مصر تنهض.. لمن يري ولمن يريد أن يري والدولة لا تكتفي أن ترمم ما انهدم منها في مرحلة الغيبوية ولكنها تبني.. وتبني بسرعة وفي كل المجالات. والمسرح.. كفن من فنون الثقافة العامة.. بل كرافد مهم فيها.. من الواضح أنه أي المسرح يعاني اليوم.. معاناة من تاه في الطريق ولم يعد يعرف ماذا يريد... أو إلي أين يتجه وليس عنده استعداد لأن يقرأ اللافتات التوضيحية أو حتي يستمع إلي ذوي الخبرة والمشكلة الأساسية في فنية ما يقدم وفي عملية الإبداع عموما.. بدءا من النص.. ذلك أن كاتب النص المسرحي يجب أن يكون موهوبا ودارسا علاوة علي إجادته الصنعة أي يعرف ماذا يقدم ولمن يقدم فلم يعد الجمهور واحدا ومتجانسا كما كان في الستينيات في المرحلة الاشتراكية وإنما أصبح الجمهور الواحد جماهيرا. في المهرجان القومي الأخير للمسرح.. منذ شهر فاز أحد العروض المسرحية الشبابية بالمركز الأول.. في التمثيل والإخراج والديكور وكل عناصر العرض تقريبا.. ماعدا النص.. التأليف.. ذلك كما قالت الفنانة الكبيرة فردوس عبدالحميد رئيس لجنة التحكيم أنه لا يوجد نص بل إن ما ظنوا أنه نص ضعيف ويكاد يكون غير موجود وبذلك حجبت جائزة النص المسرحي عموما في كل ما عرض.. وهذه مأساة.. إذ أن النص أو التأليف في حالة وهن! ثم أتيح لي هذا الأسبوع أن أذهب إلي مسرح الهناجر الذي يتيح فرصا للفنانين الشباب لتقديم عروضهم وكان هناك عرض عن إفريقيا لم أتحمل حتي أن أمكث فيه ربع ساعة إذ أن الملك كان هو سيد العرض.. وإذا ما بدأ العرض مملا واستمر فهذا يعني الموت للعرض ولصناعه وللممثلين وللجمهور الذي قد لا يغادر القاعة لكنه ينقل مباشرة إلي الشاشة الموبايل الموجود مضاء في يده! وهذه هي الحيلة الجديدة أو الحل الجديد المتاح للهروب من أي عرض ممل! كانت هناك لوحات معقولة في العرض وموسيقي معقولة أيضا وشيئ من الاستعراض لكن الممثلين والحركة كانوا نصف موتي علي الخشبة! فقط كانت الخلفية والسينو غرافيا مناسبة وقد عرفت أن المخرج ومصمم الحركةو... و... ومعظم العناصر قام بها المخرج نفسه بدءا من وضع النص الذي هو غير موجود وبذلك تاه وأصبحت المشاهد علي الخشبة مبعثرة وبطيئة ومملة وهذا هو الموت الإكلينكي. مطلوب لجنة ولوحة ثلاثية من غير المجاملين ومن ذوي الخبرة والمؤمنين بالمسرح ورسالة المسرح ليقرروا إن كان ما يرونه يصلح أو لا يصلح وألا تعطي الفرصة إلا للموهوبين فعلا حتي لا يفقد المسرح رسالته وينفصل عن الفن وعن الجمال وعن كل ما هو جميل.. ويفقد وهذا هو الأهم جمهوره وبذلك لا يصل الدعم لمستحقيه.