من الأخبار الموجعة خبر العثورعلي جثامين مصريين في رمال ليبيا في وادي علي بين مدينتي طبرق وأجدابيا, الخبر الذي أعلنه الصليب الأحمر الليبي منذ أيام ذكرأن ماتم إنتشاله19 جثة من48 جثة, ولضعف الإمكانات وعدم توافر سيارات دفع رباعي تمت الإستعانة بمتطوعين ليبيين لدفع الجثث للمركز الطبي بعد وضعهم في أكياس سوداء, ولأن إكرام الميت دفنه فقد تم دفنهم في مقابر مجهولي الهوية, إذا كان الخبر موجعا لنا كمتابعين, فالمؤكد إنه مزق قلوب ذويهم, الذين حرموا من نظرة وداع وحرموا من دفن أبنائهم في مقابر يسهل عليهم زيارتها خاصة وإننا كمصريين نحرص علي زيارة الموتي, فهي جزء من طقوس الإحتفال بالأعياد, خبر موتهم جوعا وعطشا في الصحراء ودفنهم في مقابر مجهولي الهوية يمزق القلوب, وإذا كان إكرام الميت دفنه فإن إكرام الحي أولي بتوفير فرص عمل تحميه وتوفر له ولأسرته حياة كريمة. أصحاب الجثامين كانوا شباب زي الورد, خرجوا من شتي المحافظات بحثا عن لقمة العيش وفرصة عمل, المؤكد إنهم وقعوا ضحايا لعصابات التهريب التي حصلت علي أموالهم ولم تؤمن لهم طريقهم للهجرة غير الشرعية. السؤال ماالذي يدفع الشباب المصري للمخاطرة بأرواحهم ؟ واللجوء للهجرة غير الشرعية لدولة تم تصنيفها بالدولة الفاشلة, دولة مزقتها الصراعات والحروب الأهلية, وسيطرت علي أماكن فيها جماعات إرهابية. ماالذي يخرجهم من وطنهم الأكثر تماسكا وأمنا إلي المجهول فهم في طريقهم للهجرة غير الشرعية معرضون للموت علي أيدي العصابات. أو الموت غرقا, أو الموت في دروب الصحراء ودفنهم أحياء بعد معاناة الجوع والعطش لايمكن تخيل الساعات الأخيرة وكيف فاضت أرواحهم وشهدوا نهاية من سبقهم من فاضت روحه مؤخرا عاش موت كل من سبقوه, الحاجة ولقمة العيش هي دافعهم للمخاطرة بأرواحهم,وإنهم لو يعلمون هذه الخاتمة والنهاية المفجعة ماأقدموا علي الهجرة غير الشرعية, التي تحقق من ورائها عصابات الإتجار في أحلام البشر الملايين, ويحصد أهالي الضحايا الحسرة والألم. يخرجون من وطنهم الأكثر إستقرارا وأمانا بحثا عن الرزق, فالأمن لابد وأن يلازمه رخاء إقتصادي ومشروعات وإستثمارات تستوعب الشباب وتوفر لهم فرص عمل بأجور حقيقية. القانون وتشديد العقوبات لاتكفي لمواجهة الهجرة غير الشرعية, توفير فرص العمل هي الحل فمن المؤسف أن يبحث الشباب المصري عن لقمة عيش في ليبيا. في قضية الهجرة غير الشرعية إلي ليبيا تحديدا لم يقم الإعلام بدوره في التوعية والتحذير من خلال عرض تجارب حية لمصريين نجوا من الموت بأعجوبة وشاهدوا أصدقاء لهم يموتون قبل إستكمال الرحلة, ومارس دور جلد الضحية, متحدثا عن الشباب المتمرد علي فرص العمل والعاشق للبطالة,وعلي نغمة واحدة تحدثوا عن غسيل الأطباق كمجال عمل. والسؤال من أين لنا بصحون تكفي ملايين الشباب المتعطل عن العمل؟ لو ذهبت الكاميرات إلي وادي علي حيث النهاية المأساوية ل48 مصريا وتم عمل مشهد تمثيلي يحاكي معاناتهم لكانت رسالة قوية لمن تراوده أحلام الهجرة غير الشرعية, مع عرض فرص عمل حقيقية للشباب في المشروعات التي يتم الإعلان عنها, إعلام ينقل الواقع ويقدم البديل.