يعاني سوق الدراما المصرية حالة من عدم الاتزان, الأمر الذي أثر بدوره علي صناعة الدراما بشكل عام, لينخفض عدد الأعمال المشاركة في شهر رمضان المقبل, بعدما خرجت بعض المسلسلات من السباق الرمضاني, فيما تسابقت القنوات الفضائية علي استقطاب أفضل الأعمال في ظل القرارات الجديدة التي صدرت مؤخرا حول تقليل حجم شراء المسلسلات وتحديد حد أقصي لميزانية إنتاج الأعمال, وعدم شراء الأعمال التي تزيد عن المبلغ المتفق عليه وهو ما أثر بالسلب علي صناع ونجوم الدراما إضافة إلي انسحاب البعض الآخر من المنافسة مفضلين الابتعاد عن دراما رمضان هذا العام. ومن أبرز المشاهد التي شهدتها تجهيزات الموسم الرمضاني لعام2018 هو دخول غالبية نجوم المسلسلات لتصوير أعمالهم الدرامية متأخرين عن موعدهم الطبيعي, حيث كان يبدأ النجوم تصوير المسلسلات نهاية ديسمبر ويسبق هذا الموعد تحضيرات مع صناع كل مسلسل ومعاينة أماكن التصوير, بينما بدأت أغلب المسلسلات في شهر يناير, بينما يبدأ البعض الآخر خلال الأيام المقبلة من شهر فبراير الجاري والبعض الآخر يقف علي نقطة مأساوية ما بين محاولاته المستميتة لبدء التصوير واستكمال العمل لعرضه في رمضان أو التراجع والانسحاب. وفي ظل هذه الحالة المرتبكة من التذبذب في السوق اتخذت بعض الشركات المنتجة وصناعها قرارا بوقف العمل وتأجيله للعام المقبل أو لأجل غير مسمي ومن بينهم مسلسل الزيبق2, وأيضا مسلسل الصعود للهاوية للفنان آسر ياسين وزينة, ومسلسل ضد القانون للفنان إياد نصار, ولحقت الفنانة مني زكي بالنجوم الذين انسحبوا من رمضان بمسلسلها إيزيس والتي كانت ستعود به للدراما الرمضانية بعد غياب عام منذ عرض مسلسلها أفراح القبة. ترصد الأهرام المسائي من خلال التحقيق التالي, تأرجح سوق الدراما المصرية خلال موسم رمضان المقبل وانسحاب بعض المسلسلات وتأخر دخول أعمال أخري للتصوير ومن بينها مسلسل الرحلة710 للمخرج حسام علي. وقال المؤلف وليد يوسف إن عدد المسلسلات في موسم رمضان المقبل أقل من أي عام مضي لأن تكلفة إنتاج الأعمال العالية والتي وصل بعضها إلي70 مليونا ضغطت علي السوق والقنوات الفضائية, موضحا أنه يتذكر أثناء تقديم مسلسل الدالي وصل عدد المسلسلات في إحدي السنوات إلي70 مسلسلا, والعام التالي له وصل إلي80 مسلسلا, وهو رقم كبير للغاية, وبالمقارنة بهذه الأرقام نلاحظ أن عدد الأعمال التي ستقدم هذا العام ربع الأعمال المنتجة قديما. وأضاف يوسف أن هناك حصارا وغزوا دراميا من الخارج للدراما المصرية مثل الدراما الكورية والهندية والصينية والتركية والخليجية, حيث تراجع ترتيب الدراما المصرية للمركز الخامس في حين تقدم مستوي الدراما الخليجية والتي دخلت بقوة مؤخرا في المنافسة, فبحصار الدراما أصبح سعر البيع والشراء كبيرا للمسلسلات المصرية في حين ينخفض سعر بيع وشراء باقي أنواع الدراما فأصبح لدي القنوات استسهال لتقديم هذه الأنواع للمشاهد المصري علي حساب الدراما المصرية فأصبنا بما يسمي تعليب الدراما خلال السنوات العشر الأخيرة. وأشار إلي أن ظروف عمل وتوقف الجزء الثاني من الزيبق تختلف عن كل الأعمال التي خرجت من الموسم الرمضاني, وذلك لأن المسلسل بدأ تصويره علي عكس باقي الأعمال حيث انتهينا من تصوير24 ساعة كاملة من مشاهد العمل ثم توقفنا لأسباب خارجة عن إرادتنا جميعا وليست متعلقة بالأمور الإنتاجية بل علي العكس كان الوضع الإنتاجي مستقرا ولكن هناك دوافع أخري لتوقف العمل نظرا لطبيعة وحساسية الموضوع الذي يناقشه المسلسل, ونأمل أن نقدمه في رمضان2019 وهو ما اتفقنا عليه حتي هذه اللحظة. ومن جانبها حسمت الشركة المنتجة لمسلسل الصعود إلي الهاوية بطولة زينة وآسر ياسين, حيث أعلنت أنها اتخذت قرارا نهائيا بتأجيل التصوير إلي شهر سبتمبر المقبل, علي أن يعرض ضمن ماراثون دراما رمضان2019, بعدما تبين صعوبة إنجاز المسلسل بالشكل اللائق في الشهور القليلة المتبقية علي حلول الشهر الكريم. وأوضحت الشركة في بيانها أن مصدر اللبس هو الانتهاء من تجهيز الديكور وتحضيرات التصوير والتعاقدات مع نجوم العمل بالكامل, وبيع حقوق عرض المسلسل للقنوات الفضائية, ولكن الشركة رأت أن تأجيل التصوير لصالح العمل, خاصة وأن المسلسل يعد من الأعمال الضخمة, وسيحتاج للتصوير في4 دول أوروبية. ومن جانبهم أعلن صناع مسلسل ضد القانون أن خروج العمل من السباق الرمضاني والذي يشارك في بطولته الفنان إياد نصار جاء نتيجة ضيق الوقت دون إتمام الاتفاق فقرروا تأجيل العمل لدراما رمضان عام2019 خاصة في ظل حالة التأرجح التي تعاني منها سوق الدراما هذا العام بعد القرارات التي أصدرتها القنوات الفضائية. وقالت الناقدة ماجدة خير الله: إن هذا العام من موسم رمضان الدرامي يشهد الكثير من الأزمات التي انعكست نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب وذلك بسبب التغيرات بالقنوات الفضائية والتي كان بعضها يقوم بتمويل جزء من المسلسلات والمساهمة في إنتاجها ولكن هذا الأمر توقف نتيجة عدم وجود سيولة مالية كافية وعدم ضخ أموال, إضافة إلي أن بعض القنوات حددت سعر وقيمة شراء المسلسلات هذا العام. وأضافت أن بعض القنوات وجدت من الصعوبة شراء هذا الكم من الأعمال الدرامية وعرضها في موسم واحد, ولذلك تراجع عدد كبير من القنوات عن الإنتاج بعدما استعدت للدخول والتصوير وأخري توقفت بعد بدء التصوير لأن البعض وجد صعوبة في بيع وتسويق مسلسله, وأنه في حالة بيعه لن يغطي تكاليف إنتاجه الكبيرة وجميعنا يدرك جيدا حجم التكاليف الباهظة لتقديم عمل رمضاني والذي يتعدي ملايين الجنيهات فوجدوا من المخاطرة إنتاجه ثم تسويقه بعد التصوير لتقديمه في موسم رمضان. وأوضحت ماجدة خير الله: لست مع إنتاج عدد كبير من المسلسلات الرمضانية التي تقدم في شهر واحد في السنة, فهذا يضغط علي الصناعة ويظلم بعض الأعمال الجيدة, ففي إحدي السنوات وصل عدد المسلسلات الرمضانية إلي60 مسلسلا دفعة واحدة وهذا من وجهة نظري رقم رهيب ومعدل إنتاجي كبير وباهظ التكاليف وليس في صالح صناعة الدراما المصرية والتي تخسر بسبب منافسة الدراما الخليجية والتي دخلت بقوة في الفترة الأخيرة فاضطرت الدراما المصرية لتقليل عدد الأعمال بسبب التغيرات التي طرأت علي السوق إضافة إلي منافسة شديدة من الدراما السورية والتركية والتي استقطبت جزءا كبيرا من الجمهور المصري والعربي فأصبح عدد الأعمال المعروضة لا تستوعبه كل قناة فاضطرت لتحديد سعر وميزانية محددة لشراء الأعمال. وقال الناقد طارق الشناوي: إن دراما رمضان هذا العام امتحان صعب للغاية لصناعها والقائمين عليها سواء بالنسبة لشركات الإنتاج أو الممثلين والمخرجين وكل العاملين بالمنظومة, ويرجع ذلك لأن القنوات الفضائية حددت سقف وتكلفة الإنتاج والشراء مما أثر بشكل سلبي علي صناعة الأعمال الدرامية المصرية كما أن عددا كبيرا توقف مثل مسلسل الزيبق ومسلسل الصعود للهاوية لأسر ياسين وزينة ومسلسل إيزيس للفنانة مني زكي وغيرها. أضاف أن قلة عدد الأعمال في صالح المشاهد لأن بعضها رغم جودته وحبكته الدرامية وارتفاع تكلفته الإنتاجية كان يظلم في المشاهدة وسط الزخم الكبير الذي كان موجودا خلال السنوات الماضية, الأمر الذي نتج عنه خروج بعض الأعمال وعرضها خارج الموسم مثل الطوفان وبين عالمين لطارق لطفي وهو ما حقق نسبة مشاهدة عالية خارج رمضان إضافة إلي مسلسل سابع جار والذي حصد أعلي نسبة من معدلات المشاهدة في الدراما المصرية التي عرضت مؤخرا. وأشار إلي أن الفيصل في هذا الموضوع هو إنتاج أعمال تستوعبها السوق المصرية حتي لا تظلم ولكننا جميعا نعرف أن النجوم يفضلون المشاركة في موسم رمضان الذي أصبح شائكا للغاية, ولا ننكر أن هناك خللا في المعادلة الإنتاجية خاصة أن القانون الجديد للقنوات الفضائية قد حدد سقف ميزانية الشراء وهو ما أثر علي أسعار شركات الإنتاج للنجوم والبعض منهم رفض هذه الأجور, كما أن هذه القرارات صدرت متأخرة بعد أن حضرت الشركات للأعمال الرمضانية, وهو ما سبب تراجع البعض عن المشاركة في موسم رمضان وتأخر دخول البعض لتصوير أعمالهم عن موعدها المحدد, ويمكن أن نقول إن عادل إمام انتبه مبكرا لهذه الأمور فباع مسلسله للتلفزيون السعودي وبرقم وهمي وصل إلي7 ملايين دولار وهو أعلي من قيمة إنتاج المسلسل, أما باقي المسلسلات فيجري الاتفاق مع القنوات علي إجراءات الشراء والعرض والتي اختلفت كثيرا عن الأعوام الماضية فالقنوات لن تشتري أكثر من حاجتها وهو ما يضع صناع الأعمال في ورطة في إنتاج أعمال تجذب وتخطف العين وبحرفية عالية فالمنافسة علي أشدها.