لا تنسي مصر أبدا شهداءها الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداء لترابها الطاهر, يضعهم الضمير الشعبي في أعلي عليين, يؤمن أنهم أحياء عند ربهم يرزقون, عندما استشهد الفريق عبد المنعم رياض يوم9 مارس1969, ثاني أيام حرب الاستنزاف, بين قواته المقاتلة في الخطوط الأمامية شمال الإسماعيلية, خرجت الجماهير تودعه بكل احترام وإجلال وتقدير لبطولته النادرة, أما مصر الرسمية فقد اعتبرت يوم استشهاده عيدا تحتفل فيه كل عام بالشهداء; تحيي ذكراهم الطيبة, وتذكر الأجيال الشابة بتضحياتهم الجليلة. وقبل أيام احتفلت القوات المسلحة, وقائدها الأعلي الرئيس عبد الفتاح السيسي بيوم الشهيد, وتم تكريم أهالي الشهداء والمصابين خلال العمليات العسكرية أو الذين استهدفتهم يد الإرهاب الآثمة, وكان الاحتفال ملحمة وطنية أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن المصريين, كل المصريين الشرفاء, يقفون صفا واحدا خلف قواتهم المسلحة وشرطتهم الوطنية وقيادتهم السياسية الحازمة في وجه أعداء الوطن, الذين يكيدون له, سواء كانوا من القوي الداخلية التي احترفت الخيانة وبيع الأوطان مقابل حفنة من نقود أو وعد غير قابل للتحقق بسلطة ما هنا أو هناك, أو من القوي الإقليمية التي تبحث لها عن دور ولو علي جثث إخوانهم وجيرانهم, أو قوي دولية تسعي لإعادة هندسة المنطقة بما يحقق أهدافها وأطماعها في استمرار السيطرة علي مقدرات الشعوب واستنزافها. وخلال الاحتفالية بكي الرئيس عدة مرات وهو يستمع لأهالي الشهداء يروون تجربتهم مع فقد أبنائهم فلذات أكبادهم وأزواجهم وآبائهم, وتحدث الرئيس إليهم بود أحاديث مطولة ليستأنسوا به, وعاملهم بما يليق بأهل الأبطال, وقدم لهم الشكر والامتنان والمواساة باسمه وباسم كل أبناء مصر في فقد أبنائهم, وكرمهم بأوسمة تقديرا وعرفانا بتضحيات الشهداء. هذا هو الجانب المضيء من مصر, أما عوالم مصر السفلية ففيها إرهاب من نوع آخر, إرهاب تجرد من المنطق والعقل ومن الإنسانية, رجل ناضج في الخامسة والثلاثين من عمره يغتصب طفلة لا تزال في مرحلة الرضاعة, في جريمة بشعة هزت مصر من شمالها لجنوبها, وبثت الرعب في قلوب الأهالي خوفا علي أطفالهم من ذئاب بشرية بلا عقل ولا قلب. وفي القاع أيضا شاب يقتل أمه بدم بارد وبلا شفقة ولا رحمة بعجزها وضعفها; لأنها لم تعطه النقود القليلة التي تملكها لينفق منها علي إدمانه للمواد المخدرة, وعصابة لتجار المخدرات يختلف أفرادها فيما بينهم علي توزيع المال الحرام فيخطفون واحدا منهم من قلب القاهرة ويقتادونه في سيارة, وأثناء ذلك يستطيع المخطوف أن يفتح الباب ويستنجد بالمارة في الشارع الذين صوروا المخطوف والسيارة ولم يستطيعوا إنقاذه, ليكمل الشركاء جريمتهم ويقتلوه ويلقوا بجثته في الشارع, بدون خوف حتي بعد أن افتضح أمرهم ولم يعد بإمكانهم إنكار الجريمة المصورة. قصص رعب وحكايات لم نكن نسمع عنها من قبل, تستلزم قضاء حاسما لا تأخذه بالمجرمين رأفة ولا رحمة, ناجزا لا يخضع لألاعيب المحامين التي تهدف إلي إطالة أمد المحاكمة, حتي يكون هؤلاء المجرمون عبرة لغيرهم, وحتي لا يشوهوا الصورة الجميلة التي رسمها أبطال الجيش والشرطة بدمائهم الغالية, حتي استطاعوا تحقيق الأمن والأمان للمواطنين, وتطهير مصر من الظلاميين وتجار الدين والإرهابيين الذي أرادوا السيطرة عليها, لكن القوي الوطنية من جيش وشرطة ومواطنين شرفاء كانوا لهم بالمرصاد, وأفشلوا مخططاتهم, وتحيا مصر.