- بلاش دوشة يا مايكل -من فضل حضرتك يا دكتور,علشان خاطري - قلت لأ يا مايكل,مفيش اجازات..فيه امتحانات -أنا مش حاعرف أذاكر خميس العهد ولا الجمعة الحزينة ولا سبت النور ولا حتي حد السعف..وبعدين لازم أساعد ماما في التجهيزات للعيد..حلفتك بالنبي يا دكتور حنان..والنبي وضجت القاعة بضحك زملاء مايكل من دفعة أوشكت علي التخرج والدخول في معترك الحياة العملية والقيود المهنية..ووجدتني أتأمل هذا الشاب الذي لا يختلف كثيرا عن ابني الذي يقوم بنفس الاستعدادات قبيل عيد الأضحي المبارك..ونظرت إليه كأم حانية رق قلبها لتوسلات ابنها..وبنظرة خبيثة وابتسامة كريمة أجبته:يعني لو أجلت الامتحان بعد العيد..فقاطعني بعفويته المعتادة:أوعد حضرتك إني أجيب امتياز..وتهللت أسارير جميع الطلاب حيث نجحت مفاوضات مايكل الذي تم تكليفه بهذه المهمة الصعبة. وفي صباح يوم الأحد بدأنا اجتماعات هيئة التدريس مبكرا لا يكدر صفونا شيء حتي جاءتنا الأخبار الدامية..لم أنبس ببنت شفة..كنت أخشي سماع أنباء سيئة عن أسماء أحفظها عن ظهر قلب وأكررها كل يوم داخل المحاضرات..تري هل يمكن أن يكون عبد الإله ومينا ورامي وجينا ومايكل وعادل من بين الذين سقطوا ضحايا حادث الكنيسة؟..هل يد الشيطان امتدت إليهم لتقبض أرواحا بريئة كانت جاثية علي الأرض تتعبد في صمت لخالقها في السماء؟..هل تناثرت أشلاء جينا الزهرة الجميلة لتلتصق بجدران الكنيسة التي اتشحت بسواد دخان البارود..هل تفحم ما تبقي من جسد رامي صاحب الميداليات الذهبية في الرياضات البحرية..هل ضاعت ابتسامة مينا بين صرخات مذعورة لم يسعفها الوقت لتصل إلي الحناجر؟ وإذا هرولت جميع السلطات إلي مكان الحادث, فهل يستطيع الطب الشرعي أن يفرق بين دم مسيحي ودم مسلم؟..بين دم عبد الشهيد ودم عبد الرحيم؟ عبد الرحيم؟ عبد الرحيم!!! ماذا لو كان عبد الرحيم الذي تبدلت أحواله وأطلق مؤخرا لحيته وصار يتغيب عن المحاضرات هو من قام بقتل زملائه وأصدقائه داخل الكنيسة؟ استجمعت رابطة جأشي وذهبت علي عجل إلي القاعة الكبري التي يجتمع فيها أعضاء هيئة التدريس..لم تلتقط أذناي إلا همهمات لا أعلم مصدرها..لا حول ولا قوة إلا بالله, يا رب ألطف بالبلد, الله يرحمهم, ولم أتعرف إلا علي صوت واحد حاد ناقم علي الحياة أعرفه جيدا إذ طالما بث الحقد والغيرة والفرقة بين الجميع: الله يرحمهم ده إيه؟؟ دول كفرة, دول مسيحيين, الموت فيهم حلال. وسرعان ما أجابها صوت رخيم لشخص حكيم:وماذا لو كان يا دكتورة نهي الضابط المسلم الذي يقوم بتأمين حرم الكنيسة والذي تطايرت أشلاؤه لتختلط بدماء المصلين من المسيحيين هو أخيك أو زوج شقيقتك أو حتي أبو أولادك؟ هل تعتقدين أيضا أن الموت وهبه هدية حلال؟ أما يكفي ما تبثينه أنت وأتباعك من الخلايا النائمة من أفكار مغلوطة وحبال شائكة تلفينها كالأفعي الملساء حول رقاب أجيال متعاقبة في عمر الزهور؟..أطلقت يد الشيطان غير المغلولة لتغتال البراءة في مهدها من منبرك الذي ينفث السم في عقول شباب المسلمين ضد المسيحيين كما نفث الشيطان في عقلك المتواضع وضميرك المريض ووطنيتك الزائفة وعلمك الضئيل ومواقع تواصلك الإجتماعي التي تحرض علي العنف والفتن والتطرف..الجميع حزين إلا أنت, تقهقهين مع أمير مملكة الشياطين الذي ينهش صدرك ويوسوس في نفسك بالغيبة والنميمة والكذب والفجور..أدعو الله لكي تعودي إلي رشدك وتنزعي فتيل القنابل الموقوتة التي تزرعينها في عقول أبنائنا الطلاب..إن لم يكن عبد الرحيم هو مفجر كنيسة اليوم, فسيكون بسببك هو صانع الأحزمة الناسفة.. غدا أو بعد غد. [email protected]