الجمعية العامة للأمم المتحدة.. هي الرواق المتسع المتراحب.. المنبر المتاح لرؤساء الدول الذين يغتنمون فرصة انعقاد الجمعية في دورتها العادية كل عام في ثالث ثلاثاء من شهر سبتمبر في مقر الأممالمتحدة بمدينة نيويوركالأمريكية, ويتوافدون إلي هذه القاعة الدولية, بغرض إبداء معتقداتهم, حيال القضايا الوطنية والإقليمية والدولية, وبخاصة قضية حفظ السلم والأمن الدوليين, التي باتت تشغل العالم بأسره. هي الفرع الرئيسي الذي يبحث ويناقش ويصدر التوصيات غير الملزمة- في المسائل المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين, وذلك نتيجة للأوضاع التي تلابس مجلس الأمن, الذي يعيبه محدودية أعضائه الخمسة عشر, ولا يحق لغيرهم الحضور من أجل المشاركة سوي الطرف صاحب الأزمة. تتشكل هيئة الأممالمتحدة من مجموعة فروع, تكون بمجموعها الجسم الكامل للهيئة, ومن مثلها اليونسكو ومركز حقوق الإنسان, وهيئة الطاقة الذرية.. إلخ, ولكن أهم هذه الفروع, هما فرعان رئيسان: مجلس الأمن والجمعية العامة. الجمعية العامة هي أوسع فروع المنظمة, من حيث عدد أعضائها, حيث تتألف من جميع أعضاء هيئة الأممالمتحدة والبالغ عددهم في الوقت الحاضر193 عضوا. والعضوية في الأممالمتحدة, مباحة لجميع الدول الأخري المحبة للسلام, وقبول أي دولة في عضوية الأممالمتحدة, يتم بناء علي توصية من مجلس الأمن- بقرار من الجمعية العامة, وبأغلبية ثلثي الأعضاء المشتركين في التصويت. وللجمعية العامة وظائف متعددة: انتخابية وإدارية ومالية وتأديبية ودستورية, ولها أيضا وظيفة خاصة هي حفظ السلم والأمن الدوليين. والوظيفة الدستورية تتلخص في أن للجمعية العامة, الحق بأن توصي بتعديل ميثاق الأممالمتحدة, غير أن التعديل لا يصبح نافذا إلا بعد تصديق ثلثي أعضاء الهيئة. ولكل دولة عضو صوت واحد في الجمعية, ويلزم في التصويت علي قضايا مهمة محددة, مثل التوصيات المتعلقة بالسلام والأمن وانتخاب أعضاء مجلس الأمن, موافقة بأغلبية ثلثي الدول الأعضاء, أما المسائل الأخري فتتقرر بأغلبية بسيطة. وفي السنوات الأخيرة بذلت جهودا خاصة للتوصل إلي توافق في الآراء بشأن القضايا, بدلا من البت فيها بتصويت رسمي, وذلك تعزيزا لتأييد قرارات الجمعية. ولرئيس الجمعية العامة, بعد التشاور مع الوفود والتوصل إلي اتفاق معها, أن يقترح اعتماد قرار بدون تصويت. لقيت الأممالمتحدة النجاح والفشل في أداء مهمتها. فقد تمكنت من السيطرة علي بعض النزاعات وحالت دون تطورها إلي حروب كبري, كما قامت بمعاونة الشعوب في كثير من أنحاء العالم لنيل استقلالها, وتحسين ظروف حياتها. إلا أن الخلاف بين الدول الأعضاء منع المنظمة من اتخاذ الإجراءات الكاملة والفعالة للمحافظة علي السلم, كما أدت الأزمات المالية الحادة إلي إضعافها. وفي دورتها الحالية والتي بدأت فعالياتها ال72 للجمعية, التي افتتحها الرئيس السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك, شدد علي ضرورة خلق توازن في آلية عمل الجمعية العامة لمعالجة القضايا الملحة مثل تغير المناخ وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب, وسوف يشارك في الجمعية جميع ملوك رؤساء الحكام لدول العالم. جاءت تصريحات لايتشاك بأن هذه الدورة ستكون الأولي من نوعها في أمور عديدة مثل اعتماد أول اتفاق بشأن الهجرة وتصديق العديد من الدول علي اتفاقية القضاء علي الأسلحة النووية واتفاق إنهاء الاعتداء والاستغلال الجنسيين في بعثات حفظ السلام وتنفيذ وتمويل أهداف التنمية المستدامة, لتعطي انطباعا جديدا حول التقدم الذي تحرزه الجمعية في دورها الحقيقي لمعالجة الأزمات الدولية.