لماذا ثارت المضيفات علي مسلسل أرض جو ولم تثر الخادمات علي مسلسل الحساب يجمع! هل لأن المضيفات يملكن نقابة يمكن ان تدافع عن صورتهن في الدراما التليفزيونية والخادمات بحكم العوامل الاجتماعية والطبقية لا يملكن من يدافع عن تلك الصورة! في الحقيقة ليس هذا هو مربط الفرس الدرامي بالنسبة لنا, فما اثارته تعليقات وشكاوي المضيفات الجويات خاصة عن مسلسل ارض جو(تأليف محمد عبد العاطي وإخراج محمد جمعة)- بعيدا عن شكواهن من صورة المضيفة في مسلسل في اللالالاند( تأليف مصطفي صقر ومحمد عز الدين وإخراج احمد الجندي) والتي تعكس جهلا بطبيعية النوع الكوميدي يمكن ان نعود إليه في حديث لاحق- ما اثارته التعليقات الخاصة والعامة للمضيفات عن طبيعة عملهن وكيفية تعرضهن للتفتيش وما هي الاجراءات المتبعة قبل وأثناء صعود الطائرة وغير ذلك من التفاصيل, لا يعكس كل هذا سوي غياب ما يعرف بدراسة البيئة وهو مصطلح درامي معروف وقديم رغم انه يكاد يندثر من قلة استعماله في سياقات الكتابة الدرامية تليفزيونية وسينمائية- في مصر. دراسة البيئة باختصار هي ان يقوم الكاتب بمعايشة ورصد عشرات التفاصيل التي ترتبط بطبيعة الفكرة التي يريد التعبير عنها دراميا بداية من البيئات المكانية( مدينة- حي- شارع- مطار- طائرة) والتي سوف تدور فيها اهم الأحداث ثم البيئات الزمنية( ماضي حاضر- مستقبل) بتفاصيلها التي تخص البشر والأدوات والعملات وحتي انواع السجائر, ثم البيئات الاعتبارية والتي ابرزها مهن الشخصيات وخلفياتها والتفاصيل الأساسية لكل مهنة وارتباطها بطبيعة الفكرة وما تحتاجه الشخصية من هذه التفاصيل للتعبير عن موضوع العمل. ويكفي أن نضرب امثلة من أعمال الكاتب الراحل اسامة انور عكاشة فيما يخص دراسة البيئة لكي ندرك حجم الجهد المبذول في معايشة ورصد واختيار كل التفاصيل التي تخص المكان والشخصيات داخل العمل الدرامي, ولو أن صناع أرض جو كلفوا انفسهم بدراسة خلفيات وتفاصيل مهنة المضيفة الجوية لخلق الإيهام الدرامي( اي اشعار المتفرج أن ما يراه واقع طبيعي معاش) وبالتالي تحقيق عنصر الإقناع الفني وتقبل هذا الواقع واستغراق المتلقي فيه, وهو ما يمكن رصده بوضوح في مسلسل الحساب يجمع( كتابة محمد رجاء وأياد عبد المجيد وإخراج هاني خليفة) فمن السهل ان نشعر بمدي توفر عنصري الأيهام والإقناع في الحساب يجمع وهو ما يعني استناد العمل علي دراسة بيئة حقيقية ملموسة النتائج لعالم الخادمات, فالدراما في النهاية هي الحياة مطعمة بالخيال ولكنه خيال محسوب ومرتبط بنوع الدراما المقدم وهو ما يمكن ان يكون محور حديثنا في الأسبوع القادم.