هو عامل زراعي بسيط.. لم ينل من التعليم أي قسط حيث ولد في إحدي قري مركز أبشواي بمحافظة الفيوم.. ومنذ أن كان في المهد صبيا تعلم كيف يحمل الفأس ويحرث الأرض.. ولما اشتد عوده سافر للعمل بإحدي الدول العربية المجاورة حيث عمل في مزرعة.. ومرت سنوات العمر بين الحرث والزرع.. لم يكن يزور أهله سوي أيام قلائل كل ثلاث سنوات.. وقبل أن يبلغ الثلاثين من عمره قرر الأهل أن يزوجوه.. أما- هي فكانت قروية ساذجة تعيش بإحدي قري مركز يوسف الصديق التي تقيم بها عمة المزارع.. لم تغادر القرية في حياتها.. وبينما كانت أسرة المزارع تبحث له عن عروس, قفزت العمة ورشحت ابنة الجيران القروية الساذجة التي لم تكن تجاوزت الثامنة عشرة من عمرها.. وتم إعداد عش الزوجية المتواضع الذي لم يعمره إلا أيام قلائل حتي حزم أمتعته وعاود السفر للبلد الشقيق حيث يعمل.. ولم يتغير أسلوب حياته كثيرا إلا أن الله رزقهما بطفلين. كانت الزوجة تقضي وقتها بين أسرتها وأسرة زوجها.. حيث كان عالمها محصورا بين العائلتين.. حتي أن المزارع كان في أجازته يقضيها بين القريتين وسط الأهل.. وفي كل زيارة كان الحوار بينهما لا يتجاوز الحديث عن أيام الغربة التي لا تحمل أية عبارات عن الود أو المحبة.. وكما تقول هي كلما حاولت أن ألفت نظره لتصفيفه شعر أو ثوب جديد لم يكن يراها.. ولم تسمع منه يوما ما يمس القلب- ومرت السنوات بين سفر طويل.. وود قليل.. ومنذ ما يقرب من عامين عاد هو بعد أن أصبح السفر غير آمن ولم تعد الغربة مجزية.. وفي القرية لم يكن الحال مختلفا حيث تضاءلت فرص العمل ونفذت مدخراته سريعا.. وذات مساء التقي بأحد أقرانه من أهل القرية ودار بينهما حديث شكا خلاله هو ضيق العيش وكثرة الالتزامات والاحتياجات.. فكانت مشورة قرينة بالنزوح إلي القاهرة للبحث عن فرصة عمل يتعايش منها ويحافظ علي كيان أسرته.. وكان قرار النزوح.. حمل الزوج أمتعته واصطحب زوجته وطفليه وساقته قدماه لمنطقة مصر القديمة.. وفي خارطة أبو السعود عثر الزوج علي عمل ومأوي في عقار حديث الإنشاء حيث عمل حارسا للعقار وأقام بأسرته في غرفة صغيرة ملحقة بمخزن تشوين مواد البناء وإنشاءات العقار.. كان مسئولا عن استقبال الراغبين في شراء الشقق ويتابع عمليات التشطيبات طوال النهار وفي المساء يجلس علي مقهي مجاور.. حيث تعرف علي سائق يعمل في مستودع خاص للمياه الغازية بالعقار المقابل.. توطدت العلاقة بينهما وكان يعتمد عليه في تسجيل أرقام زبائنه علي هاتفه المحمول.. وتعرف السائق علي أسرة المزارع.. ووقعت عيناه علي زوجته.. وشاهدها بأعين الشيطان.. كان السائق غريبا عن أهل الخارطة لم يتخلق بأخلاقها أو يتطبع بطباعهم.. وسوس إليه الشيطان أن يخون صديقه وبدأ يطارد زوجته بنظراته التي لم تعبأ بها ولم تفهمها حيث لم تكن خبيرة بلغة العيون.. ولما كان الزوج يأتمنه علي تسجيل أرقام الزبائن علي هاتفه وإخراج الأرقام التي يرغب في الاتصال بأصحابها هداه شيطانه لالتقاط رقم الهاتف الخاص بالزوجة حيث انتقل للمطاردة تليفونيا- والأذن تعشق قبل العين أحيانا- فأمطرها بوابل من معسول الكلمات.. لم تستوعب الزوجة في بادئ الأمر كل ما يقال.. إلا أن الكلمات التي وصفوها بالأقوي من السحر داعبت أذنيها وبدأت رياح الخطيئة تهب عليها ولامست الكلمات قلب القروية التي لم تكن تسمعها إلا في التلفاز عند مشاهدة الأفلام الرومانسية.. وتطورت المطاردات إلي تردد السائق علي غرفة الزوج في غيابه مدعيا سؤاله عنه ليلقي بأعين الشيطان نظراته علي جسدها وبلسان الكذب علي مسامعها.. هنالك سقطت الزوجة في بئر الخطيئة.. وكرهت ذلك الزوج الجاهل بفنون الغرام.. فاحت رائحة العلاقة القذرة حتي بدأت الألسن تلوكها.. فأيقنت الزوجة أن قصة العشق التي تعيشها ما هي إلا سراب لا يبغي العاشق منها إلا تلك الدقائق التي يختلسها في غرفته التي لم تكن تبعد عنها سوي مائتي متر.. وقررت إنهاءها.. إلا أن مدعي العشق أظهر وجهه القبيح وتبدلت كلماته المعسولة بعبارات التهديد والوعيد.. كما حملت النظرات شرارات الانتقام وكان السائق قد اختلس بهاتفه المحمول لقطات تجلب لها العار.. وبدأ يلوح بنشرها إذ لم تستجب لرغباته وباتت الزوجة من حمي الخيانة تفكر في محو تلك الصور والتخلص من العاشق الغادر إلا أنها عجزت عن التوصل إلي حل.. فاقتربت من زوجها واعترفت له بخيانتها.. كان الشيطان ثالثهما فخططا للحصول علي الصور حتي لو أدي الأمر لقتله.. أحس العاشق أن أعين الزوج تطارده فحصل علي أجازة من عمله وسافر إلي بلدته بمحافظة المنيا.. لكنه لم ينقطع عن مطاردة الزوجة وأخفي خبر عودته علي الزوج وطلب من الزوجة أن تزوره في غرفته لتسليمها صورها.. لكن الزوجة في هذه المرة كانت قد اتفقت مع زوجها علي الثأر لخديعتها.. وسبقته إلي غرفة العاشق الذي لم يكن صادقا في نواياه وحاول الاعتداء عليها فعاجلته بضربة شاكوش فوق رأسه.. لكنه تحملها وهو ينزف الدماء وحاول السيطرة عليها.. وصل الزوج وهاجمة حتي أسقطه علي الأرض وأحضر سكينا من مطبخه وعاجله بضربة نافذة في رقبته ثم ذبحه واستولي علي الصور وفرا هاربين.. وأحرقا كل شيء من صور وهاتف محمول وملابس ملوثة بالدماء.. وظنا أنهما أصبحا في مأمن من كل شيء.. ومرت أيام دون اكتشاف الحادث إلا أن الأقدار ساقت شقيق العاشق لزيارته فوجد جثته وقد تعفنت فأسرع بإبلاغ المقدم إيهاب الصعيدي رئيس مباحث مصر القديمة الذي انتقل علي الفور بصحبته العقيد عبد العزيز سليم مفتش مباحث الفرقة والنقيب محمد صلاح معاون المباحث تبين من المعاينة أن الجثة في حالة تعفن وملقاة علي ظهرها وبها جرح ذبحي بالرقبة وسحجات متفرقة بالجسم.. علي الفور تم إخطار اللواءين خالد عبد العال مساعد أول الوزير لأمن القاهرة ومحمد منصور مدير الإدارة العامة للمباحث حيث تم وضع خطة بحث اعتمدت علي فحص قاطني العقار ومشاهداتهم وحصر وفحص خلافات المجني عليه وعلاقاته بأسرته وعمله بالإضافة إلي الاستعانة بالتقنيات الحديثة خاصة بعد أن تبين اختفاء هاتف المجني عليه.. وبإشراف العميد هشام قدري تم التوصل إلي شاهد رؤيا للزوجين في وقت معاصر للحادث كما تبين أن أخر مكالمة صدرت من هاتف المجني عليه كانت للزوج العاشقة وبعرض التحريات علي النيابة أمرت بضبطها وبمواجهتها بما أسفرت عنه جهود البحث اعترفا بجريمتيهما وبرراها بالانتقام خوفا من افتضاح أمر الزوجة..