فوز الزميلين عبد الوكيل أبو القاسم وأحمد زغلول بعضوية الجمعية العمومية ل روز اليوسف    وزارة النقل تدرس إرسال مهندسين وفنيين للتدريب في الصين    جهاز التنمية الشاملة يوزيع 70 ماكينة حصاد قمح على قرى سوهاج والشرقية    جولة داخل مصنع الورق بمدينة قوص.. 120 ألف طن الطاقة الإنتاجية سنويا بنسبة 25% من السوق المحلي.. والتصدير للسودان وليبيا وسوريا بنحو 20%    وكالة إيرانية: فرق الإنقاذ تبتعد مسافة 3 ساعات عن منطقة سقوط طائرة الرئيس    فرنسا تستثير حفيظة حلفائها بدعوة روسيا لاحتفالات ذكرى إنزال نورماندي    أحمد عبدالحليم: الزمالك جدد طموحه بالفوز بالكونفدرالية وفخور بجمهور الأبيض    نتائج مواجهات اليوم ببطولة الأمم الإفريقية للساق الواحدة    غدا، محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة    أخبار الفن اليوم، محامي أسرة فريد الأطرش: إعلان نانسي تشويه لأغنية "أنا وأنت وبس".. طلاق الإعلامية ريهام عياد    «ذاكرة الأمة».. دور كبير للمتاحف فى توثيق التراث الثقافى وتشجيع البحث العلمى    الصحة: طبيب الأسرة هو الركيزة الأساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    سلطنة عمان تتابع بقلق بالغ حادث مروحية الرئيس الإيراني ومستعدة لتقديم الدعم    رئيس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة: جرائم الاحتلال جعلت المجتمع الدولى يناهض إسرائيل    دموع التماسيح.. طليق المتهمة بتخدير طفلها ببورسعيد: "قالت لي أبوس ايدك سامحني"    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية.. الإفتاء توضح    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهاجرون إلي الموت
المصير المجهول علي قارب متهالك

في العالم تنطلق النزاعات القومية, والقبلية, والعرقية, والطائفية, فتنطلق معها المدافع, ويفر من يستطيع, وتنهار الدول وتنفجر من الداخل فتفيض بمن فيها, لتغرق من حولها,يهرب البعض من القهر
, ويهرب آخرون من الجوع الأرقام تتضاعف والتحرك بالملايين يجعلنا نقول: إننا في عصر الهجرات الكبري, فلم يشهد العالم مثل هذه التحركات التي تتم بالملايين, وفي ظروف شديدة الخطورة أيضا, ونستطيع أن نسجل أننا أمام انتشار جغرافي غير مسبوق..
كان من المعتاد أن نري لاجئين ومشردين في أفريقيا وشرق آسيا, ولكن هاهي الظاهرة تنتقل إلي منطقة الشرق الأوسط, وهاهي طلبات اللجوء إلي أوروبا تتضاعف في القرن الحادي والعشرين وتبلغ أوجها في العقد الثاني منه. إنه الهرب من الأوطان.
(1)
الأسباب معروفة, صراعات وحروب, وجذور طائفية أو عرقية وقبلية, لكن الأهم أن نرصد قضية إنهيار الدولة التي جمعت كل هذه الأسباب, كما حدث في اليمن والعراق وسوريا وليبيا وأيضا لبنان والسودان والصومال, ولانتشار الفقر والبطالة في دول أخري كثيرة..
الأغرب, ووفقا لبيانات الأمم المتحدة عن الموقف خلال ما بعد سنوات الربيع العربي أن تكون حالات اللجوء والهجرة غير الشرعية من الأطفال والنساء والمسلمين, حيث لاتقل نسبة الأطفال غير المصحوبين بذويهم عن50% من حالات الهجرة الطوعية أو القسرية, وبما يعني أن هذه الفئات الأكثر ضعفا, والأكثر تعرضا للظروف القاسية, فهم عرضة للاستغلال والابتزار علي يد عصابات تهريب البشر والاتجار بهم, إذا ما تعرضوا لمخاطر..
وتشير الإحصائيات أيضا إلي أن المسلمين والعرب تزيد أعدادهم عن80% من مجمل المهاجرين وطالبي اللجوء.
(2)
الأرقام تؤكد أننا أمام ظاهرة عامة يعانيها أكثر من150 بلدا علي الأقل, بين بلد طارد وبلد مضيف, وبعد أن كانت أفريقيا السوداء لها الصدارة في مجال الهجرة, انضمت إليها بلاد أفريقيا العربية, خاصة ليبيا ومصر, وكان للمغرب والجزائر وتونس رصيدهم التاريخي في مجال الهجرة لفرنسا منذ زمن قديم.
وتقدر منظمة العمل الدولية معدل حجم الهجرة السرية يتراوح ما بين10 إلي15% من عدد المهاجرين في العالم, أما منظمة الهجرة الدولية فتقدر أن حجم الهجرة غير القانونية في دول الاتحاد الأوروبي يصل إلي5,1 مليون فرد.
وقدر عدد الدول المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين ب40 دولة, أهمها الآن دول أمريكا الوسطي والجنوبية ودول آسيا( الصين وباكستان) والشرق الأوسط ودول أفريقيا.
تعتبر إيطاليا هي الوجهة الأقرب والأكثر تفضيلا وبلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلي شواطئها عام2013 م ب4200 مهاجر, وهو عدد يفوق ما سجل في العام السابق ب3 مرات, ما يدل علي أن المشكلة تستفحل مع الزمن.
والنتيجة كما قالت إحصائيات المنظمة الدولية للهجرة إن,232 مليون شخص هاجروا بين مختلف دول العالم بشكل قانوني. وذلك بنسبة زيادة سنوية ثابتة, وهي3 في المائة, من بين هؤلاء النازحين والمشردين أيضا من هم ضحايا كوارث ليس للإنسان يد فيها, مثل الظواهر المناخية المتطرفة كالفيضانات والجفاف والتصحر وظهور أوبئة, وتأثير إيبولا علي اقتصاديات دول غرب افريقيا, وهي عوامل تدفع إلي الفرار إلي مكان آمن فترتفع معدلات الهجرة والنزوح.
وفي المقابل شهد العالم بداية من عام2014 أعلي رقم مسجل للنازحين داخل دولهم, وهو33.3 مليون, وللاجئين خارج دولهم, وهم16.7 مليون نسمة بسبب الحروب والتقاتل الداخلي بمنطقة الشرق الأوسط, وهو أعلي رقم مسجل منذ الحرب العالمية الثانية, ومع ذلك ارتفعت وتيرة هذا الرقم كثيرا خلال العامين التاليين.
مكتب إحصاء الاتحاد الأوروبي( يوروستات), صرح في منتصف مارس الحالي بأن عدد من طلبوا اللجوء إلي دول الاتحاد عام2016, انخفض عن الرقم المسجل في2015, بعد أن وصلوا إلي نحو1.2 مليون شخص, وكان1.26. مليون شخص طلبوا اللجوء للاتحاد الأوروبي في عام.2015
الاتحاد الأوربي استقبل1.6 مليون شخص في الفترة من2014 إلي2016, ويسعي للحد من تزايد موجات الهجرة غير الشرعية.
وقامت المستشارة الألمانية ميركل بجولة في عدد من دول المنطقة لمناقشة وسائل الحد من الهجرة مع رؤساء دول المنطقة منها مصر وتونس وبعض الدول الأفريقية.
(3)
بدأت مأساة الهجرة غير الشرعية كارثية منذ عام2013, ففي هذا العام وإن كان عدد الغرقي أقل كثيرا مقارنة بحوادث الأعوام التالية, إلا أنها لفتت الأنظار إلي الخطورة الظاهرة, حيث قدر عدد الذين قضوا حياتهم غرقا قبالة السواحل الأوروبية عام2013 ب500 طالب لجوء. وأبرزها كارثة الجمعة11 أكتوبر حين تعرض قارب كان يحمل400 لاجئ قادم من سوريا منطلقا من مصر لهجوم مسلح في المياه الإقليمية التابعة لليبيا.
الأرقام تشير إلي نزوح مليون و8616 شخصا إلي أوروبا عام.2015 أكثر من5000 شخص ماتوا غرقا في المتوسط. لقي منهم أكثر من ألف مهاجر غير شرعي مصرعهم في مياه البحر المتوسط في منتصف أبريل.2015
البلد الأول المصدر للمهاجرين هو سوريا, إذ يحتل السوريون نحو49% من مجمل النزوح العام, و9% من العراقيين. و25% من النازحين هم من الأطفال دون سن.18
ومنذ اندلاع الثورة السورية عام2011, تم تشريد ملايين السوريين في داخل سوريا وخارجها نتيجة قصف النظام لمدنهم وقراهم, ما دفعهم إلي سلوك طريق اللجوء في دول الجوار بداية, والبحث عن سبل الهجرة غير الشرعية إلي الدول الغربية.
وكانت مصر محطة رئيسية لهجرة السوريين غير الشرعية في الفترة ما بعد عام..2011 وباتت ليبيا الغارقة في الفوضي هي الأخري. تشكل البوابة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة الذين يتوجهون إلي الاتحاد الأوروبي عبر البحر الأبيض المتوسط في رحلات محفوفة بالمخاطر
(4)
عشرات من حالات غرق لمراكب هجرة غير شرعية يروح ضحيتها عشرات الشباب والأطفال, واحتلت مصر المركز الأول للدول المرسلة للأطفال المهاجرين إلي إيطاليا, وفي الفترة من يناير إلي مايو2016 وصل حوالي1815 مهاجرا غير رسمي للسواحل الإيطالية بينهم1147 طفلا, وفي عام2014 هاجر2007 طفل إلي إيطاليا, وفي عام2015 هاجر2610 أطفال.
وأن أعداد المهاجرين غير الشرعيين الوافدين من مصر عام2016, تضاعفت بنسبة104%, وأشار تقرير المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة, أنه خلال ال7 أشهر الأولي من عام2016 وصل2634 مهاجرا مصريا إلي إيطاليا, مقابل344 فقط طوال عام.2015
ومن ناحيتها أعلنت السلطات الإيطالية أنها استقبلت حوالي2500 طفل منذ مطلع عام2016, لتحتل مصر بذلك المرتبة الأولي بين البلدان المرسلة للأطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم إلي إيطاليا.
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة الثلاثاء21 مارس2017, أن حوالي6 آلاف مهاجر أنقذوا في البحر المتوسط الممر الرئيسي بين شمال افريقيا وإيطاليا خلال أسبوع واحد فقط. وأن أكثر من520 مهاجر لقوا مصرعهم هذا العام.
وشهدت المياه الاقليمية المصرية في شهر نوفمبر2016 مأساة غرق المركب التي أطلق عليها مركب الموت وراح ضحيتها260 مهاجرا من مختلف الجنسيات مابين غريق ومفقود, ما يجعل من هذا العام هو الأكثر دموية بين من يتطلعون نحو حياة أفضل.
وإحصائيات الحكومة الإيطالية تؤكد إنقاذ16 ألفا و206 أشخاص في البحر منذ بداية العام وحتي منتصف مارس.2017 وتم إنقاذ11 ألفا و911 شخصا في الفترة ذاتها من.2016
وأن عام2015 سجل سقوط أكثر من5000 مهاجر غرقا في مناطق متفرقة, حيث تضاعف عدد الوفيات مقارنة بعام.2014
وأن عدد الغرقي في البحر الأبيض المتوسط فاق كل التوقعات جراء ركوب قوارب غير صالحة للاستخدام, وقد وصل عدد المهاجرين غير الشرعيين إلي أوروبا219 ألف شخص في عام2014, من بينهم171 ألف جاءوا من السواحل الليبية, بما يشكل نسبة400 بالمائة مقارنة بعام.2013
(5)
في الثالث من يونيو2016 غرق مركب علي متنها400 مهاجر بطريقة غير شرعية, بالقرب من جزيرة كريت اليونانية, ولم يكن هناك سوي300 شخص ناج, و100 غريق.
ويقول س. ع. خ كان شقيقي من الناجين في هذه الرحلة وهو بالرغم من الأهوال التي رآها, لكنه لم يهدأ له بال حتي سافر للحاق بأصدقائه في إيطاليا, والناس هنا عرفوا طريقهم إلي الهجرة غير الشرعية من أكثر من عشرين عاما مضت, كانت في البداية عن طريق تزوير تأشيرات السياحة ومن ثم تهريب المهاجرين, أما الآن فأصبح طريق البحر الأسهل والأقل تكلفة حتي بات في الآوانة الأخيرة مقصد أسر بأكملها تسلكه للهروب إلي إيطاليا أو اليونان غير عابئين بخطورة الرحلة..
(6)
وفي منتصف مارس الماضي2017 تم إنقاذ نحو ثلاثة آلاف شخص في البحر المتوسط قبالة ليبيا في22 عملية إغاثة معظمهم من الأطفال, بحسب ما أعلنه خفر السواحل الإيطاليون الذين ينسقون عمليات الإنقاذ.
وكشفت الزيارة التي قمنا بها لقري الهجرة السرية في كفر الشيخ مثل برج مغيزل والجزيرة الخضراء عن لغز هجرة الأطفال بدون ذويهم, حيث تتراوح أعمار الأطفال الذين يسافرون إلي إيطاليا ما بين أعمار ال14, و17 عاما.
يقول إبراهيم عبدالسلام مطاوع- من أهالي رشيد- نظرا لظروف الناس الصعبة, حيث لا عمل ولا اهتمام, أهمل الأولاد التعليم, وينتظر الولد منهم حتي يبلغ السادسة عشرة أو السابعة عشرة ويستخرج له بطاقة وجواز سفر ويحملهم معه, ويقفز علي أقرب مركب مسافر إلي إيطاليا, وكل أطفال شاطئ البحر المتوسط من بور سعيد وحتي شاطئ مطروح تبدو لهم هذه الهجرة كحلم العمر, وأن إيطاليا أقرب إليهم من قرية تبعد عنهم مئات الأمتار ولا أقول الكيلو مترات..
ويؤكد المحامي جمعة حميد من أهالي رشيد- هذا الكلام ويقول: أهالي الساحل وجدوا في اتفاقية إعادة القبول متعددة الأطراف التي وقعتها مصر مع الحكومة الإيطالية عام2007 ملاذا لهم, والتي تنص علي ألا تلزم إيطاليا بترحيل الأطفال المهاجرين غير الرسميين دون سن ال18 عاما, ولهذا فهم يتركون أبناءهم للسفر دونهم وهم مطمئنون إلي أنهم سيلقون الرعاية في إيطاليا وأن الهجرة فرصة لنقل الأسرة من الفقر إلي الغني.
من ناحيتها تعتبر إيطاليا أن هجرة الأطفال دون ذويهم دليل علي أنهم يعانون خطرا في بلادهم, لذلك تتولي رعايتهم ولا تأمن عليهم بترحيلهم إلي بلادهم مرة أخري إلا بعد موافقة أهلهم, وبالطبع الأهالي يرفضون عودتهم, بل يرسلون إليه إخوته الآخرين.
وعن مدي الخطر الذي قد يتعرض له الأطفال يقول المحامي( أ. أ. ع. صياد): الرحلة ليست بهذه الصعوبة, فالمراكب تخرج من الميناء في أوقات معلوم فيها استقرارالطقس, والرحلات تخرج من الشاطئ أسبوعيا وتحمل مئات الأطفال الذين يصلون بأمان إلي الجهة الأخري من الشاطئ, والأهالي يرسلون بأولادهم بلا أي قلق, بل تحمل كلماتهم الشكر والجميل لهؤلاء المهربين الذين تكفلوا بحمل أولادهم, ويدفعون لهم جزءا من المبالغ مقابل التسفير, وقد يأجلون الدفع لما بعد وصول الأبناء, وحتي إذا وقعوا في قبضة الشرطة هناك يشعرون بأنهم في أمان, ويعاملونهم بآدمية ويأخذونهم ليلحقوهم بالمدارس, ويخصصون لهم معاشا شهريا ويسكنوهم في أماكن جيدة, ويأتي الطبيب ليلقي عليهم الكشف في أي وقت, لكن الحظ العاثر لتلك الرحلة المشئومة التي راح ضحيتها ال260 شابا وطفلا وبعض الأسر, هي التي قلبت الموازين ودفعت بالشرطة لمطاردة المهربين والصيادين, كمحاولة لإظهار مدي تأثير العصا الغليظة للدولة, خاصة بعد أن تحولت القضية إلي رأي عام, ومطالبة الأسر المكلومة بالقصاص من المهربين, لافتا إلي أنه من بين كل100 شخص يتعرض4 أشخاص للغرق.
(7)
من خلال تقرير الاستهلاك والإنفاق الذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لسنة2013, لتحديد المحافظات الأكثر فقرا باعتبارها مؤشرا للميل إلي الهجرة,أنجز المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية دراسة ميدانية للإجابة علي سؤال رئيسي وهو: هل هناك من علاقة بين الفقر والهجرة غير الشرعية..؟
انتهت الدراسة إلي تحديد10 محافظات, أكثر تصديرا للهجرة غير الشرعية من غيرها وهي: الشرقية, الدقهلية, الغربية, القليوبية, المنوفية, البحيرة, الفيوم, أسيوط, الأقصر وكفر الشيخ وهي المحافظات الأكثر فقرا, ووجدت الدراسة أن الهجرة غير الشرعية لاتقتصر علي المحافظات الساحلية وحدها, بل إن هذه المحافظات أصبحت عامل جذب كبيرا للهجرة غير الشرعية بين بقية محافظات مصر, بل محافظة مثل محافظة كفرالشيخ لم تعرف الهجرة الشرعية أو غير الشرعية من قبل أصبحت اليوم من أكثر المحافظات تصديرا للهجرة غيرالشرعية.
ويقول محمد عبدالرازق من أبناء قرية الجزيرة الخضراء بمركز مطوبس محافظة كفرالشيخ: لا يوجد بيت واحد في الجزيرة إلا وفيه شخص أو أكثر سافروا إلي إيطاليا, وكثير من الشباب استقروا هناك ويعيشون حياة طيبة, ويذهب إليهم إشقاؤهم للعمل معهم, وهناك نماذج نجحت ويرسلون لأسرهم بالمال الكثير, وهناك أيضا شباب سافر وفشل في العمل أو انحرف, ومنهم أمثلة كثيرة بلا خبرة تم استغلالهم في أعمال غير قانونية وهؤلاء أعدادهم قليلة للغاية ولا نعرف عنهم أي أخبار لأنهم لم يعودوا لأسرهم ولا يتصلون بهم.
ويقول خالد الزيني: الحياة في إيطاليا ليست كلها سمن وعسل, فالشباب الذين يهاجرون في هجرة غير شرعية إن نجوا من خطر المطاردة, ووصلوا بأمان فهم هناك بين مطرقة الغربة وكراهية الإيطاليين وسندان الشرطة التي قد تقوم بترحيلهم في أي وقت. في مخيلته عنها, حقيقة يعيشها علي أرض الواقع.
(8)
وتصف التقارير الدولية الجرةة غير الشرعية بأنها تجارة مربحة, يقول خالد محمد من قرية كفر مغيزل مركز مطوبس, تعتبر الهجرة غير الشرعيةعامل رواج كبير للطرفين, فالمهاجر يستفيد من السفر اقتصاديا والشباب هنا يعتبر السفر هو صفقة العمر التي ينتظرونها, وأما فائدة المهربين فكبيرة وضخمة في ذات الوقت, فكل من عمل من الصيادين في التهريب, تحولت حياتهم, وانقلبت أوضاعهم, وبعد الكفاف والمسغبة أصبحوا من أصحاب الملايين, فهم يأخذون علي كل رأس مسافر عشرين ألف جنيه في رحلة لاتستغرق أكثر من24 ساعة..
وهذا ما تؤكده تقاريرالأمم المتحدة, حيث يجني المهربون من افريقيا الي أوروبا, ومن أمريكا الجنوبية والوسطي إلي أمريكا الشمالية, نحو6 مليارات و800 مليون دولار سنويا. في حين يجني بعض المهربين أكثر من60 ألف دولار أسبوعيا من هذه العمليات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.