الصورة بألف كلمة قاعدة يحفظها دارسو الإعلام والعاملون بالمجال عن ظهر قلب باعتبار الصورة جزءا من القصة الخبرية المطروحة, وأدق وصف لها وأبرز دليل علي حدوثها, تلك الصورة التي تنقل مشهدا وتسجله للاحتفاظ به لأطول فترة زمنية ممكنة قد تدوم أبد الدهر. الصورة التي تطورت من الأبيض والأسود إلي الألوان دون وجود فرصة لإجراء أي تعديل فيها ثم مرحلة الإضافات التي سمحت بإدخال بعض التفاصيل علي الصورة دون الإخلال بمحتواها الرئيسي وصولا إلي مرحلة تغيير المعالم والمشاهد التي تم التقاطها بل والأشخاص الموجودين في الصورة, وقد يأتي التغيير في صالح مضمون الصورة والموجودين فيها وقد يكون التغيير مصحوبا ببعض, وما ينطبق علي الصورة يقال عن الفيديو بمقاطعه المختلفة, وما يتم فيه من تراكيب صوتية وتلاعب في المشاهد ومضمونها وما يتم إدخاله من كلمات مصاحبة قد لا تمت للواقع والحقيقة بأية صلة. وفي الآونة الأخيرة تلاعبت قوي الشر بالعديد من الصور منها ما يتعلق بشخصيات عامة ومنها ما تعلق بملوك ورؤساء بأغراض خبيثة وكانت آخرها فبركة صورة للعاهل المغربي الملك محمد السادس خلال زيارته لقطر. ولكن كيف يمكننا أن نتعامل مع أي صورة تستهدف شخصا أو جهة, وماذا نفعل مع مقطع فيديو يستهدف شخصا ما؟, سواء بقصد الفبركة محاولة تغيير أو التلاعب في الحقائق.. وهو ما تتناوله الأهرام المسائي في ملف يطرح تساؤلات حول عالم الفبركة والتزييف والقص ولزق خاصة في وجود وسائل التواصل الاجتماعي أو بالأحري الانتشار الاجتماعي التي تسهم في وصول الصورة أو المعلومة الزائفة إلي أكبر عدد ممكن من المتابعين. وهو نفس الإطار الذي انطلق منه حديث الدكتور صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة مشيرا إلي خطورة الصور المفبركة التي يمكن أن يستغلها البعض في ارتكاب جرائم أو إلصاق التهم والسلوكيات المعيبة ببعض الأشخاص ليظهر من المحتوي الجديد أن هذا الشخص يقوم بأفعال منافية للآداب مثلا عن طريق استبدال وجهه بآخر أو يقومون بأفعال لا تتناسب مع أوضاعهم ومكانتهم الاجتماعية والسياسية مؤكدا أن المشكلة في سوء استخدام التطور التكنولوجي ومستحدثات الفوتوشوب, وغيره من البرامج التي تساعد علي تغيير الصور أن هناك مجموعة تجيده تماما وتتعامل بها ومعها باحترافية وإجادة ومجموعة أخري ليست لديها خبرة بها أو فكرة عنها علي الإطلاق وبالتالي يستغل الفريق الأول جهل الفريق الثاني لخدمة أغراض معينة محددة مسبقا ويسعي لتحقيقها. الخطورة في سرعة الانتشار يستكمل الحديث عن الأزمة مؤكدا أنها لا تقف عند هذا الحد بل تبدأ المشكلة الحقيقية من سرعة نقل وتداول الصور آلاف ومئات الآلاف من المرات فتتكون صورة ذهنية سلبية مشوهة عن الشخص صاحب الأزمة, الأمر الذي يطرح تساؤلا أخلاقيا ويتعلق بالقيم لأن هناك ممن ساعد علي انتشار هذه الصور أو المعلومات دون التأكد منها لذلك يطالب العالم جمهور السوشيال ميديا بعدم نشر أو تداول أي صورة هناك حالة تشكك من صحتها وفي المقابل يطالبهم بالنشر والمساعدة ب الشير في الحالات التي يتأكدون فيها من إمكان المساعدة في كشف جريمة ما أو سلوك معيب لأنه في هذه الحالة يساعد في ضبط متهم أو التأكيد علي وقوع حادث معين والكشف عنه. ويشدد علي ضرورة أن يسأل كل شخص نفسه قبل نشر أي صورة أو معلومة مغلوطة أو غير مؤكدة ماذا أستفيد من تشويه صورة شخص أنا غير متأكد من أنها صورته؟, مشيرا إلي أزمة أكبر تتعلق بفبركة الفيديوهات والتي لا يكتشف الكثيرون زيفها بسهولة. ويري أن هناك مبدأ عاما لا بد وأن تتفق عليه كل وسائل الإعلام وبشكل خاص فريق الإعداد والتقديم ببرامج التوك شو وهو ضرورة التأكد من صحة كل المعلومات التي يقومون بنقلها وأن يتمهلوا كثيرا قبل نقل أي معلومات أو صور من الإنترنت لأنه في النهاية عالم افتراضي لا يجوز الاعتماد عليه, كما أن بعض المعلومات أو الصور حتي وإن كانت صحيحة فهناك قصص وأهداف واختيارات تقف وراء نقلها ونشرها وقد يسهم نقل هذه المادة في مضمون صحفي أو برامجي تليفزيوني أو إذاعي في تحقيق هذا الغرض بتوسيع دائرة نشرها مشيرا إلي أن النقل بإحدي الوسائل الإعلامية يخلق عمومية تقديم لمضمون غير مؤكد كما أنه يمنح هذه المادة الشرعية والطابع الرسمي الذي يمنحها حرية الانتشار. التنافس يضخم الأكاذيب ويري الدكتور حسن عماد مكاوي العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة أن التنافس بين وسائل الإعلام والوسائل الجديدة يجعل لدي كل وسيلة أو موقع إخباري رغبة في تقديم شيء جديد أو سبق تنفرد به لذلك تنتشر بعض المعلومات أو الصور المغلوطة بصورة سريعة نظرا لاهتمام كل وسيلة بالسبق والانفراد علي حساب التأكد من صحة المعلومة, ولكن يمكن حل المشكلة كما يري د. مكاوي عن طريق السرعة أيضا ولكن في نفي الخطأ وتصويبه مشيرا إلي أن الإعلام بطيء ومواقع التواصل الاجتماعي تسير بأقصي سرعة خاصة بعض الجهات التي تستخدمها لخدمة أهداف سياسية أو تحريضية وينجحون في ذلك لأنهم أسرع من المواقع الرسمية لذلك فالمشكلة في سباق السرعة; حيث يتداولون أخبارا منقوصة ويروجون لشائعات ويتناول بعض الأخبار بأخطاء في محتواها لذلك فالحل الوحيد هو تقديم المعلومة الصحيحة عن طريق جهة أو إدارة ترصد كل ما يتم تقديمه علي وسائل التواصل الاجتماعي. ويشير إلي أنه في حال وجود مثل هذه الجهة لن تنتشر الأخبار أو الصور المزيفة أو المغلطة علي نطاق واسع وسيتم تداركها سريعا بعد تحقيق المطلوب في تقديم الخبر والصورة الصحيحة بنفس السرعة خاصة أن التكنولوجيا لا تعجز أبدا ومحترفيها يستخدمونها بكل الطرق التي تساعدهم علي تحقيق أهدافهم لتقديم معلوماتهم الزائفة. ويطالب مكاوي بسرعة إصدار قانون تداول المعلومات لإفصاح الجهات الرسمية عن المعلومات بصورة أكبر طالما لا تمس بالأمن القومي لأن وجود مثل هذا القانون أكبر ضمان لقتل الشائعات ولا يضر أبدا بالأمن بل يساعد علي تحقيقه. الفبركة عرض لأزمة سياسية بدأ الدكتور نادر فتحي قاسم مدير مركز الإرشاد النفسي بجامعة عين شمس بتشخيص مرضي الفبركة قائلا: هو عرض من أعراض الأزمة السياسية التي عشناها علي مدار سنوات; حيث استغلها بعض الجماعات والفصائل السياسية لخدمة أهدافهم بطريقة أخري كوسيلة وجدوا فيها تنفيسا وتعويضا, مشيرا إلي أن هذا بالإضافة إلي أننا أسوأ من يستخدم التكنولوجيا. ويوضح أن هناك بعض المرضي يحاولون تشويه صورة غيرهم بكل الطرق وفي المقابل لا يبذل الآخرون أي مجهود للتأكد من صحة ما يتم تداوله فيصبحون كالسمك الذي يتلقي أي طعم ويأكله فلا يفكرون في مدي صحة ما يقومون بنشره, موجها حديثه لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي قائلا: قبل ما تشير فكر. ويري قاسم أن الفوتوشوب ترك أثرا كبيرا علي سلوك المصريين لأنهم يستقبلون كل تطور تكنولوجي دون تفكير وبالتالي جاء في بيئة صالحة لنمو الشائعات وسرعة تداولها خاصة أن هناك مجموعات كبيرة تسير بفكر القطيع دون قصد; حيث ينساق كل شخص تلو الآخر وراء قضية أو صورة منتشرة لأننا في الأساس كنا ننساق وراء الإعلام خاصة المرئي وأضفنا إليه إعلام السوشيال ميديا علي حد قوله.