تحتاج النساء إلي امرأة واحدة لديها الشجاعة الكافية لتعلن أنها تعرضت للتحرش والاعتداء الجنسي, وتقص علي العالم قصتها لكي يتشجعن ويتشاركن في تحريك المياه الراكدة بل إثارة الأمواج العاتية ضد واحدة من أبشع الجرائم التي عرفتها الانسانية; امرأة واحدة شكلت قبل عشر سنوات حركة اسمتها أنا أيضا, أو بالانجليزيةMetoo; تدعي تارانا بورك, فتحت من خلالها المجال لآلاف الفتيات والسيدات اللاتي تعرضن للتحرش وتشعرن بالألم والخزي من جريمة هي فيها الضحية, لتحكين قصتهن, وتدينين الرجل الذي ارتكب هذه الجريمة; واليوم أعادت سيدة أخري تدعي أليسا ميلانو إحياء تلك الحركة علي مواقع التواصل الاجتماعي بعد فضيحة المنتج الأمريكي هارفي واينشتاين, واتهامه بالتحرش ضد العديد من الفتيات, ومثل الدومينو توالت الاتهامات ضده وضد آخرين مثل نائب برلماني فرنسي ووزير فرنسي سابق; فتحولت الحركة الي شرارة تحرق المجرمين وتضيء الطريق للضحايا. كيف بدأت الحركة أنا أيضا؟ قبل نحو عشر سنوات, كانت تارانا بورك تعمل في مجال مساعدة الشباب, جاءتها فتاة تدعي هافين في أحد المعسكرات الشبابية التي كانت تارانا تنظمها, تشكي لها ان صديق والدتها يتحرش بها, تقول تارانا كيف أنها فوجئت ببشاعة الأفعال التي كان يرتكبها هذا الشخص ضد الفتاة الصغيرة, الي حد انها لم تستطع مواصلة الاستماع لها فوجهتها الي اخصائية اجتماعية; تقول تارانا أنها لن تنسي مدي حياتها نظرة هافين لها وقد رفضت مواصلة الاستماع لها, نظرة تكشف عن جرح عميق فتح ثم أغلق مرة أخري, وعادت هافين لتضع القناع مرة أخري علي وجهها وتخبئ جرحها عن العالم. ولكن في ذلك اليوم لم يكن لدي تارانا الشجاعة الكافية لتقول للفتاة الصغيرة أنا أيضا تعرضت لما تعرضتي له; ما كانت تتمني قوله لها في ذلك اليوم هو: أنا أيضا; كلمات صغيرة بسيطة, ولكن لها تأثير قوي, لأنها تؤكد للضحية أولا أنها ليست مذنبة كما يحاول المجتمع أحيانا إيهامها به, ومحاولة إقناعها انها السبب الأول في التحرش, وثانيا أنها ليست وحدها في هذه المأساة التي سوف تؤثر في حياتها الي الأبد. وان من خلال تلك الكلمات القليلة يمكن للنفس أن تجد طريقها للشفاء. وبعد فضيحة واينشتاين انطلقت الحركة علي مواقع التواصل الاجتماعي وانتشرت في كل مكان في العالم ووصلت الي مصر, ذلك في نفس الوقت الذي أعلنت فيه مؤسسة تومسون رويترز في تقرير لها, أن القاهرة هي أكثر المدن خطورة بالنسبة للفتيات. ويذكر التقرير انه استند في معلوماته لسلسلة التحرش التي تعرضت لها الفتيات في ميدان التحرير خاصة بعد الثورة عام2011, ولم يتحسن الوضع منذ ذلك الوقت وبعد ست سنوات. لقد سقطت القاهرة في ذيل قائمة المدن التي تضم19 مدينة اكثر من عشرة ملايين نسمة, بعد نيودلهي وكراتشي وكينشاسا. يشير التقرير الي ان كل شئ بات صعبا بالنسبة للفتيات في القاهرة, فهن يناضلن يوميا في جميع المجالات, حتي إن مجرد التريض في شوارع المدينة أصبح يعرضهن للتحرش سواء اللفظي أو الجسدي. المشكلة هنا أن المجتمع يلقي اللوم علي الفتيات لما يتعرضن له, بينما الجريمة الحقيقية يرتكبها الرجل; وأتصور ان عددا كبيرا من الفتيات في انتظار من يقول لهن أنا أيضا.