في كلمات محددة الدلالة شديدة الوضوح, أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي من علي منبر الأممالمتحدة نداء مصر للعالم لتحقيق السلام والاستقرار, في مختلف بلدان العالم, ووجه الرئيس رسالة مصر إلي كل الأنظمة والشعوب للعمل معا نحو الوصول إلي عالم أكثر أمنا واستقرارا وسلاما, والخروج من دائرة المصالح الضيقة إلي آفاق أرحب من المصالح المشتركة, لتحقيق آمال الشعوب وطموحاتها في حياة آمنة لتنعم بالسلام والاستقرار, وتضييق الفجوة الاقتصادية بين الدول النامية والمتقدمة, وإيجاد نظام عادل وآمن, وشراكة أممية في الحرية, والكرامة والرفاهية. وبعيدا عن نص الكلمة وجه الرئيس السيسي نداء للشعبين, الفلسطيني والإسرائيلي, ولكل الدول المحبة للسلام, بضرورة التوحد نحو الهدف الأسمي الذي ينبغي أن يعمل الجميع من أجله وهو إقرار السلام, وقبول التعايش مع الآخر, ومساندة كل الخطوات الرامية لتحقيق السلام, مؤكدا أنه ممكن, وهو هدف واقعي وإذا تحقق فسوف نغير التاريخ. وفي ندائه للرئيس الأمريكي ترامب, قال الرئيس السيسي: لدينا فرصة تاريخية, لا ينبغي أن نتركها تمر دون أن نحقق هدفنا في السلام. وقد حرص الرئيس السيسي في كلمة مصر التاريخية أن يضع مجموعة من المبادئ والأولويات, لا يمكن تصور إمكانية تحقيق طموحات الأمم والشعوب في إيجاد النظام العالمي المنشود دون التوقف عندها, والتفاعل معها وفي هذا السياق حدد الرئيس5 مبادي أساسية تركزت في: 1 إن طريق الإصلاح, والخروج من أزمات منطقتنا العربية لن يتحقق إلا بالإصرار علي مشروع الدولة الوطنية الحديثة القائمة علي المواطنة والمساواة وتجاوز محاولات الارتداد للولاءات المذهبية أو الطائفية أو العرقية أو القبلية. 2 لابد من معالجة شاملة ونهائية للقضية الفلسطينية التي تمثل أكبر شاهد علي تصور النظام العالمي وذلك من خلال تسوية عادلة تنشئ دولة فلسطينية مستقلة علي حدود67 وعاصمتها القدسالشرقية. وفي هذا المحور وجه الرئيس خارج نص الكلمة نداء للفلسطينيين: اتحدوا ولا تختلفوا, وللإسرائيليين: تجربتنا معكم في تحقيق السلام تؤكد أنه ممكن, وللدول المحبة للسلام: ساندوا خطواتنا لنغير التاريخ, وللرئيس الأمريكي: لدينا فرصة لكتابة صفحة جديدة في تاريخ الإنسانية بتحقيق السلام في هذه المنطقة. 3 إن المواجهة الشاملة والحاسمة مع الإرهاب هي الطريق للقضاء عليه واستئصال جذوره, والتصدي لكل من يدعمه بأي صورة, إذا أردنا إيجاد مستقبل للنظام الإقليمي أو العالمي. 4 إن القضاء علي مصادر التهديد للاستقرار العالمي يمر عبر تفعيل المسئولية المشتركة بين أعضاء المجتمع الدولي, لتضييق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الدول المتقدمة والنامية. 5 إن الطريق الوحيد لتسوية الخلافات في عالمنا يعتمد علي احترام مبادئ القانون الدولي, واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها. ووسط ترقب في الأوساط السياسية هنا تأتي اليوم قمة السيسي ترامب التي أطلق عليها قمة الملفات الشائكة حيث تتركز علي سبل مواجهة الأزمات في مناطق التوتر والتي تتصدرها الأوضاع المتأزمة في ليبيا وسوريا واليمن والعراق, وكيفية تطبيق الحلول الممكنة والمتاحة أمامها, إضافة إلي القضية الفلسطينية, ووسائل إحياء عملية السلام, وتتصدر القمة المصرية الأمريكية تنمية العلاقات الإستراتيجية بين القاهرة وواشنطن, وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين. وحسبما هو مقرر في برنامج الرئيس اليوم تأتي مشاركته في قمة مجلس الأمن حول إصلاح عمليات حفظ السلام حيث يلقي بيان مصر أمام القمة الذي يتضمن استعراض الجهود المصرية في هذا الصدد كما يتضمن البيان موقف مصر من تطوير عمليات حفظ السلام سعيا للتوصل إلي رؤية متكاملة لمنع النزاع واستدامة السلام. وكان الرئيس قد عقد لقاءات ثنائية مع عدد من القادة والزعماء والمشاركين في اجتماع الجمعية العامة بينهم ملك الأردن, ورؤساء قبرص, والبرازيل, ورومانيا, وغانا, وصربيا, ورئيس المجلس الأوروبي, كما التقي خلال الغداء الرسمي مع كل من الرئيس الأمريكي ترامب, ورئيس وزراء اليابان, وتناولت هذه اللقاءات سبل تعزيز العلاقات الثنائية واستعراض المواقف المشتركة إزاء أهم القضايا الدولية والإقليمية. وأستطيع التأكيد من خلال قراءتي للمشهد هنا في أروقة المنظمة, أن أؤكد أن ما طرحه الرئيس السيسي في كلمته, استقبل بتقدير كبير من القادة والمراقبين, وعكس عمق الرؤية المصرية للتعامل مع أشد القضايا خطورة والأزمات التي قد تبدو مستعصية, لكن رسالة مصر وضعت النقاط علي الحروف, ووضعت كل دول العالم أمام مسئولياتها تاريخيا من أجل الحاضر, وترقبا لمستقبل ينبغي أن يكون الأفضل.