديمه, لأن ما يهمني هو تحقيق إطلالة هادفة وممتعة في الوقت نفسه وهذا ما تعود عليه المشاهد.. أيضا لا تزال أحلامي كبيرة جدا خاصة في السينما عشقي الأول.