حينما يتحدث العامة عن الجامعة يسارعون بالقول إنها برج عاجي ولا علاقة لها بالواقع فأساتذتها منعزلون بعيدون عن التطبيق, والخريج لا يجد عملا مؤهلاته الجامعية وبالتالي فإنها مؤسسات بلا فائدة ليصل الأمر إلي القول إن التعليم ليس من أولويات التنمية! هذا التلبيس علي الوضع الحالي للجامعة بل علي الواقع بأكمله أصبح مدعاة للتساؤل لتشخيص الوضع الحالي وبالتالي محاولة العلاج. في حوار مع أحد عمداء كلية جامعية عن آليات تعيين رؤساء مجالس الأقسام هالني أسلوبه في تعيين قائم بعمل رئيس مجلس القسم حتي يمكنه إقالته وقتما يريد متحديا نصا صريحا في قانون الجامعة ليعين أحد القائمين بالعمل ممن أدانه القضاء لسرقته للبحوث, ولم أتعجب من الأمر حين علمت أن هناك العديد من القائمين بعمل العمداء في كليات جامعته! القضية أكبر من آلية تعيين فهي آلية عمل ينظر فيها إلي أمور لا علاقة لها بتطوير العملية التعليمية. أتذكر أنه في إحدي السنوات كان تقدير مشروع التخرج بإحدي كلياتنا للهندسة والذي هو باكورة عمل الطالب عند تخرجه بتقدير امتياز للجميع, نعم حدث هذا في إحدي جامعاتنا وليس في ستانفورد أو هارفارد أو أوكسفورد بل في إحدي جامعاتنا وللأسف!. حين تلهث جامعاتنا نحو شهادة الجودة والجميع يعلم أنها مجرد ترتيب للأوراق لا غير فنحن أمام ملهاة بحجم المأساة. وحين ندرك أن عدد البحوث التي ننشرها والتي يأتي أغلبها من الجامعات لا تمثل إلا نسبة ضئيلة جدا من البحوث العالمية, وحين نكتشف أن عدد بحوثنا كان أكبر من عدد بحوث كوريا الجنوبية وتركيا وإيران حتي أعوام1991 م,1993 م,2003 م حيث زادت بحوثهم بعدها بصورة أسية وبقيت بحوثنا تتحسر علي وضعها, سوف نتأكد أن جامعاتنا لم تواكب الواقع!. أخشي أن يكون أسلوبنا في التعامل مع قضايانا الجامعية هو أسلوب سلة الفئران التي إن حبستها مع بعضها بدأت في قرض السلة ولكن مع تحريك السلة الدائم فلن تقدر علي قرض السلة وستدخل في عراك داخلي يلهيها عن التفكر في وضعها. تلك الاهتزازات تمثل آلية التحكم في أساتذة الجامعة الذين يلهثون للحصول علي دخل يكفل لهم حياة مستقرة( وليست مرفهة), فلا يجد العديد من أساتذة الجامعة إلا التحايل والبعد عن الموضوعية في سبيل الحصول علي دخل إضافي أعلي من استحقاقهم لتدني إضافاتهم العلمية والعملية حيث لا يقومون بالبحث عن حلول لمشاكل المجتمع بل يشاركون( إن وجدت) في مشاريع بحثية أجنبية أغلبها وضع للحصول علي بياناتنا الحقيقية بدعوي التعاون العلمي. تلك المشاريع لا تصب في خطة واضحة المعالم( أو حتي غير واضحة) لاحتياجات التنمية! إن نظرة علي المكتبات المجاورة لكليات الجامعة وكذلك الإبحار في الشبكة العنكبوتية( الإنترنت) ليدلك علي ما وصل إليه حال جامعاتنا, فملخصات المحاضرات وحلول الواجبات بل وبمشاريع التخرج سابقة التجهيز التي لا ترقي بأي حال إلي مستوي التميز متوافرة لمن يدفع!. إن توفير البحوث والرسائل الجامعية لمن يدفع المقابل سبة في جبين جامعاتنا حيث يشارك فيها الأستاذ بالتهاون في متابعة عمل طلابه. لقد أصبح الكتاب الجامعي; الذي يتعارك البعض عليه; والذي أغلبه عبارة عن قص ولصق لمحتوي علمي مسروق حيث لا يشار فيه إلي مصدره ويباع بهدف الربح والمجرم قانونا; سبة في جبين جامعاتنا. فهل لهذا النائم في ضمير من صلح من أساتذة الجامعة أن يستيقظ؟ لم تضع جامعاتنا أبسط قواعد التقدم وهي معايير حقيقية للتنمية وللبحث وللعمل لتبقي الجامعة في برجها الذي يتطلب التنكيس قبل الانهيار!