ينص قانون تنظيم الجامعات في مصر علي وجود خطة للبحث العلمي في الجامعات تنبع من مجالس الأقسام العلمية بالكليات والمثير في الأمر وجود خطة لا تعلم مجالس الأقسام عنها شيئا! في ظل هذا الوضع يبقي أن يقود أستاذ الجامعة المسيرة منفردا أو بالتنسيق مع زملائه ليدفع البحث العلمي في اتجاه معين, وحيث أن العمل المشترك في جامعاتنا قلما يحدث فتتبقي أعمال الأساتذة الفردية واهتماماتهم هي المحرك لنقاط البحث سواء في البحوث الشخصية أم في الرسائل الجامعية لدرجتي التخصص( الماجستير) والعالمية( الدكتوراه) وللبحوث مع الجهات الخارجية. في حوار مع أحد رؤساء الجامعات السابقين أشار إلي أن هدف الأستاذ الجامعي أصبح الإعارة أو البحث عن منصب خارجي وهو ما يدعوه لأن تكون بحوثه بل ولغة بحوثه بعيدة عن المجتمع ومقوماته ومشاكله!. وللحقيقة فإن تحرر الشخص من المنصب يطلق عنان فكره في التدبر لحل العديد من المسائل بعد كم المعلومات التي حصل عليها بحكم منصبه, ولكنها في نفس الوقت نفسه دليل عدم اكتمال لتقاعسه عن تنفيذ ذلك حال تقلده المنصب! العجيب أن هذا النمط متكرر بل ويكاد يكون النمط الأعم في مختلف متقلدي المناصب سواء في الجامعة أم في غيرها من مؤسسات الدولة. في أحد اجتماعات مجلس إحدي شركات القطاع العام التي عملت فيها عارضت شراء خط انتاج تليفزيون أبيض وأسود لأن التقنيات كانت قد تجاوزته وهو ما تم الاقتناع به في الاجتماع لسهولة ووضوح منطق قرار الرفض ورغم ذلك عاتبني رئيس مجلس الإدارة بعد الاجتماع قائلا إننا لسنا في وضع يستوعب التقنيات الجديدة ولكنني أبديت قناعتي بأن صناعة الإلكترونيات صناعة إبداع وليس لنا أن نتخذ قرارا للسير للوراء. الطريف في الأمر أنه يبدو أن البعض ينفذون من خلال مناصبهم أمورا ليست في قناعاتهم. ولنعد إلي أستاذ الجامعة الذي يتساءل البعض بحكم التغليب عما إذا كان عندنا أساتذة جامعة, لنتساءل عما يفعله أستاذ الجامعة في المشاكل الملحة في المجتمع وعما إذا كان ما يقوم به أستاذ الجامعة من بحوث يرتبط بأولويات التنمية من وجهة نظره الخاصة علي الأقل نتيجة غياب نظرة شاملة لاحتياجات التنمية في المجتمع. ولن أعود إلي قضية السرقات العلمية في البحوث لأنها قضية معلومة للكافة بل ولا يخجل مرتكبوها مما اقترفوه فبعضهم تبوأوا مناصب قيادية في تحد صريح لمتطلبات الوظائف العامة لغياب حسن السير والسلوك! لقد بدأت بعض الجامعات تشترط تقرير برمجيات اكتشاف الاقتباس للبحوث والرسائل المنشورة والعجيب أن البعض نشط في التحايل علي تلك البرمجيات حيث عاصرت إحدي الرسائل الجامعية التي كانت نسبة اقتباسها تتعدي الأربعين في المئة لتصبح بعد إجراء بعض التعديلات اللغوية صفرا بالمئة! ولنتساءل ما هي إضافاتنا العلمية علي المستوي القومي لنجدها لا تذكر فمازلنا نستورد حلول مشاكلنا مع خبراء الحلول من الخارج في مختلف مشاريعنا ومازالت هيئاتنا الصناعية تشترط وجود رخصة تصنيع أجنبية لمنشآتنا الصناعية وهو أمر لا نجد له بديلا في أي دولة نامية أو متقدمة. يقول المثل الأمريكي فكر بعظمة, ولكن الأستاذ الجامعي عندنا نأي بنفسه عن هذا النمط ورضي ألا يفكر مطلقا بل إن جامعاتنا لافتقاد الرؤية المجتمعية لديها نأت هي الأخري بنفسها عن المجتمع لتصبح مكانا للبحث عن الإعارة أو بيع الكتاب الجامعي الذي أضر التعليم أكثر من نفعه إياه! لقد غاب الهدف وبالتالي الآليات لتحقيقه عن الجامعة لينطبع ذلك علي الأستاذ الذي لا يعطي لطلبته أي قيمة, ففاقد الشيء لا يعطيه!.