ممارسة السياسة علي طريقة أفلام الاثارة والغموض والمفاجأة وعليك أن تعيش أحداث الفيلم وأنت تحبس أنفاسك وتتابع المشهد تلو المشهد وتنكمش وتتمدد في مقعدك فتركب القطار الافعواني او تهبط بالباراشوت من الطائرة وهي تسقط أو تحاول النجاة بنفسك من اسنان الحيتان التي سقطت غريقا في محيطها أو تتابع مع المحقق كرومبو جمع الأدلة لتعرف من القاتل ولا يدري أحد ما سر متعة الشبه دولة علي ممارسة هذا الجيم علي هذا الشبه شعب ولماذا الإصرار علي خلق عالم افتراضي جدلي بينهما حتي تجد من أكثر الناس تفاؤلا إلي أدناهم احباطا كل يقرأ المستقبل في الفنجان. وجبة الوعي المعلب التي تقدم للشعب من الجانبين الحكومي والإعلامي والتواصل الاجتماعي أغلبها فيها سم قاتل أو فاسدة او عديمة النفع ولكن هذا الاحساس بالجوع المعلوماتي وحالة الأنيميا الشديدة التي تعاني منها الدولة في وسائل الاتصال الجماهيرية وماذا عساك تفعل وأنت جائع هل لديك رفاهية البحث عن تفاصيل ما تحمله الوجبة من سعرات حرارية مكسبات طعم ورائحة وألوان صناعية وصلاحية وليس لديك بدائل متوافرة لوجبة اكثر جودة وفي متناول يدك, سر الخلطة وتوابلها وبهاراتها وتسويتها علي درجة حرارة ملائمة تنتج عنها رائحة جذابة تثير الشهية حتي ان لم تكن جائعا وتستمتع بتناولها حتي وإن كانت دون فائدة وقد يزيد استمتاعك كلما كانت حارة وأكثر سخونة فلا تشعر مما تأكله سوي تلك الإثارة لمردود تلك النار اللذيذة التي تشتعل بداخلك مع كل قضمة وتنشغل بها حتي لا تدرك أن ما تتناوله لحم ضأن أم لحم حمير. ثم نلقي باللوم علي هذا الشعب الجاهل بانه لايدرك مصلحته ولا يستطيع التمييز بين الغث والسمين, وهو دائما في حالة عقاب مستمر وتقريع دائم لما اقترفته يداه من بداية اختياره لحكامه حتي انقلابه عليهم وهو في كل الاحوال فعل هذا وذاك وهو غير واع بما يفعله وواقع تحت تأثير مخدر الحرية ممتد المفعول او تحت التنويم المغناطيسي إلي أن يفيق. وهو بين هذا وذاك فاقد البوصلة ولا يعرف أين يسير ولا أين يجب عليه ان يسير هل هو قائد سيارة وعليه ان يسير في الطريق ام مازال لا يملك حمل رخصة وعليه ان يصعد ليسير امنا علي الرصيف, هل يصدق مايقال له احيانا من باب التشجيع انت واع وعظيم وكبير ام انك مازلت طفلا صغيرا وعليك ان تستجيب وان يردد افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين؟ غياب المصادر وتغييب الوعي هو التطور الطبيعي لوظيفة رفيعة معروفة في معظم الأماكن والوزارات تسمي المتحدث الرسمي ليحل محلها علي شبكات التواصل الاجتماعي من قد يطلق عليه المبرر الرسمي فهو طوال الوقت يبرر ويحلل كواحد من العالمين ببواطن الامور اما بصفته الشخصية أو بانتحال صفة صفحة رسمية ويتكلم كمتحدث رسمي للدول عن خطط عسكرية ومحادثات تليفونية ومشروعات قومية واستراتيجيات وتصاريح أمنية ويقابله المشكك الرسمي الذي يستخدم كل الدبابيس الملونة التي تلقيها الحكومة ببراءتها الطفولية المعهودة وهي تداعبنا في المناسبات والأعياد ليغرسها في جسد وعقل الشعب. جرير والفرزدق الآن هما من يصنعان خبز الشعب في الطابونة فهذا يهجو بلا استحياء وذاك يمدح بالعبقريات وينافس العقاد ولكل مذاقه وعشاقه وفقا لما تهواه أنفسهم والشعب الجائع يأكل من هذا وذاك وجوع المعلومات يتسبب في سعار يعض الواقع بانيابه فتسقط الحقائق من الإعياء.