وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    الآلاف من أطباء الأسنان يُدلون بأصواتهم لاختيار النقيب العام وأعضاء المجلس    ذاكرة الزمان المصرى 25أبريل….. الذكرى 42 لتحرير سيناء.    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    وزير التنمية المحلية يعلن بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة    محافظ بني سويف يتابع انتظام العمل بسوق السيارات شرق النيل    النواب يرسل تهنئة رئيس الجمهورية بذكرى تحرير سيناء    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    الدماطي يطمئن على ترتيبات افتتاح بطولة إفريقيا للكرة الطائرة سيدات    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    تحطم سيارتين انهارت عليهما شرفة عقار في الإبراهيمية بالإسكندرية    والدة الشاب المعاق ذهنيا تتظلم بعد إخلاء سبيل المتهم    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    مياه الشرقية تنفذ أنشطة ثقافية وتوعوية لطلبة مدارس أبو كبير    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    سون: آرسنال من أفضل أندية العالم    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة.. وبلينكن يرد    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    محامية حليمة بولند تكشف كواليس حبسها    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثث 4 أشخاص قتلوا على يد مسجل خطر في أسيوط    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة:مصر تقع على حافة أخطر بؤر الأزمات فى العالم

وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى نداء إلى الشعب الفلسطينى، مطالبا إياهم بالاتحاد خلف الهدف وعدم الاختلاف أو إضاعة الفرصة والاستعداد لقبول التعايش مع الآخر، مع الإسرائيليين فى أمان وسلام وتحقيق الاستقرار والأمن للجميع.
وأضاف الرئيس، خلال كلمته أمام الجلسة المسائية للجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها ال 72، قائلا:"أوجه ندائى للشعب الإسرائيلى، وأقول لدينا فى مصر تجربة رائعة وعظيمة فى السلام معكم منذ أكثر من 40 سنة ويمكن أن نكرر هذه التجربة وهذه الخطوة الرائعة مرة أخرى".
وأشار إلى أن أمن وسلامة المواطن الفلسطينى جنبا إلى جنب مع أمن وسلامة المواطن الإسرائيلى يجب أن تتم، مطالباً بالوقوف خلف القيادة السياسية ودعمها، قائلاً: " لا تترددوا، وأخاطب الرأى العام فى إسرائيل، لا تردد واطمئن، نحن معكم جميعاً من أجل إنجاح هذه الخطوة، وهذه فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى".
ووجه الرئيس ندائه إلى كل الدولة المحبة للسلام والاستقرار وإلى كل الدول العربية الشقيقة أن تساند هذه الخطوة الرائعة وإلى باقى دول العالم أن تقف بجانب هذه الخطوة، التى إذا نجحت ستغير وجه التاريخ.
كما وجه الرئيس نداء إلى القيادة الأمريكية قائلا : "لدينا فرصة لكتابة صفحة جديدة فى تاريخ الإنسانية من أجل تحقيق السلام فى هذه المنطقة".
وأضاف الرئيس أن المخرج الوحيد الممكن من أزمات منطقتنا العربية هو التمسك باحراز مشروع الدولة الوطنية الحديثة .
وقال الرئيس:"إننا نقرر من واقع تجربتنا العربية والأفريقية أن أزمتنا تلخص أزمة النظام العالمي وعجزه عن الوفاء بالمقاصد التي قامت من أجلها الأمم المتحدة".
وأشار الرئيس قائلا: "ما نزال نعاني من العجز عن مواجهة الخلل في النظام الاقتصادي العالمي"، معربا عن اسفه أن المنطقة العربية باتت بؤرة لأشد الحروب ضراوة في التاريخ الحديث وهو ما يجسد الخلل في النظام العالمي.. وفيما يلى نص كلمة الرئيس:
السيد الرئيس/ ميروسلاف لايتشيك
رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة
يسعدني ابتداءً أن أتقدم لكم بالتهنئة على توليكم رئاسة الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنياً لكم كل التوفيق في مهمتكم. كما أنتهز هذه المناسبة لأعرب عن خالص التقدير للسيد «بيتر تومسون»، رئيس الدورة السابقة للجمعية العامة، والذي أدار أعمالها بكفاءة واقتدار,
السيد الرئيس
كلما نجتمع في هذا المحفل الهام، تتجدد آمال الشعوب التي نَشرُف بحمل أمانة تمثيلها والدفاع عن مصالحها، في الحصول على حقها العادل في السلام والتنمية. وتتطلع إلينا أجيالٌ جديدة، تحلم بفرصة العيش الكريم في ظل منظومة دولية عادلة، وقادرة على مواجهة تحديات فرضتها الطبيعة، كتغير المناخ والكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة، وأخرى من صنع البشر، كالحروب والإرهاب والتفاوت الصارخ في توزيع الموارد وفرص النمو وثماره.
ومن المؤكد أن أهداف ومقاصد الأمم المتحدة لاتزال صالحة لتأسيس عالم، يتيح لكل أبنائه فرصة الاستفادة من منجزات التقدم العلمي والاقتصادي وثورة الاتصالات، التي ربطت بين مجتمعات العالم على نحو غير مسبوق في التاريخ الإنساني، وما تحمله من إمكانات عظيمة لتحقيق حلم النظام الدولي العادل، والآمن، والملتزم بحقوق التنمية والحرية والتقدم، والتواصل المفتوح بين البشر.
إننا في مصر، لدينا إيمان عميق بقيم منظمة الأمم المتحدة وأهداف ميثاقها، ولدينا ثقة كبيرة في أن تحقيق هذه القيم أمرٌ ممكن، بل واجبٌ وضروري.
وتشهد تجربة مصر الطويلة مع الأمم المتحدة -كإحدى الدول المؤسِّسة لهذه المنظمة، والتي تم انتخابها عضواً بمجلس الأمن لست مرات، وتُعد سابع أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام الأممية حالياً على مستوى العالم - تشهد هذه التجربة الطويلة أننا نسعى طوال الوقت لتحقيق ما نؤمن به من شراكة أممية، لبناء عالم يستجيب لطموحات أبنائنا وأحفادنا، في الحرية والكرامة والأمن والرفاهية.
ولكن، فإن المسئولية التي نتحملها، تقتضي منا أن نتصارح، بأن هذا العالم المنشود والممكن، لازال بكل أسف، بعيداً كل البعد عن التحقق. وأننا لا نزال نعاني، من العجز عن احتواء ومنع الصراعات المسلحة، ومواجهة خطر الإرهاب، ونزع السلاح النووي، ومعالجة مكامن الخلل الكبرى في النظام الاقتصادي العالمي، والتي أفضت إلى زيادة الفجوة بين العالمين المتقدم والنامي.
ومن واقع تجربة المنطقتين العربية والإفريقية، أستطيع أن أقرر بضمير مطمئن، أن تلك التجربة تلخص أزمة النظام العالمي، وعجزه عن الوفاء بالمقاصد والغايات التي قامت من أجلها الأمم المتحدة.
فالمنطقة العربية، محيط مصر الحضاري والثقافي، باتت اليوم بؤرةً لبعض أشد الحروب الأهلية ضراوة في التاريخ الإنساني الحديث. وأصبحت هذه المنطقة هي الأكثر تعرضاً لخطر الإرهاب، وبات واحدٌ من كل ثلاثة لاجئين في العالم عربياً، كما أصبح البحر المتوسط مركزاً للهجرة غير الشرعية من الدول الأفريقية والآسيوية، فراراً من بَطش الاقتتال الأهلي من جهة، وبؤس الظروف الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى، والتي رصدها التقرير العربي الإقليمي حول الفقر متعدد الأبعاد الذي أعدته جامعة الدول العربية بالتنسيق مع الأمم المتحدة والذي سيتم اطلاقه غداً.
وتقع أفريقياً موقع القلب في السياسة الخارجية لمصر، فهي القارة الأم، التي تضرب فيها الجذور المصرية بعمق التاريخ، ونستمد منها اعتزازنا بهويتنا وانتمائنا الأصيل لها. وقد باتت أفريقيا، عُرضةَ لنفس الأخطار الأمنية التي تتعرض لها المنطقة العربية، وتظل بدورها شاهداً رئيسياً على أزمة النظام الاقتصادي العالمي، الذي يكرس الفقر والتفاوت، ويتحمل مسئولية رئيسية عن إنتاج الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تهدد الاستقرار والسلم الدوليين، وتجعل من الحديث عن أهداف التنمية المستدامة مجرد حديث مُرسل، لا شاهد عليه من الواقع الدولي المؤسف.
مصر إذن، سيدي الرئيس، تقع على حافة أخطر بؤر الأزمات في العالم .. وقَدَرُها أن تشق طريقَها بثقة في ظل مخاطر غير مسبوقة، متبنيةً استراتيجية تنموية طموحة، تقوم على إصلاحات اقتصادية جذرية وشجاعة، تهدف قبل كل شيء لتمكين جيل الشباب، الذين يمثلون غالبية السكان ليس في مصر وحدها، وإنما في أغلب المجتمعات الفتية في الدول العربية والعالم النامي.
وفي عالم متشابك ومعقد، ومليء بتحديات يصعب أن تواجهها أي دولة منفردة، مهما كانت قدراتها ومهما اشتد عزمها، فإنه من الطبيعي أن تقترِن خطة مصر التنموية الطموحة، بسياسة خارجية نشطة، تستلهم المبادئ الأخلاقية الراسخة في تراثنا وثقافتنا، وتلتزم بالمبادئ القانونية للنظام العالمي الذي شاركت مصر في تأسيسه، وتقوم على رؤية لمواجهة أوجه القصور التي حالت دون تنفيذ مقاصد وغايات الأمم المتحدة، وذلك من خلال خمسة مبادئ وأولويات أساسية، هي:
أولاً: إن المخرج الوحيد الممكن من الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية، هو التمسك بإصرار بمشروع الدولة الوطنية الحديثة، التي تقوم على مبادئ المواطنة، والمساواة، وسيادة القانون، وحقوق الانسان، وتتجاوز بحسم محاولات الارتداد للولاءات المذهبية أو الطائفية أو العرقية أو القَبَلية .. إنّ طريقَ الإصلاح يمر بالضرورة عبر الدولة الوطنية، ولا يمكن أن يتم على أنقاضها.
هذا المبدأ هو باختصار جوهر سياسة مصر الخارجية، وهو الأساس الذي نبني عليه مواقفنا لمعالجة الأزمات الممتدة في المنطقة.
فلا خلاص في سوريا الشقيقة، إلا من خلال حل سياسي يتوافق عليه جميع السوريين، ويكون جوهره الحفاظ على وحدة الدولة السورية، وصيانة مؤسساتها، وتوسيع قاعدتها الاجتماعية والسياسية لتشمل كل أطياف المجتمع السوري، ومواجهة الإرهاب بحسم حتى القضاء عليه .. والطريق لتحقيق هذا الحل هو المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تدعمها مصر، بنفس القوة التي ترفض بها أية محاولة لاستغلال المحنة التي تعيشها سوريا، لبناء مواطئ نفوذ سياسية إقليمية أو دولية، أو تنفيذ سياسات تخريبية لأطراف إقليمية، طالما عانت منطقتنا في السنوات الأخيرة من ممارساتها، وقد آن الأوان لمواجهة حاسمة ونهائية معها.
وبالمثل، فلا حل في ليبيا إلا بالتسوية السياسية، التي تواجه محاولات تفتيت الدولة وتحويلها مرتعاً للصراعات القَبَلية، ومسرح عمليات للتنظيمات الإرهابية وتجار السلاح والبشر .. وأؤكد هنا، بمنتهى الوضوح، أن مصر لن تسمح باستمرار محاولات العبث بوحدة وسلامة الدولة الليبية، أو المناورة بمقدرات الشعب الليبي الشقيق، وسنستمر في العمل المكثف مع الأمم المتحدة، لتحقيق التسوية السياسية المبنية على اتفاق الصخيرات، والتي تستلهم المقترحات التي توصل لها الليبيون خلال اجتماعاتهم المتتالية في الأشهر الأخيرة في القاهرة، للخروج من حالة الانسداد السياسي وإحياء مسار التسوية في هذا البلد الشقيق.
وينطبق نفس المنطق على المقاربة المصرية للأزمات في العراق واليمن. فالدولة الوطنية الحديثة، الموحدة والقادرة والعادلة، هي الطريق لتجاوز الأزمات وتحقيق الطموحات المشروعة للشعوب العربية.
ثانياً: إن الوقت قد حان لمعالجة شاملة ونهائية لأقدم الجروح الغائرة في منطقتنا العربية، وهي القضية الفلسطينية، التي باتت الشاهد الأكبر على قصور النظام العالمي عن تطبيق سلسلة طويلة من قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن .. إن إغلاق هذا الملف، من خلال تسوية عادلة تقوم على الأسس والمرجعيات الدولية، وتنشئ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هو الشرط الضروري للانتقال بالمنطقة كلها إلى مرحلة الاستقرار والتنمية، والمحك الأساسي لاستعادة مصداقية الأمم المتحدة والنظام العالمي .. ولا شك أن تحقيق السلام من شأنه أن ينزع عن الإرهاب إحدى الذرائع الرئيسية التي طالما استغلها كي يبرر تفشيه في المنطقة، وبما يضمن لكافة شعوب المنطقة العيش في أمان وسلام .. فقد آن الآوان لكسر ما تبقى من جدار الكراهية والحقد للأبد، ويهمني أن أؤكد هنا أن يدَ العرب ما زالت ممدودة بالسلام، وأن تجربة مصر تثبت أن هذا السلام ممكن وأنه يعد هدفاً واقعياً يجب علينا جميعاً مواصلة السعي بجدية لتحقيقه.
واسمح لي، سيدي الرئيس، أن اخرج عن النص المكتوب وأن أتوجه بكلمة ونداء إلى من يهمهم هذا الأمر، وأوجه ندائي الأول إلى الشعب الفلسطيني، وأقول له من المهم للغاية الاتحاد وارء الهدف، وعدم الاختلاف، وعدم إضاعة الفرصة، والاستعداد لقبول التعايش مع الأخر، مع الاسرائيليين فى أمان والسلام، وتحقيق الاستقرار والأمن للجميع........وأوجه ندائي للشعب الإسرائيلي، وأقول لدينا فى مصر تجربة رائعة وعظيمة للسلام معكم منذ أكثر من أربعين سنة، ويمكن أن نكرر هذه التجربة والخطوة الرائعة مرة أخري.....أمن وسلامة المواطن الاسرائيلبي جنباً إلى جنب مع أمن وسلامة المواطن الفلسطيني. ندائي إليكم أن تقفوا خلف قيادتكم السياسية وتدعموها ولا تترددوا....إنني أخاطب الرأي العام الإسرائيلي....إطمئنوا نحن معكم جميعاً من أجل إنجاح هذه الخطوة، وهذه فرصة قد لا تتكرر مرة أخري، وكلمتي الأخري إلى كل الدول المحبة للسلام والاستقرار، إلى كل الدول العربية الشقيقة...أن تساند هذه الخطوة الرائعة، وإلى باقي دول العالم أن تقف بجانب هذه الخطوة التي إذا نجحت ستغير وجه التاريخ..... ونداءً إلى القيادة الأمريكية والرئيس الأمريكي، لدينا فرصة لكتابة صفحة جديدة فى تاريخ الإنسانية من أجل تحقيق السلام فى هذه المنطقة.
ثالثاً: لا يمكن تصور وجود مستقبل للنظام الإقليمي أو العالمي بدون مواجهة شاملة وحاسمة مع الإرهاب، تقضي عليه وتستأصل أسبابه وجذوره، وتواجه بلا مواربة كلَّ من يدعمه أو يموله، أو يوفر له منابر سياسية أو إعلامية أو ملاذات آمنة.
وبصراحة شديدة، فلا مجال لأي حديث جدي عن مصداقية نظام دولي يكيل بمكيالين، ويحارب الإرهاب في الوقت الذي يتسامح فيه مع داعميه، بل ويُشركهم في نقاشات حول سبل مواجهة خطر هم صُناعُّه في الأساس .. ويتعين على أعضاء التحالفات الدولية المختلفة، الإجابة عن الاسئلة العالقة التي نطرحها من منطلق الإخلاص لشعوبنا، والتي يمتنع عن الاجابة عليها كل من يُفضّل المواءَمة والازدواجية، لتحقيق مصالح سياسية على أنقاض الدول ودماء الشعوب، التي لن نسمح أن تضيع هدراً تحت أي ظرفٍ كان.
كما يجب علينا في العالم الإسلامي أن نواجه الحقائق بصراحة، فنعمل سويا على تصويب المفاهيم الخاطئة التي باتت منبعاً أيديولوجياً للإرهابيين وفكرهم الظلامي الهدام. وكما تتذكرون فقد أطلقت مصر مبادرة لتصويب الخطاب الديني بهدف الرجوع الى القيم الأصيلة والسمحة للإسلام، وهو ما تعكف المؤسسات الدينية المصرية العريقة على الاضطلاع به في الوقت الراهن، مع تعاونها في هذا الشأن مع كافة الجهات المعنية على مستوى العالم.
إنَ مصر، التي تخوض حرباً ضروساً لاستئصال الإرهاب من أرضها، ملتزمةٌ بمواجهته وتعقبه، والقضاء عليه بشكل نهائي وحاسم حيثما وجد .. وليس بخافٍ عليكم أنّ مواجهة الإرهاب كانت على رأس أولويات مصر خلال فترة عضويتها في مجلس الأمن على مدار عامي 2016 و2017 ورئاستها للجنة مكافحة الارهاب، ليس فقط دفاعاً عن مستقبل مصر، بل دفاعا عن مستقبل المجتمع الدولي بأسره.
رابعاً: إن القضاء على جذور ومسببات الأزمات الدولية، ومصادر التهديد للاستقرار العالمي، يمر بالضرورة عبر تفعيل مبدأ المسئولية المشتركة، متفاوتة الأعباء، بين أعضاء المجتمع الدولي، لتضييق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الدول المتقدمة والنامية.
فأي مصداقية يمكن أن تكون لمنظمة الأمم المتحدة وأجندة 2030 وأهداف التنمية المستدامة، عندما يكون النظام الاقتصادي العالمي نفسه مسئولاً عن تكريس التفاوت، وبعيداً عن قيم العدل والمساواة؟
وأي فرصة يمكن أن تكون متاحة أمام الدول النامية، مهما صح عزمها على تبني إصلاحات اقتصادية شاملة تعالج أوجه الخلل في إدارتها لمواردها، بدون معالجة جذرية لأوجه الخلل في الأوضاع الاقتصادية العالمية، وذلك عبر المزيد من اشراك العالم النامي في هيكل الحوكمة الاقتصادية العالمية، وتيسير نفاذه إلى التمويل الميسر والأسواق ونقل التكنولوجيا؟
خامساً: إن احترام مبادئ القانون الدولي، والتفاوض على أسس المبادئ القانونية والتاريخية والأخلاقية، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، هي الطريق الوحيد لتسوية الخلافات في عالمنا .. فلا يمكن، بعد أكثر من سبعة عقود من تأسيس الأمم المتحدة، أن تكون القوة أو المعادلات الصفرية هي الوسيلة لتحقيق المصالح في عالم سمته الأساسية الاعتماد المتبادل، ووجود آفاق كبرى للتعاون والتفاهم بما يحقق المصالح المشتركة للجميع.
وانطلاقاً من هذه المبادئ، كانت مصر من أكثر الدول اهتماماً بإطلاق مبادرة حوض النيل عام 1999، وسعت للتوصل للاتفاق الثلاثي بين مصر والسودان وإثيوبيا، لمعالجة قضية سد النهضة من منظور تعاوني، ينشئ إطاراً قانونياً واضحاً لمعالجة هذا الملف وفقاً لمبادئ القانون الدولي، والقواعد المستقرة لتنظيم العلاقة بين الدول المتشاركة في أحواض الأنهار العابرة للحدود في مختلف أنحاء العالم .. إن هذا الاتفاق يظل الإطار القانوني القادر على ترجمة منطق التعاون والتشارك بين الدول الثلاث، متى خَلُصَت النوايا وتم الالتزام بتطبيقه التزاماً كاملاً ونزيهاً، خاصةً وأن الوقت يدركنا، وبات الإنفاذ السريع لما سبق الاتفاق عليه أمراً شديد الإلحاح، لتجنب ضياع فرصة تقديم نموذج ناجح لإدارة العلاقة بين ثلاث دول شقيقة من دول حوض النيل.
السيد الرئيس
وختاماً، فإن اجتماعنا اليوم في هذا المحفل الدولي العريق، هو مناسبة لوقفة صادقة مع النفس، نعترف فيها بأوجه قصور النظام الدولي عن تحقيق الغايات والمقاصد السامية التي قام من أجلها، ونجدد الالتزام بإنشاء واقع دولي أكثر إنصافاً، باعتبار أن تحقيق العدالة، بأوسع معانيها، على الصعيد العالمي، هو الشرط الضروري لمواجهة المخاطر الرهيبة التي تعصف بعالمنا اليوم، وتهدد مصداقية النظام الدولي.
ولعل المأساة الانسانية التي تتعرض لها أقلية الروهينجا في ميانمار مناسبة أخرى لتذكير المجتمع الدولي بمسئولياته الأخلاقية، قبل القانونية، كما عكسها ميثاق الامم المتحدة للعمل على سرعة إيجاد حل دائم، يُنهى معاناة المدنيين ويعالج جذور الأزمة التي باتت تهدد الأمن الاقليمي واستقرار دول الجوار.
فلنتحرك معاً لتمكين الشعوب من استعادة مقدراتها، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين كل أعضاء المجتمع الدولي، لنخرج سوياً من دائرة المصالح الضيقة وتغليب منطق القوة، إلى رحابة المصالح الإنسانية المشتركة والتعاون بين الجميع .. ولنكن صرحاء مع أنفسنا، إذ يتعين علينا جميعاً التخلص من سياسات الاستقطاب، فالعالم اليوم بحاجة ماسة لرحابة المصالح الانسانية المشتركة، وكل دولة ملزمة بالسعي لتطوير مصالحها مع مختلف الشركاء الدوليين، ودون أن يستعدى ذلك أحداً.
هذه، سيدي الرئيس، رسالة مصر، أنقلها لكم اليوم .. جلية وواضحة، وكلي أمل في أن تنجح جهودنا المشتركة خلال الفترة المقبلة في الوصول إلى عالم أفضل وأكثر أماناً يعمه الاستقرار والازدهار
وشكراً.. وتحيا مصر.. تحيا مصر .. تحيا مصر.‪ ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.