دعيت منذ سنوات لحضور مؤتمر للحوار بالقاهرة, ونظرا لوجود العديد من الأجانب صاحبت الكلمات ترجمة فورية علي غير المعتاد إلا أن الترجمة لم تكن بالجودة المطلوبة حتي بالنسبة للكلمات الشائعة وكأننا أمام برنامج ترجمة غير كفء. المهم أنه عندما سمح لي بالحديث تحدثت بالإنجليزية حتي تصل رسالتي إلي الأجانب الحضور, ولأن الحديث خلال الجلسة التي تحدثت فيها دار ضمن أمور أخري حول11 سبتمبر لذلك ضمنت كلمتي تفنيدا مختصرا للقضية أنهيته بأن جميع دولنا ليس لديها التقنيات المتقدمة لإحداث ذلك الحدث, ولإن كنا نملك جزءا من تلك التقنيات لكنا في عداد الدول المتقدمة. وكما توقعت لم يتم دعوتي لأي لقاء حواري تال منذ وقتها! والمثير أننا أصبحنا بدون وعي نردد الرواية المتسرعة دون تحقيقات أو تأكيدات والتي تلقيناها وكأن كامل الحقيقة هي أننا من قمنا بتلك الأعمال الجنونية, والعجيب في الأمر أننا بتنا وكأننا ننتظر مقولة قبعة السيد لتشكل كياننا الثقافي والفكري بل والمادي. العجيب في الأمر أننا نغض الطرف عن كامل التحليلات الهندسية والفنية والعلمية التي تؤكد أن تلك الأحداث صناعة محلية لا ناقة لنا فيها ولا جمل, حيث لم يجرؤ أي مسئول عربي علي تبنيها أو حتي تفنيدها رغم أن هناك من الرؤساء الغربيين من شارك فيها! ورغم ذلك بتنا أسري تلك الادعاءات التي يلفظها عدد غير قليل من المفكرين والعلماء, بل وممن عملوا في مطابخ تلك الأحداث. ويبقي دور النخبة( إن وجد هذا الفصيل) وأساتذة الجامعات لتناول الأمر بالتحليل العلمي ففي القضية متسع للعديد من التخصصات التي يمكنها فرادي أو في مجموعات أن يكون لها رأي في تلك الأحداث وتداعياتها التي تشكل جل حياتنا, أم أن الأمر لا يعنيهم لأن أعينهم علي تلك القبعة حتي لا تحرمنا ما اعتدنا عليه!. والمتابع للأحداث العالمية عقب تغير الإدارة الأمريكية سيجد العديد من الأعمال التي جذرها الإعلام الغربي والشرقي علي حد سواء تجاه مواطنينا وتجاه كل من ينتمي لعقيدتنا والتي تندرج تحت بند الكراهية والتمييز العنصري بدون أي رد فعل رسمي علي تلك الأفعال إلا من أفراد وجماعات ليس لها أي صفة سوي الإنسانية( رغم موجة العداء للإسلام التي اكتسحت الولاياتالمتحدة حاليا ليروح ضحيتها أمريكيون أبرياء) حيث اصطف بعض الطلبة الأمريكان غير المسلمين لحماية المصلين في جامعة شيكاغو بعد تهديدات طالت إحدي المسلمات بخصوص عقيدتها, وهو ما يشير إلي أننا لا يمكننا أن نخطيء مسيرة البشرية تجاه الاعتراف بالآخر وليس الذوبان أو الانبطاح فيه( رغم المقاومة التي يلاقيها هذا التوجه, والذي هو أمر طبيعي مما يجعله يسير ببطء) وهو أمر لا ينسينا أن عقيدتنا هي الوحيدة التي اعترفت بالآخر وقننت وضعه وتعاملت معه من منطلق المساواة في الإنسانية, علي عكس جميع العقائد الأخري التي كانت تستبيح الآخر وكل ما يملك من خلال نصوص الكتب المقدسة لعقيدتنا وللعقائد الأخري. هذا الموقف يجب أن يجعلنا نزهو بما لدينا دون علو أو استعلاء أو كبر. ومن غير المنطقي ألا نشير إلي رد فعل رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو علي حادثة إطلاق النار علي مسجد كيبيك والذي قفز فوق أنماط التعليقات الرسمية عالميا ليدين العمل الترويعي ويؤكد إنسانية جميع أبناء كندا( ثاني أكبر مساحة,36 مليون نسمة, عاشر اقتصاد عالمي) وأن مسلميها جزء من نسيجها القومي, متبعا سياسة النهج المنفتح الذي تتبعه كندا مؤكدا ذلك النهج أمام نظيره الأمريكي في لقائهما هذا الأسبوع.