تكذب نفسك أكثر من مرة قبل أن تثور شكوك نحوه فتارة يمنعك كبر سنه الذي تجاوز العقد السادس وتارة أخري تمنعك ملامحه من الشك فيه فبمجرد حديثك معه تكذب شكوك أيضا في كونه لصا محترفا خاصة مع تحدثه الإنجليزية بطلاقة وهي اللغة التي اكتسبها بسبب إقامته في إنجلترا لأكثر من خمس سنوات قبل ترحيله بعد أرتكابه واقعة سرقة قضي علي إثرها ثلاث سنوات بين جدران السجن. هو رجل في نهاية الستينات يجيد المراوغة قبل وبعد ارتكاب جريمته, حيث حفل سجله الجنائي ب39 واقعة سرقة حتي لقبه أقرانه بمحافظتي القاهرة والجيزة ب الأستاذ بسبب قدرته ومهارته علي فتح وتطفيش الخزن وارتكاب جرمه دون أن يترك خلفه أي آثار تدل عليه. لم يمانع اللص العجوز في حديثه مع الأهرام المسائي طيلة أربعين دقيقة قضيناها معه داخل مكتب المقدم إسماعيل خطاب رئيس مباحث قسم ثان بنها, حيث قص حكايته منذ صغره معربا عن ندمه الشديد نحو الانجراف في طريق السرقة كاشفا تحصله علي مئات الألاف من الجنيهات من السرقة ولكنه اليوم لا يملك غير بضعة جنيهات داخل محفظته متمنيا عودة عقارب الزمن قبل خمسين سنة واستكمال دراسته الثانوية وأن يتمكن من الزواج وتكوين أسرة صالحة تكون عونا له في مراحل عمره الأخيرة. أول مرة سرقت فيها كان عندي عشر سنوات وكانت الضحية جدتي لوالدي حيث كنا نسكن معها في منطقة عابدين بوسط القاهرة واعتادت علي وضع أموالها داخل درج في غرفتها وقمت بكسر القفل وسرقت الأموال التي كانت تحتفظ بها.. هكذا بدأ هشام زكريا اللص العجوز حديثه معنا واستكمل حديثه عقب تناوله رشفة من فنجان قهوة قائلا: بعد سرقة جدته انفق الأموال علي احتياجاته ومطالبه الشخصية وبعد ذلك استهوته فكرة السرقة خاصة مع عدم انكشاف أمره ارتكب بعدها العديد من الوقائع بمحيطه, حيث كان في مرحلة التعليم الثانوي أنذاك. مد هشام يده إلي فنجان القهوة ورشف منه عدة رشفات استكمل بعدها اعترافاته في عالم السرقة, حيث أكد انجراف قدماه وسط اللصوص, حيث توطدت علاقاته بهم عقب أدمانه المواد المخدرة ومارس مع بعضهم السرقة ولكنه لم يستمر كثيرا إذ هداه تفكيره للهجرة إلي الدول الأوروبية ليتمكن من جمع الأموال وبالفعل نجح في السفر إلي إنجلترا كان وقتها في بدية العقد الثاني من عمره ولكن سلوكه السيئ كان مسيطرا عليه, حيث تم ضبطه في واقعة سرقة قضي خلالها عدة سنوات بالسجن وتم ترحيله مرة ثانية إلي مصر. استطرد اللص المحترف قائلا: وبعد عودتي إلي القاهرة رجعت لمزاولة نشاطه الآثم من جديد وارتكبت العديد من وقائع السرقات بمحافظتي القاهرة والجيزة بمفرده وفجر هشام مفاجأة قائلا إنه كان يقوم بنقل الخزن التي يسرقها من مكانها الي مكان آمن حيث يقوم بفتحها والاستيلاء علي ما بداخلها من أموال ثم التخلص منها بالقائها بنهر النيل ويبتسم اللص قائلا: إن رجال المسطحات المائية عثروا علي27 خزنة في نهر النيل. وعن اختياره لمسرح جريمته بمدينة بنها قال إنه في التسعينيات كانت سيرته تسبقه في كل مكان بمحافظتي القاهرة والجيزة ورجال الأمن يرصدون كل تحركاته عقب ارتكابه أية سرقة ويلقون القبض عليه قبل تصرفه في المسروقات فقرر نقل نشاطه بعيدا فوقع اختياره علي مدينة بنها القريبة من القاهرة وتمكن من سرقة خزينة أحد فروع شركة الغزل والنسيج ببنها. وعن آخر جرائمه التي تم القبض عليه فيها أردف قائلا: عقب خروجه من السجن قبل خمسة أشهر في واقعة سرقة بمنطقة الأزبكية كانت أمواله وقتها قد نفدت وأقام لدي شقيقه الذي كان ينفق عليه فقرر العودة لممارسة نشاطه الآثم من جديد بحثا عن المال وهنا اختمرت في ذهنه العودة إلي مدينة بنها مرة أخري ليبعد الشبهات عن نفسه, حيث قادته قدماه إلي منطقة الأهرام ببنها حيث لاحظ إحدي ماكينات الصرف الآلي الخاصة بالبنك الأهلي فسال لعابه واستقر تفكيره علي سرقتها حيث تردد علي المكان أكثرة من مرة لوضع مخططه الإجرامي وكيفية تنفيذ جريمته التي انحصرت في دخول فرع إحدي شركات الاتصالات التي بها الماكينة وسرقتها عقب ذلك. وعن كيفية ارتكابه الواقعة كشف المتهم أنه تمكن من الدخول للمحل عن طريق فتحة شفاط بمدخل العقار الكائن به التوكيل موضحا أنه اعتاد علي التردد علي المكان ومراقبة مواعيد دخول وخروج العاملين قبل تنفيذ جريمته وفي يوم الواقعة قام باعداد الأدوات المستخدمه في ارتكاب الجريمة عبارة عن عتلة حديدية- شاكوش- مفك وحضرالي مدينة بنها وظل منتظرا بمكان يسمح له بمشاهدة الفرع وعقب الغلق وانصراف جميع العاملين والتأكد من عدم وجود أشخاص أو مترددين علي العقار خلف الفرع وحلول الظلام قام بركن سيارته أمام الفرع والدخول لمدخل العقار وخلع شفاط الهواء وعمل فتحه تسمح له بالدخول وعقب ذلك فصل جهاز الإنذار وقطع الكهرباء عن المكان واستولي علي الهارد ديسك الخاص بتسجيل كاميرات المراقبة حيث لم يستغرق الأمر أكثر من نصف ساعة ولكن كبر سنه منعه من تنفيذ مخططه الرئيسي بالاستيلاء علي أموال الماكينة فقرر سرقة ما بداخل المحل من هواتف بلغت77 هاتفا وانصرف من مكان الدخول نفسه. بدأت تفاصيل الواقعة تتكشف عقب تلقي اللواء محمد الألفي مدير إدارة البحث الجنائي بالقليوبية إخطارا من المقدم إسماعيل خطاب رئيس مباحث قسم ثان بنها يفيد بورود بلاغ من أحمد علي32 سنة مدير فرع إحدي شركات المحمول باكتشافه سرقة77 هاتفا محمولا والهارد ديسك الخاص بتسجيل كاميرات المراقبة. وبإخطار اللواءين جمال عبد الباري وإيهاب خيرت مساعدي وزير الداخلية لقطاعي الأمن العام وأمن القليوبية أمرا بسرعة تشكيل فريق بحث علي مستوي عال تحت إشراف اللواء محمد الألفي مدير إدارة البحث الجنائي بالتنسيق مع قطاع الأمن العام شارك فيه المقدم إسماعيل خطاب رئيس مباحث قسم ثان بنها والنقيب محمد عبد العاطي معاون المباحث حيث تم وضع خطة بحث استخدم خلالها الوسائل الفنية الحديثة وقبل مرور شهرين من ارتكاب الواقعة نجح رجال المباحث في كشف غموضها حيث تبين أن مرتكب الواقعه هشام زكريا وشهرته هشام الأستاذ68 سنة عاطل ومقيم عابدين فتم تقنين وإعداد عدة مأموريات اسفرت عن ضبطه داخل شقة مستأجرة بمنطقة بولاق الدكرور وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة وأرشد عن المسروقات وعملائه فتم ضبطهم. وعن كيفية التصرف في المسروقات قال المتهم إنه أعطي بعض الهواتف المستولي عليها كهدايا لبعض الساقطات وبيع بعض الهواتف لدي عميله سيئ النية ويدعي عصام فتحي30 سنة فني صيانة ومقيم الخليفة سبق اتهامه في قضيتين سرقة حيث تم إعداد مأمورية أسفرت عن ضبطه وبمواجهته باعترفات المتهم اعترف بصحتها وقرر بالتصرف في تلك الهواتف بالبيع لدي عملائه حيث تم تحديدهم وضبط28 هاتفا محمولا من المستولي عليهم وتم تحرير المحاضر اللازمة وإحالتهم إلي النيابة العامة.