العلاقة بين الرجل والمرأة أساسها الحب والتفاهم والثقة المتبادلة لكي تنشأ أسرة سعيدة بعيدة عن الخلافات, غير أن الخيانة الزوجية من كلا الطرفين تعد من أهم المشكلات في حياتنا المعاصرة , لذا ألزمت شريعتنا الغراء أن يحسن كل من الزوجين اختيار الآخر, وأن يحرص كل طرف علي إعفاف نصفه الآخر بكل وسيلة مشروعة. وتعد وسائل الاتصال الحديثة المتهم الأول في الخيانات الزوجية, يقاسمها المسئولية الأفلام الهابطة والدراما التي تحث علي الرذيلة, وانهما وراء خراب البيوت فنتيجة ضعف الوازع الديني, حسبما يشير علماء الدين, والذين اطلقوا علي النت لقب شيطان الفتنة, فيخون الرجل زوجته وهو جالس إلي جوارها, وتفعل هي نفس الأمر. وقد سمي الله تعالي كل من يسعي لإقامة علاقة محرمة خائنا, وتوعده بعدم الهداية فقال في محكم آياته في سورة يوسف لامرأة العزيز والله لا يهدي كيد الخائنين. ولأن الإسلام دين وضوح وعفة ونزاهة وكذلك كل الشرائع السماوية فقد حرمت تلك الفعلة النكراء, والعلاقات غير الشرعية مع طرف ثالث, وهي علاقات محرمة بغض النظر إن وصلت إلي حد الزنا أم لم تصل, كالمواعدات السرية واللقاءات الممنوعة والمكالمات الهاتفية التي تثير الغرائز وتوقع الإنسان في حبائل الشيطان. الأسطر التالية تكشف عن آراء علماء الدين حول هذه الفتنة التي تعصف بالأسرة والمجتمع. د. إلهام شاهين: من أعظم الخيانات لأنها مقرونة بإفشاء الأسرار الزوجية تقول الدكتورة الهام محمد شاهين الأستاذة بجامعة الأزهر إن الخيانة الزوجية انتشرت بصورة كبيرة بقدر انتشار وسائل الاتصال الحديثة موبايل ولاب وتاب وغيرها, وبقدر انتشار طرق التواصل الحديثة من فون وفيس وواتس وغيرها كثير فانتشار هذه الأجهزة مع ضعف الوازع الديني وانعدام المعرفة بالاستخدام الصحيح لها جعلها بدلا من أن تكون وسائل وطرق لتوفير الوقت والمال و تيسير قضاء المصالح للعباد وكذلك لإعمار البلادأصبحت وسائل وطرق لإضاعة الوقت وإهدار المال وتعطيل مصالح العباد ولخراب البيوت والبلاد بيد أهلها من العباد. وأضافت أن الشيطان لا يترك أحدا لا كبيرا ولا صغيرا لا شابا ولا عجوزا لا رجلا ولا امرأة إنها الفرصة الذهبية له والتي أصبح يحرك الناس من خلالها ويتحكم فيهم أينما ذهبوا- فالنت- أقصد الشيطان معهم أينما حلوا يتنفسونه مه نسمات الهواء التي تدخل صدورهم ويدخلها الشيطان معهم إلي قلوبهم. يا الله إنها فتنة وأي فتنة تذكرني بحديث للرسول صلي الله عليه وسلم الذي يحدثنا فيه عن علامات الساعة فيقول: اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي, ثم فتح بيت المقدس, ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم, ثم استفاضة المال حتي يعطي الرجل مائة دينار فيظل ساخطا, ثم فتنة لا تدع بيتا من العرب إلا دخلته... ولعل هذه هي الفتنة التي يقول عنها في حديث آخر( ثم تكون فتنة الدهيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة). وتؤكد د.إلهام شاهين انها فتنة عظمها عليه الصلاة والسلام و طول فترتها فقال:( كلما قيل انقضت تمادت) أي كلما ظن الناس أنها قد انتهت تتمادي فإذا بهم يجدونها تفتح بعد كل مدة صفحة جديدة وسماها الدهيماء أي التي تمتاز بالسواد وقد يقصد بها تلك الشاشات السوداء التي تجلب الفتنة وتأتي كل يوم بتطور وشكل جديد وقد دخلت كل بيت والمقصود بالبيت المكان الذي ينام فيه المرء وهانحن نجد هذه الأجهزة تحت الغطاء في الأسرةالزوج أصبح يخون زوجته وهو جالس إلي جوارها حيث يأمن من أن تري ما يفعله وإلي من يتحدث يفعل ذلك بلا خشية من رب يراه ويسمعه. والزوجة تفعل ذلك وقد تستخفي من زوجها وأولادها والناس ولكنها لا يمكنها أن تستخفي من الله وهو معهاوكلاهم الأزواج والزوجات يفعلون ويقولون مالا يرضي الله من القول والفعل اقرءوا إن شئتم يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضي من القول وكان الله بما يعملون محيطا.. وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه... يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون. وأوضحت أن خيانة الحياة الزوجية من أعظم الخيانات لأنها مقرونة بإفشاء أسرار الحياة الزوجية واسرار العلاقة الخاصة المحللة ليتخذ الخائن ذلك ذريعة للوصول لعلاقة محرمة, وقد سمي الله كل من يسعي لإقامة علاقة محرمة خائنا وتوعده الله بعدم الهداية فقال تعالي في حكايته لقصة يوسف وحكاية لقول امرأة العزيز: وأن الله لا يهدي كيد الخائنين أي: لا يرشد كيد من خان أمانته, يعني أنه يفتضح في العاقبة بحرمان الهداية فمن عقوبة الخيانة أن صاحبها يحرم الهداية, كما أن الخيانة من صفات المنافقين لقول الرسول( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا اؤتمن خان) وأردفت د. إلهام شاهين قائلة إن الخائن يكفر العشرة وينكر الصفات الطيبة في شريك الحياة ليبرر لنفسه ولغيره خيانته وهؤلاء من الذين يبغضهم الله إن الله لا يحب كل خوان كفور ولأن الله لا يحبهم ولا يهديهم إذا استمروا علي خيانتهم ولم يتوبوا فإن الله يحرمهم شفاعة نبيه الكريم في الآخرة ويوم يفضحهم علي رؤوس الأشهاد فلا يجدوا من يدافع عنهم ولا من يشفع لهم. د. محمود مهني: الإسلام دين الوضوح والعفة والنزاهة ويقول الدكتور محمود مهني عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن الاسلام دين الوضوح والعفة والنزاهة وكذلك كل الشرائع السماوية حرمت تلك الفعلة النكراء حتي في العهد الذي لم يكن فيه رسل فان الفطرة تكلمت حيث لما راودت زوج العزيز يوسف وظهر الأمر في مصر ذكرت النسوة أن هذا الأمر الغريب كيف تفعله زوجة العزيز لذا قال تعالي في سورة يوسف وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين- فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم- قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين- قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين- فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم. ويوضح أن الاسلام خاتم الديانات السماوية بين أن هذا فعل لايجوز لذا بدأ تعالي سورة النور بمعاقبة الزناة والخائنين في قوله تعالي: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين-الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك علي المؤمنين. الشريعة حرمت طرقه والسبل المؤدية إليه من باب سد الذرائع الشريعة حرمت طرقه والسبل المؤدية إليه من باب سد الذرائع وتقول الدكتورة كوثر المسلمي وكيل كلية الدراسات الاسلامية والعربية السابقة إن الخيانة الزوجية هي أن يقوم أحد الزوجين بخيانة الآخر وذلك من خلال إقامة علاقة غير شرعية مع طرف ثالث وهي علاقة محرمة بغض النظر إن وصلت إلي حد الزنا أم لم تصل وتشمل هذه العلاقة المواعدات السرية واللقاءات المحرمة والمكالمات الهاتفية وتضيف أن سرطان الخيانة زاد في الفترة الأخيرة بسبب ضعف الوازع الديني وانتشار الدراما الهابطة والأفلام التي تحث علي نشر الرذيلة, وحاولة الغرب تدمير المجتمعات الإسلامية بدعوي التكنولوجيا التي يسيء البعض استخدامها, وأوضحت أنه قد يكون للخيانة الزوجية أسباب غير مقبولة يسوقها الطرف الخائن, غير مقبولة فقد يلجأ الزوج للخيانة أحيانا لعدم شعوره بالرضا الكامل من زوجته أو إهمالها بنفسها وبه أو عند تقصيرها في إعطائه حقوقه الزوجية وهنا قد يبحث الزوج عن امرأة أخري يري فيها ما ينقص زوجته, بحسب تفكيره وقد تكون كثرة الخلافات الزوجية بين الزوجين تدفعهم إلي البحث عن الأمان عند طرف آخر وأحيانا الملل والروتين القاتل في الحياة الزوجية قد يلعب دورا في ذلك كذلك. وتذكر أن مفهوم الخيانة الزوجية المنتشر بين الناس حاليا هو في الحقيقة مفهوم غير مكتمل فالخيانة الزوجية ليست فقط الزنا أو علاقة الزنا بين الزوج أو الزوجة وشخص أجنبي أو امرأة أجنبية مشيرة الي أن الخيانة الزوجية شرعا يشمل كل علاقة غير مشروعة تنشأ بين الزوج وامرأة أخري غير زوجته أو العكس فهي تعتبر علاقة محرمة سواء بلغت حد الزنا أو لم تبلغ, ويشمل المواعدات واللقاءات والخلوة وأحاديث الهاتف التي فيها نوع من الاستمتاع وتضييع الوقت بل حتي الكلام العابر واللقاءات التي تجري علي سبيل العشق والغرام. وتقول د. كوثر المسلمي: إن الشريعة الإسلامية حرمت الزنا لكن ليس الزنا فقط بمعناه المباشر بل حرمت طرقه والسبل التي تؤدي إليه من باب سد الذرائع كالخلوة بالمرأة الأجنبية, والنظرة غير المشروعة لغير الحاجة وكذلك حرمت كشف العورات لأنها جميعها سبيل للزنا موضحة أن الخيانة تعتبر من أكبر المحرمات وكبيرة من الكبائر وإحدي السبع الموبقات, حتي إنه حينما بين الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف آيات المنافق أوضح من بينها أنه إذا اؤتمن خان بغض النظر عن نوع هذه الخيانة, وكذلك الزوجة أيضا راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها وهي زوجها وأبناؤها فإذا ما ارتكبت جريمة الزنا أو خطت أولي الخطوات في طريقها تعتبر خائنة لأمانة الرعاية. د. عفاف النجار: العلاقة بين الزوجين يجب أن تبني علي الحب والثقة المتبادلة وتؤكد الدكتورة عفاف النجار عميد كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات- سابقا- أن العلاقة بين الرجل والمرأة لابد أن تبني علي أساس من الحب والثقة المتبادلة لكي تنشأ أسرة سعيدة وبعيدة عن الخلافات وأن الخيانة الزوجية من كلا الطرفين من أهم المشكلات الزوجية في الحياة لذا لابد علي الزوجين أن يحسن كل منهما اختيار الآخر لأنها هي البداية وليحرص كل طرف علي إعفاف الطرف الآخر بكل وسيلة مشروعة حتي وإن كانت رغبة الزوج وشهوته غير مولعة بزوجته فعليه تلبية رغبتها, بل إذا انعدمت لديه الشهوة فينبغي عليه إعفاف زوجته, إعمالا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم:, قلت: يا رسول الله: أنصيب شهوتنا ونؤجر؟ قال: أرأيت لو وضعه في غير حقه كان عليه وزر؟ قال: قلت: بلي, قال: أفتحتسبون بالسيئة ولا تحتسبون بالخير لأنه يؤجر علي فعله هذا, وإن كان علي غير رغبة منه بمقتضي هذا الحديث الشريف, بل لا يجوز للزوج أن ينشغل عن زوجته بعبادة أو عمل أو يتغيب عنها لفترات طويلة بلا عذر أو ضرورة. وتوضح أنه يؤيد ذلك ما روي عن زوجة عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنها شكت إلي النبي صلي الله عليه وسلم انصراف زوجها عنها, لانشغاله بالعبادة, فأرسل إليه النبي صلي الله عليه وسلم, وكذلك الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما سمع في جوف الليل في أثناء حراسته للمدينة صوت مرأة تقول: تطاول هذا الليل وازور جانبه وليس إلي جنبي خليل ألاعبه فوالله لولا الله لا شيء غيره لزعزع من هذا السرير جوانبه مخافة ربي والحياء يكفني وأكرم بعلي أن تنال مراكبه حيث سارع أمير المؤمنين إلي ترك حراسته ثم سأل عن هذه المرأة, فقيل له: هذه فلانة زوجها غائب في سبيل الله, فأرسل إليها امرأة تكون معها, وبعث إلي زوجها فأقفله أي أرجعه إليها مما كان فيه ثم دخل علي أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها فقال: يا بنية كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله, مثلك سأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك, قالت: خمسة أو ستة أشهر, فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر, يسيرون شهرا, ويقيمون أربعة, ويسيرون راجعين وتطالب الدكتورة عفاف النجار المؤسسات الدينية والاجتماعية بالتوعية بخطورة ذلك لتجنب ارتفاع نسب الطلاق بسبب هذه الظاهرة وتدمير العديد من الأسر وزيادة أطفال الشوارع موضحة أن مشكلة الخيانة الزوجية تقع بسبب تباعد مشاعر الزوجين أو سوء الحياة التفاهم أو الفهم المتبادل فيما بينهما وإهمال أحدهما أو كليهما الزوجية من هنا تكون فكرة الخيانة. إحصائية تتزايد أعداد جرائم القتل بسبب الخيانة الزوجية فقد أكد دراسات وإحصائيات صدرت عن مراكز أبحاث متعددة أن أهم أسباب قتل الأزواج لزوجاتهم أو العكس ترجع لعامل الانتقام والقسوة في المعاملة والثأر للشرف والكرامة وأن انعدام القيم والوازع الديني والبخل وصعوبة المعيشة, والمرض النفسي. كلها أسباب تؤدي إلي الخيانة الزوجية وانتهاك الرباط المقدس بين الزوجين. توقفت الدراسات أيضا أمام ظاهرة قتل الزوجات لأزواجهن بسبب الخيانة كما أنها تطرقت لأسباب أخري.. وبعد أن كان الرجل هو الذي يقتل زوجته أصبحت المرأة هي من ترتكب أبشع جرائم القتل حيث وصل عدد الأزواج الذين قتلوا علي أيدي زوجاتهم91 قتيلا في عام واحد. أما أغرب الأسباب في حالات الخيانة فسببها الأفلام والمسلسلات والتفكك الأسري. وأكدت أن جرائم القتل بسبب الخيانة ليس من طرف واحد ولكن من الزوج والزوجة لكن الاختلاف أن نسبة قتل الأزواج لزوجاتهم بسبب الخيانة احتلت المرتبة الأولي بنسبة67% أما قتل الزوجات لأزواجهن لنفس السبب30%.