استطاع الدكتور أشرف زكى رئيس قطاع الإنتاج الثقافى ونقيب الممثلين تنشيط الحركة المسرحية المصرية بعدد من المهرجانات طوال شهر يوليو الماضى. أسبوع الضحك فى مهرجان قصير وسريع يرأسه المحب للمسرح سمير خفاجى ويذكرنا برموز المسرح المصرى الضاحك طوال القرن العشرين. وهذا الأسبوع كما ذكر د. أشرف زكى من أجل اكتشاف مواهب جديدة فى التأليف والأداء الكوميدى. وهذه بادرة طيبة جدا أتمنى لها الاستمرار ليس على مستوى القاهرة فقط ولكن أرجو لها الانتشار فى أقاليم مصر، وفى الوطن الأفريقى وفى دول حوض النيل العشر لأننى شاهدت فى السودان ونيجيريا وسوريا ولبنان والسعودية والكويت والأردن والعراق نجوما للكوميديا يقفون على نفس المستوى المصرى. وذكر لى أحد الأصدقاء أن أسبوع الضحك المسرحى بدأ فى المغرب منذ سنوات، ولكنه لم يستمر ولم ينتشر. والأمل أن تكون بداية أسبوع الضحك فى مصر هى البداية لانتشار الفكرة فى أرجاء الوطن العربى وأبناء أفريقيا الواعدين فى مجالات فنية كثيرة وليس الكرة فقط! أسبوع الضحك فكرة عبقرية لو أخذناها مأخذ الجد، وحرصنا على نموها بالرعاية والدراسة لاستطعنا أن نغزو بها العالم كما فعل بعض لاعبى الكرة العرب والأفارقة. ولم أتمكن من متابعة المسرح الفقير ولكن الذين شاهدوا عروضه قالوا إنها جيدة وتبشر بالخير، وهى أيضا من أجل اكتشاف مواهب جديدة للمسرح. وكنت قبل أسبوع الضحك والمسرح الفقير قد تابعت عروض مسرح الأقاليم بقيادة المخرج المسرحى عصام السيد مدير عام المسرح فى الثقافة الجماهيرية. ويرأس الهيئة العامة لقصور الثقافة صديق عزيز هو الدكتور أحمد مجاهد الذى استطاع خلال العامين الماضيين النهوض بالثقافة الجماهيرية فى شتى أقاليم مصر.. هذا العام أقام مهرجان مسرح الأقاليم فى عواصم ثلاث محافظات. البداية كانت فى محافظة بنى سويف، والمجموعة الثانية فى محافظة الإسماعيلية، والثالثة وهى ختام المهرجان كانت فى محافظة الجيزة. وقدم المخرج القدير عصام السيد فى مهرجان مسرح الأقاليم عروضا مسرحية واعدة، ونجوما من الأقاليم صاعدة فى شتى مجالات فن المسرح.. الكتابة المسرحية، الأداء المسرحى، والموسيقى والديكور والإضاءة والسينو جرافيا والإخراج المسرحى. كان مهرجانا مهما قدم مجموعة من الموهوبين فى شتى المجالات. وتميز هذا المهرجان بتنوع العروض وبالأخص عرض فرقة بنى مزار محافظة المنيا للتراث، وفرقة الحركة من بورسعيد. وشرفت فى هذا المهرجان باختيارى رئيسا للمهرجان الأمر الذى جعلنى أتابع العروض وأحاول بقدر الإمكان العثور على فكرة تجعل مسرح الأقاليم مسرحا للتنمية البشرية والاقتصادية. وقد لاحظت أن مسرح الثقافة الجماهيرى الذى تقدمه الهيئة العامة لقصور الثقافة بقيادة الدكتور أحمد مجاهد يمكن أن يلعب دورا هاما فى التنمية البشرية والاقتصادية، وتنمية الوعى الاجتماعى وإدراك مشاكل الوطن والإسهام فى إثارة التفكير من أجل العمل على مواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فى الأقاليم، وقد طالبت فى كلمتى التى ألقيتها فى ختام المهرجان بضرورة وضع بروتوكولات تعاون وثيق بين قصور الثقافة فى الأقاليم، وبين الأنشطة الفنية فى جامعات الأقاليم، وأيضا مع مراكز الشباب. هذه الهيئات الثلاث: الهيئة العامة لقصور الثقافة، وجامعات الأقاليم، والمجلس الأعلى للشباب والرياضة.. الجميع يهتمون بالشباب ويخدمون الشباب. الشباب هنا ليس الذين ينتظمون فى المدارس والجامعات فقط ولكن كل شباب مصر الذين يعملون فى الحرف المختلفة وفى الزراعة.. كل شباب مصر. فإذا استطعنا وضع استراتيجية لخدمة الشباب واكتشاف الموهوبين ورعايتهم فى شتى مجالات النشاط الرياضى والفنى، فإننا نكون بذلك قد أنفقنا ميزانيات هذه الجهات الثلاث فيما يفيد فعلا فى اكتشاف الموهوبين ونقول إن مصر ولادة ليس من قبيل الصدفة عندما يظهر أحد الموهوبين بالمصادفة.. إننى أدعو للعمل على اكتشاف الموهوب بالدراسة والاختيار والملاحظة وإعادة نظام الكشافين الذين كانوا يجوبون أقاليم مصر بحثا عن الموهوبين فى الأنشطة الرياضية من طلبة المدارس أو الذين يلعبون الكرة الشراب فى الحوارى الشعبية بالقاهرة والإسكندرية وبورسعيد وطنطا وغيرها من عواصم الأقاليم. وليسمح لى معالى وزير الثقافة فاروق حسنى والدكتور أحمد مجاهد بضرورة أخذ زمام المبادرة ودعوة كل من رؤساء جامعات الأقاليم والدكتور صفى الدين خربوش رئيس المجلس القومى للشباب لوضع بروتوكول تعاون بينهم فى مجال تنمية الشباب واكتشاف الموهوبين ورعايتهم. أما المهرجان القومى للمسرح المصرى والذى اختتم دورته الخامسة يوم الأربعاء الماضى فقد كان حدثا مسرحيا مهما. شرفت بعضوية لجنة التحكيم للمهرجان فى دورته الحالية وكنت عضوا بلجنة التحكيم فى دورته الأولى. والحق أقول إن المهرجان فى دورته الخامسة تلافى كل الأخطاء التى حدثت حتى الدورة الرابعة، وحرص على تنفيذ توصيات المهرجانات السابقة. ودون مجاملة أو تحيز أشهد أن لجنة التحكيم فى الدورة الخامسة، حرصت على أداء واجبها ومسئولياتها بدقة وحزم وانضباط جعل المهمة الصعبة تمر بسلام، ودون شوشرة. وكان الوزير الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى للثقافة قد أصدر القرار رقم 805 لسنة 2010 بتشكيل لجنة التحكيم للدورة الخامسة للمهرجان القومى للمسرح المصرى خلال الفترة من 17 وحتى 28 من شهر يوليو عام 2010 على التحو التالى: الأستاذ الدكتور هانى مطاوع رئيسا، وكل من أ.د. أحمد عبدالحليم والناقد والأديب الروائى خيرى شلبى وأ. د. سمير أحمد، والفنانة سهير المرشدى والمخرج المسرحى فهمى الخولى، والكاتب الصحفى لويس جريس والناقد الصحفى محمد الرفاعى، والكاتب محمود الطوخى أعضاء لجنة التحكيم. كانت اللجنة تجتمع فى مقر صندوق التنمية الثقافية فى الخامسة من بعد ظهر كل يوم، ابتداء من يوم الثانى عشر من شهر يوليو لعام 2010 فى وجود كل من الدكتور سيد خاطر مقرر لجنة التحكيم، والدكتور مدحت الكاشف مقرر لجنة التحكيم، والأستاذ محمد البنان أمين اللجنة. كان الدكتور سيد خاطر يبصرنا بلائحة المهرجان وضوابطها، والدكتور مدحت الكاشف يقدم عرضا سريعا عن المسرحيات التى سوف نشاهدها ومواقعها. أما الأستاذ محمد البنان فيحرص على راحة جميع أعضاء اللجنة ورئيسها بتقديم المطبوعات والبروشيرات والأوراق البيضاء والأقلام لمن يريد كتابة ملحوظاته بعد العرض والحرص على وصول لجنة التحكيم إلى مقر العرض المسرحى فى الموعد المحدد، وأيضا تقديم المشروبات والطعام لمن يريد.. باختصار كان أمين اللجنة محمد البنان مسئولاً عن كل حاجة ويلبى الطلب فى لمح البصر بالإضافة إلى مساعدة العواجيز أمثالى فى الصعود والنزول من أتوبيس لجنة التحكيم الذى يبدأ الرحلة فى السادسة ويعود إلى صندوق التنمية الثقافية فى الواحدة والنصف مساء لمدة أحد عشر يوما وسبع ساعات مشاهدة يوميا. وكان يساعد محمد البنان شاب اسمه طارق والأستاذ أشرف من صندوق التنمية الثقافية. ولقد سعدت كثيرا بصحبة لجنة التحكيم واستفدت كثيرا من المناقشات التى كانت تدور فى الجلسات فلقد حرص الدكتور هانى مطاوع المخرج المسرحى المعروف ورئيس البيت الفنى للمسرح سابقا، ورئيس أكاديمية الفنون سابقا على إشاعة جو من الصفاء والوفاق بين أعضاء اللجنة، وكان أهم ما يميز د. هانى مطاوع يقظته وحرصه على انضباط اللجنة، والتعرف على رأى كل عضو وتسجيله، ولم يزعجنى سوى اعتذار زميلى خيرى شلبى لظروف خاصة به. ووضع الدكتور هانى مطاوع نظاما دقيقا للجنة، الاجتماع فى الخامسة قبل بدء رحلة المشاهدة لمناقشة العروض التى سبق مشاهدتها وتدوين رأى كل عضو من أعضاء اللجنة، والاجتماع كل ثلاثة أيام لمراجعة الآراء على ضوء ما استجد من عروض، وتفريغ الآراء بحيث يسجل لكل عضو رأيه فى حرية تامة عن العرض المسرحى وعن كل العناصر المرشحة للمسابقة والتنافس. وكان كل من الدكتور سيد خاطر والدكتور مدحت الكاشف يفرغان يوما بيوم تلك الآراء التى يدلى بها الأعضاء حول كل عنصر من عناصر المسرحية المتنافسة. وأشهد أن لجنة التحكيم كانت تعمل فى حرية تامة، ولم يحدث أن تدخل رئيس المهرجان د. أشرف زكى أو مدير عام المهرجان الأستاذ خالد جلال رئيس مركز الإبداع، ولا تلقت اللجنة أية توجيهات من أى جهة من الجهات المتنافسة أو من وزارة الثقافة أو صندوق التنمية.. كل شىء سار بنظام وشفافية تامة ودون تدخل من أحد. وقد أسفرت الدورة الخامسة للمهرجان القومى للمسرح المصرى عن مواهب واعدة وأخرى صاعدة ومبشرة منها من فاز بالترشيح للجائزة ومنها من فاز بالجائزة. والذين لم يفوزوا إلا بالترشيح هم موهوبون ومبشرون ويستحقون التهنئة والشكر على الجهد الطيب المبذول الذى أعلن عن وجودهم وعن موهبتهم. والسؤال الذى أطرحه هنا هو: من الذى يتولى رعاية هذه المواهب الصاعدة والواعدة حتى تتأكد سواء من الذين فازوا بالجوائز أو الذين فازوا بالترشيح للجائزة؟! لا توجد آلية واضحة تهتم برعاية هذه المواهب، والزحام شديد فى الوسط الفنى، والإمكانيات لا تسمح بالإنتاج الذى يستوعب كل هذه المواهب، لذلك لابد من البحث عن آلية تتيح للموهوب تنمية واستثمار موهبته. وهذا يجرنا للحديث عن ثمرة من ثمرات مهرجان المسرح التجريبى الذى تبناه الوزير الفنان فاروق حسنى، ومازال مستمرا لأكثر من عشرين عاماً.. وهى الفرق المستقلة والتى تعقد مؤتمرها السنوى هذا الأسبوع فى إحدى قاعات المجلس الأعلى للثقافة. كما يجرنا للحديث عن الإنتاج الذى يقدمه مركز الإبداع كل عامين بقيادة خالد جلال. فلقد قدم الفنان الجاد والمبدع خالد جلال على مدى الأعوام الخمسة الماضية دفعتين من مبدعى الفن المسرحى فى مركز الإبداع. ولعل تكوين الفرقة التى قدمت مسرحية «ظل الحمار» تكون آلية من الآليات التى ترعى الموهوبين، ولكنها لا تكفى. كذلك فرق الأقاليم والهيئة العامة لقصور الثقافة وجدت حلا بتعيين الفنان المبدع والمخرج المسرحى المعروف عصام السيد مديرا عاما لمسرح الثقافة الجماهيرية، ولكن تنقصه الإمكانيات لكى يقدم خدمة متكاملة للموهوبين من أبناء الأقاليم. ولقد علمت أن الأستاذ الدكتور هانى مطاوع تقدم بمذكرة للنهوض بالمسرح للأستاذ الدكتور فوزى فهمى الرئيس الأسبق لأكاديمية الفنون ورئيس مهرجان المسرح التجريبى ورئيس مهرجان سينما الطفل، ورئيس لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة ولهذا أرجو سرعة مناقشة هذه المذكرة حتى نستطيع وضع آلية للنهوض بالحركة المسرحية ورعاية الموهوبين الذين ظهروا من خلال المهرجانات المسرحية المتعددة التى شاهدناها خلال السنوات الخمس الماضية. إن المسرح المصرى بخير رغم ما يشاع هنا وهناك عن تدهوره فالذين يشيعون هذه الأقاويل لم يشهدوا عروضا مسرحية تنبئ عن نجوم صاعدة وأخرى واعدة فى شتى فنون المسرح، لكنها تضيع ولا يسمع عنها أحد لأنها لا تجد من يرعاها، ولأننا لم نضع بعد الآلية التى تحافظ على المواهب وتنميها وتأخذ بيدها حتى يشتد عودها. إننى متفائل بمسرح مصرى جديد ينطلق إذا أخذنا أمورنا بالجدية، ووضعنا النظام والآلية التى ترعى الموهوبين فى شتى فنون المسرح.