آفة العمل الفني سواء كان رواية أو فيلما أو مسرحية هي الملل.. والملل نسبي فقد كان الشعور به فيما مضي مختلفا تماما عن الشعور به الآن بعد ظهور الموبايل المحمول في كل يد وفي كل جيب والذي يعطيك أخبارا طازجة وسريعة كل لحظة فما إن يحس المشاهد في المسرح خاصة بالملل حتي يفتح الموبايل وينتقل إليه ويغوص فيه وفي عالمه الافتراضي الجميل! والحركة المسرحية في مصر تعاني اليوم من قلة الجمهور. ذلك أن المهتمين بشئون المسرح لا يفكرون في الجمهور العصري والذي اختلف كثيرا عن جمهور ما قبل التكنولوجيا.. فذراعا المسرح هما العمل الفني بكل عناصره بداية من النص حتي تقديمه علي الخشبة والذراع الثانية والأهم هو الجمهور أو المشاهدون فبدونهم يكون العمل المسرحي سابحا في الخلاء! ولأن المشاهد قد تطور في سرعة إيقاعه الداخلية لزم بالتالي أن يتطور العمل الفني تبعا لذلك لتصبح المسألة كيف تمسك بتلابيب المشاهد من اللحظة الأولي حتي لا يفلت أو يسرح منك أو يستنجد بالموبايل فهل هذا موجود الآن فيما يقدمه المسرح؟ الإجابة لا وقد شاهدت في أسبوع واحد أربع مسرحيات مملة كلها مملة سواء في الحبكة أو في جماليات العرض ولا يغني حينئذ الديكور الجميل أو الاستعراضات الخارجة عن الموضوع. وضمن العروض التي شاهدتها منذ يومين عرض في مسرح السلام من تأليف كاتب إيطاليا الشهير ألبرتو مورافيا يحمل اسم حفلة تنكرية وقد بدأ باستعراض بعد موسيقي طويلة ريتمك مملة أيضا ثم حوار بين شخصيتين رجالي لمدة ثلث ساعة تقريبا.. حوار لا يهم أحدا ولا يقول سوي معلومات يمكن اختصارها في عدة جمل ثم توالت المشاهد الحوارية دون حديث ودون مواقف حقيقية. وكان الجمهور القليل الذي حضر قد حضر ليري نجمه المحبوب محمد رياض يراه بلحمه ودمه بعد أن رآه كثيرا علي شاشة التليفزيون.. ولكن لا يكفي أن يراه وانما يريد مشاهد عرض مسرحي أيضا يليق بالنجم.. ولكن يحمد لرياض أنه أنقذ العرض بقدر ما يمكنه من الوقوع في الملل علاوة علي أن الموضوع لا يهم أحدا رغم أن اختياره لاظهار الفساد في قصور الحاكم قد رآه المخرج يمس الواقع بشكل ما.. ومع ذلك لم يصدقه الجمهور.. لم يصدق الموضوع. كان محمد رياض بحيويته وصوته العريض وثقته بنفسه عزاء للمشاهدين كما أسهمت الفنانة لقاء سويدان برشاقة تحركاتها وادائها الفاهم لدورها في تخفيف الوطء, أضف إلي ذلك خفة دم محمد محمود بدوره المركب كذلك الفنان خالد محمود بوعيه في تحريك الحدث ووجوده الحي.. أما الإخراج فيبدو أن ابتعاد الفنان هشام جمعة عن الساحة أكسبه نوعا من الكسل جعله لا يحس بسرعة ايقاع الحياة والناس من حوله.