مساء يوم السبت22 ابريل2017, أي عشية توجه الناخبين الفرنسيين إلي صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جمهورية فرنسا القادم, حللت ضيفة علي بعض القنوات الفضائية في تحليلات سياسية لمشهد ساخن وغيرمألوف يجوب أنحاء بلد النور والجمال. أجواء الانتخابات الحرة تقع هذا العام تحت سماء ملبد بغيوم الإرهاب الأسود. فمازال الأثير يتناقل رائحة البارود الذي انطلق من رصاصات الغدر, في شارع الحرية والمساواة والإخاء, لتلطخ دماء ضحايا سيارة شرطة التأمين الدورية وتلتصق أشلاء جثث المارة والسائحين المسالمين بأرصفة الشانزليزيه. وتدمع عين أيقونة الديمقراطية الذي يرفف فوق رؤوس50 ألف شرطي فرنسي مدججين بالسلاح تحسبا لأي هجوم إرهابي يستهدف الانتخابات في عقر دارها. وذكرت أثناء اللقاءات الفضائية, طبقا لقناعاتي الشخصية, أن الناخب الفرنسي سيختار المرشح الرئاسي إيمانويل ماكرون الذي لا ينتمي إلي أي حزب سياسي والذي رفع شعار لا يمين ولا يسار داخل حركة جديدة أطلق عليها إلي الأمام. وبعد مرور24 ساعة من التحليلات والتكهنات, جلست مع أصدقائي في المنزل نترقب النتائج الأولية للانتخابات. سعاد, من فضلك اعملي لنا قهوة كمان. حاضر يامدام. ولا أدري لماذا سعاد ذات ال39 ربيعا هي الوحيدة التي تخلع عني لقب الدكتورة. تري, عما سوف تسفر عنه تداعيات نتائج الجولة الأولي علي المنطقة العربية بصفة عامة وعلي مصر بصفة خاصة ؟ وصدق حدسي! نجح ماكرون بنسبة23.75% من الأصوات لأن الشعب الفرنسي قد يتغاضي عن بعض الفضائح إلا فساد الذمة المالية. ففضيحة الوظائف الوهمية التي طالت فيون أبعدته عن عرش الإليزيه بعد أن حصل علي19.91%. وهكذا خرج العجوز الهرم, الثنائي القطبي من يمين الوسط ويسار الوسط الذي سيطر علي الساحة السياسية الفرنسية لما يقرب من60 عاما, منهزما من سباق الماراثون الملتهب إلي قصر الإليزيه. وصدقت تكهناتي للمرة الثانية لتؤمن علي مقالي الذي صدر بجريدة الأهرام منذ عام تقريبا تحت عنوان داعش في خدمتك سيدتي مارين لوبان. فحادث الشانزليزيه الإرهابي, قد أعطي قبلة الحياة لمارين لوبان ليحصل حزب الجبهة الوطنية ولأول مرة في تاريخ فرنسا علي نسبة21.533%. حزب لاتخرج خطوطه العريضة عن بث الرعب في النفوس تحت مسمي الإسلاموفوبيا واستعداء المهاجرين وتقليص دور المسلمين وطرد العرب وسحب الجنسيات والخروج من الاتحاد الأوروبي وغير ذلك مما يتعارض مع نسيج المجتمع الدولي. وبالرغم من التناقضات الفجة لشعارات الحملة وترويج إشاعات للاستهلاك المحلي مثل ادعاء الجذورالمصرية القبطية لجدة والدتها المالطية, مغازلة إسرائيل من جهة وفلسطين من جهة أخري, استعداء المسلمين في أوروبا ثم الحرص علي مقابلة شيخ الأزهر إمام المسلمين الأكبر في القاهرة, إلخ... إلا أن أيقونة حزب اليمين المتطرف, تقدمت باستقالتها في مناورة سياسية جديدة لتعلن أنها مثل إيمانويل ماكرون, لا تنتمي إلي أي حزب بل تسعي لتكون رئيسة لكل الفرنسيين. وفي مصر, الدولة الأبية علي التحايلات والمناورات السياسية, حصلت مارين لوبان رسميا علي5.4% من أصوات الناخبين الفرنسيين في القاهرة الكبري. بينما حصل إيمانويل ماكرون المستقل علي32.2%, أي أن اليمين المتطرف يأتي في ذيل القائمة بفروق شاسعة بالرغم من جهود مدير المشروع السياسي للحزب جان مسيحة المصري الأصل. وعلي الرغم من أن ماكرون يعد شابا حديث العهد بالساحة السياسية الدولية, إلا أن استطلاعات الرأي ترجح فوزه في الجولة الثانية أمام لوبان. فهو يمثل نموذج الطبقة الفرنسية المثقفة ويستهدف برنامجه, كرجل اقتصاد في المقام الأول, الطبقات الوسطي والفقيرة. عارفة يا سعاد, لو الراجل اللي في التليفزيون ده نجح, حيبقي رئيس فرنسا الجديد عنده39 سنة زيك بالظبط؟. يالهوي ياستي! دانا كان أبو محمد يدبحني! وخلعت عني أم محمد لقب مدام! وأنا التي كنت أود أن أشرح لها الفرق بين الاشتراكية الليبرالية لماكرون والنزعة القومية لمارين لوبان سامحكم الله ياوزراء التربية والتعليم المتعاقبين.!!!