جرائم تمس الشرف لا يهتم بها المجتمع الجامعي بالقدر الكافي فهناك من ثبت سرقته لأبحاث غيره وعاد للتدريس في الجامعة بعد أحكام قضائية لم تلغ الجرم وخففت العقوبة من العزل إلي اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة علي سبيل المثال, ليتولي رئاسة مجلس القسم الذي تمت به واقعة السرقة العلمية! وهو أمر يثبت بلا أدني شك ركاكة التعامل مع القضايا التي تمس الشرف وحسن السير والسلوك لأي فرد ناهيك عن أعضاء هيئات تدريس الجامعة, ثم نتساءل لماذا تتدهور القيم ولماذا يفقد الأستاذ هيبته. قضية السرقات العلمية عدوي تصيب غيرها ويجب إيقافها حفاظا علي البقية الباقية من هيبة الجامعة ذاتها. العجيب في الأمر أن من تثبت في حقه تلك الجريمة بدلا من مداراة جريمته نجده أحيانا يتبجح بسوابق تمت فيها سرقات مماثلة وكيفية تعامل الجامعات معها. تلك قطرة من بحر يسهم فيه أعضاء هيئات التدريس غير السراق بتهاونهم في التدريس وفي البحث وفي الإشراف الحقيقي علي أعمال الهيئة المعاونة لتكون النتيجة تغييب الدور الحقيقي لمجالس الأقسام بل ولغيرها من المجالس. لقد وصل الأمر إلي وجود مكاتب تعلن علانية عن نفسها بجوار الجامعات تتيح لمن يدفع الثمن حلول الواجبات الجامعية وإجراء المشاريع نيابة عن الطلبة, ولقد وصل الأمر إلي الإعلان علي شبكات التواصل الاجتماعي عن إجراء البحوث وإعداد الأطروحات الجامعية لدرجتي الماجستير والدكتوراه!... لقد تفنن البعض في وضع برمجيات تضاد برمجيات اكتشاف النقل من النصوص المنشورة لتكتشف السرقات العلمية التي باتت تنخر في عظام جامعاتنا فهل من وقفة؟. العجيب أن تعاملنا مع هذه القضية حتي داخل بعض اللجان العلمية يتسم أحيانا بالتسيب والمحاباة مع السارق؟! حين يقف منك البعض موقف المواجهة وأنت علي حق سوف تتأكد أنك قد خدعت في من لا أمانة لهم, ذلك درس لن تتعلمه إلا بثمن غال. في اجتماع لمجلس جامعي تطرق الحديث لبيع الكتاب الجامعي بأضعاف تكلفته رغم أنه قص ولصق من مؤلفات الغير مع بعض الروابط كي يبدو الشكل أنيقا ولكن جمهرة المستفيدين دافعوا عن ذلك مهددين بترك تدريس تلك المواد حال تغيير ثمن الكتاب رغم أن الثمن تحكمه قواعد وضعتها ذات الجامعة لكنها حبر علي ورق. الأدهي والأمر أن الكتاب يتضمن أوراقا بلون مختلف يسلمه الطالب لأستاذ المادة ضمانا لشراء الكتاب مع أن هناك من يبيع الكتاب ويكتب اسم الطالب الذي اشتراه ليسلم الكشف لأستاذ المادة! لا تنفصل قضية السرقات العلمية عما يستتبعها من أفعال تصب كلها في نهر الانحراف والاستغلال. العجيب في الأمر أن سارقي البحوث لا يتورعون عن استقطاب غيرهم لتمرير أفعال ما بعد السرقة بحجة عدم المراجعة وأن مسئولية لجان الترقية لا علاقة لها بالإداريات بل هي مسئولية من تسلم الملف أول مرة رغم أن عمل اللجان إداري وعلمي مثل مختلف مجالس الجامعة بدءا من مجالس الأقسام إلي مجالس الكليات إلي مجالس الجامعة. هذا يحدث في الجامعة منارة الفكر والعلم والعمل والأخلاق ولكن حين تنخر في عظامها آفة السرقة ما عليك إلا أن تعمل مشرط الجراح بالعدل والحق كي تستأصل الفاسد فكما يقول المثل: يتطلب الأمر تفاحة عطنة واحدة لإفساد الصندوق بكامله. ولنتساءل هل يملك أستاذ الجامعة إلغاء قرار تعيين أستاذ سارق في منصب إداري بالجامعة سوي لفت النظر إليه؟! وفي الاجتماع نفسه نوقش تقاعس الإدارة عن تذكية ملف أحد سارقي البحوث وبعده متطلبات جودة التعليم. فعلا إنها ملهاة بل مهزلة!. أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة الأزهر [email protected]