استنكر عدد كبير من صناع السينما قرار إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تكريم المخرج والكاتب الفرنسي كلود ليلوش, في دورة المهرجان ال40, وأحدث القرار موجة عارمة من الانتقادات حيث أكد المعترضون أنه صهيوني محب لإسرائيل, مستندين إلي حوار أجري معه في إسرائيل أثناء عرض فيلم له هناك, ولم تهدأ موجة الاعتراضات رغم صدور بيان جديد من اللجنة الاستشارية العليا لمهرجان القاهرة التي اجتمعت بشكل عاجل, لدراسة ما أثير من قبل بعض الفنانين والمثقفين حول دعوة المخرج الفرنسي كلود ليلوش لاستلام تكريم عن مجمل أعماله خلال دورة المهرجان الأربعين. وأكد بيان اللجنة أن ما نشر خلال الأيام الماضية من تصريحات أدلي بها ليلوش لمطبوعات إسرائيلية, خلال تلقيه دكتوراه فخرية من قبل إحدي الجامعات, تمت ترجمتها لعدة لغات, ووجدت اللجنة أن كلها تأتي في نطاق المجاملات المعتادة من الفنانين عند زيارة أي دولة. وأكد البيان أن أعضاء اللجنة الاستشارية كأفراد, ومهرجان القاهرة كمؤسسة ثقافية وقفت طوال تاريخها مع القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني, فإن اللجنة تدعو الجميع لتزويدها بأي وثيقة تتضمن موقفا سياسيا معلنا لكلود ليلوش ضد القضية الفلسطينية أو حقوق الشعب العربي, سواء كانت تصريحا سياسيا, بيانا قام بالتوقيع عليه, أو أي شكل آخر للتضامن السياسي مع الموقف الإسرائيلي, علي أن يكون ذلك خلال أربعة أيام بدأت أمس وتنتهي الأحد المقبل, لتقوم اللجنة بدراسة المواد في اجتماع عاجل آخر واتخاذ قرار بشأن التكريم. لكن هذا البيان قوبل بالنقض وكان أول من انتقده هو الناقد اللبناني مالك خوري الذي فجر الموضوع منذ بدايته وقال إن بيان اللجنة الاستشارية لمهرجان القاهرة يعتبر أن كل المقالات التي نشرت حتي الآن غير كافية لتغيير موقفهم تجاه دعوة الصهيوني ليلوش, وأن كل ما نشر هو مجرد مجاملات معتادة من الفنانين عند زيارة أي دولة. وأضاف نصبوا أنفسهم لجنة دفاع عن صهيوني مارس تأييده للدولة الصهيونية قولا وفعلا وقلبا وقالبا طوال حياته, لكن يبدو أن تبرير التطبيع مع إسرائيل جار علي قدم وساق, ويبدو بوضوح أنه يجري علي مراحل: العام الماضي بدأ مع مخرج عربي مطبع هو زياد الدويري, وهذا العام مع مخرج صهيوني عالمي, وإذا سارت الخطة هذا العام توقعوا أن يقولوا لكم العام القادم: لدينا مخرج من إسرائيل سنقوم بتكريمه.. وهو لم يقل يوما أنا مع قتل الشعب الفلسطيني وإبادته. بينما قال المخرج محمد فاضل لالأهرام المسائي إن هناك قرار جمعية عمومية للنقابات الفنية بعدم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وهو قرار ملزم لكل الفنانين وأعضاء النقابات, ومن المفترض أن يكون هناك دور في هذه اللحظة لرئيس النقابات الفنية ورئيس نقابة السينمائيين, خاصة أن للمخرج ليلوش تصريحات إعلامية أكد فيها حبه لإسرائيل. وقال إن بيان لجنة المهرجان غير كاف لأنه من المفترض أن يبحثوا هم عن خلفيات من سيكرمونه وتصريحاته وموقفه من القضية العربية, ولا ينتظرون إثباتات من المعترضين, خاصة أن المهرجان تحت رعاية وزارة الثقافة وليس مهرجانا خاصا حتي ولو كان له نوع من الاستقلالية, مناشدا مسعد فودة نقيب السينمائيين وعمر عبد العزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية أن يكون لهم تحرك, فهذا هو الوقت الذي يثبتون فيه أن انتخابهم كان علي حق, وأنهم ملتزمون أمام الجمعية العمومية ضد التطبيع والقرار سار ولم يلغي, مشيرا إلي أن ليلوش فنان وأي فنان ملزم بتصريحاته الإعلامية حتي إن الفنان يلزم لو قال تصريحا في جلسه خاصة, وأضعف الإيمان من المبدعين أن يقاطعوا المهرجان إذا ثبت القائمون فيه علي موقفهم وكرموه. وكان من بين المعترضين علي هذا التكريم أيضا المصور الكبير سعيد الشيمي الذي نشر علي صفحته بموقع التواصل الاجتماعي أكثر من مرة صورة للحظة استشهاد محمد الدرة وعلق عليها قائلا زميلي العزيز محمد حفظي لا تكريم ليلوش من القاهرة. وأضاف لاشك أن ليلوش صنع أفلاما جيدة, ولكن لا أغفر له أنه صهيوني مع تشريد شعب كامل وعدوان مستمر علي الوطن العربي, وإذا لم تستجب إدارة المهرجان فعلي كل سينمائي مصري شريف يعرف قدر بلده ووطنه العربي الذي بهدلت الصهيونية أرجاءه, أن يقاطع المهرجان للأسف, وكفي استهتارا بمشاعرنا وثوابتنا القومية. وقال مدير التصوير محسن أحمد أرفض الترحيب به رغم انبهاري بأعماله في السبعينيات وقت الدراسة وحب السينما, لكن قضية الوطن تأتي في المقام الأول. وأوضح المنتج محمد العدل رئيس لجنة السينما بالمجلس الأعلي للثقافة, عضو اللجنة الاستشارية لمهرجان القاهرة أنه لا نستطيع أن نقول لكل مبدعي العالم لا تذهبوا إلي إسرائيل, والموضوع لا يتعلق بتصريح إعلامي ولكن يجب أن يكون الرفض مبني علي موقف فهل ليلوش موقف ضد القضية العربية أو الفلسطينية, أو أعلن أنه مساند لإسرائيل, فالمعلومات التي لدينا لا تؤكد هذا, فذهب ليلوش بالفعل إلي إسرائيل وحديثه الذي نشرته إحدي المجلات يأتي في إطار المجاملات التي يقولها أي فنان عند زيارته لبلد آخر. وأضاف أن اللجنة تستنجد بالجميع أن من لديه شيء يثبت ضد ليلوش أن يتقدم به ويكون موثقا, فمعلوماتنا أنه لم يقدم عملا ضد العرب ولا فيلما لنصرة إسرائيل فلا يصح أن نحكم دون أن يكون هناك دليل, ولا نريد أن نهدم المعبد ونقول دون أن نتحقق من مواقفه من القضية العربية أننا سحبنا الجائزة ولا يكون هناك شيء حقيقي في النهاية فنسوء سمعتنا بالعالم, لذلك نطلب مساعدة الجميع. وأضاف المخرج عمر عبد العزيز رئيس النقابات الفنية, عضو اللجنة, أن مهرجان القاهرة السينمائي ملك لنا جميعا ويهمنا أن يكون الأفضل, لذلك نسأل الجميع خلال أربعة أيام أن يثبتوا ما يقال إنه مخرج داعم لإسرائيل أو له علاقة بها وإذا ثبت ذلك سيتم إلغاء تكريمه فورا, لأن النقابات الفنية كلها لديها موقف واحد ضد التطبيع مع إسرائيل, ولن ننتظر فقط أن يثبت لنا المعترضون موقف ليلوش, ولكن سنبحث نحن أيضا ونخاطب جميع الجهات.