قبل أن تعرفهم الشاشة السينمائية قبل أن تطبع لهم صورة علي شريط سينمائي قبل أن يراهم الجمهور ويحكم عليهم. قبل أن يصبح نجما, هناك من يعرفهم أولا قبل الجميع. هم يعملون خلف الكاميرا اناس عيونهم لها حساسية الحكم علي من يقف أمام الكاميرا لأول مرة, وبحكم عملهم خلف الكاميرا أصبحت لديهم القدرة علي معرفة الممثل ووضعه في عالم السينما وفي دائرته تماما هل سيصبح نجما أو ممثلا مساعدا أو ليس له حظ مع الشاشة ونادرا ما يخطئ حكمهم. إنهم العمال الفنيون الذين يعملون خلف الكاميرا, ذلك الجيش الفني الهائل الذي بهم ينجح أو يفشل أي عمل سينمائي. عمال الاضاءة, مساعدو الكاميرات, مساعدو الصوت, عمال الديكور, المونتير, مهندس الصوت, مركب الفيلم حتي عامل البوفيه في أي استوديو كل هؤلاء حكام بطبيعة عملهم, يحكمون علي العمل وعلي الممثل قبل الآخرين. وهم من أول لقطة بحاستهم اليقظة ينتبهون يلتفون حول نجم المستقبل, يجاهدون معه بكل الوسائل للوصول به إلي الطريق الصحيح بعيونهم يرشدونه إلي مصادر الاضاءة إلي التحرك في المكان السليم حتي لا يغطي زميله علي نوره, معه بكل وجدانهم أثناء التصوير, وعندما ينتهي المشهد يعلنون نجاحه بالتصفيق غير المجامل, عم فارس أكثر من40 سنة في الاستوديوهات, صغير الحجم, لكن عيونه لا تنام مساعد اضاءة يعرف جيدا النجم من غيره من أول لقطة, وتحدث كأنه مكتشف النجوم, عمر الشريف, رشدي أباظة, محمود ياسين, وغيرهم حكم عليهم من أول لقطة بالنجاح, سيد وإبراهيم وحسن, عمال اضاءة في الاستوديوهات بدأوا باستوديو مصر المدرسة التي تخرج منها معظم نجوم الفن السينمائي, يجلسون فوق الديكور بجوار الكشافات الكهربائية الضخمة, يراقبون من فوق ما يدور تحت أبصارهم, وحدث مرة أن الممثل الذي اخبوه وحكموا عليه بالنجومية كان يؤدي دوره مع ممثل آخر ولاحظوا بحاستهم الفنية اليقظة أن نجمهم لم يكن في الفورمة كما يقولون وهو يؤدي دوره في المشهد يتعمد أحدهم أن يطفئ إحد الكشافات ويتوقف التصوير لحين تغيير اللمبة التي في داخل الكشاف, ويسرع أحدهم إلي نجمهم ليخبره بأنه لم يكن قويا أثناء أداء المشهد, ويطلب منه الاندماج والاستعداد بعد تركيب للمبة الوهمية, يشعر الممثل أن حوله حبا.. حوله عيونا تريد له النجاح, يعيد المشهد ويصفق الجميع, إنهم يعملون ذلك لأنهم يحبون الفن يعيشون حياتهم فيه, في داخلهم مساهمة تدفعهم بصدق لتقديم النجاح لعالم السينما, مهندس الصوت يعمل المستحيل في أن يجعل صوت نجمه الذي حكم عليه بالنجاح في مستوي صوت الآخرين, قويا, ظاهرا, به نقاء واضحا, ويتابعه في كل الزوايا التي يتحرك فيها من أجل التقاط لفظة أو جملة نقية يساهم بكل امكاناته, من أجل نجمه الذي يشترك في اكتشافه, المونتير يبحث عن أحسن اللقطات ويستبعد اللقطات التي تسيء إلي نجمه, فالمونتير يعتبرونه مخرجا فنيا, قادرا علي انجاح أي فيلم به أخطاء. أنهم جميعا يسهمون في صنع نجم جديد حكموا عليه من أول لقطة وبتلقائية وبدون مجاملة وبحب نابع من القلب يشتركون جميعا في تقديم نجم جديد إلي الشاشة السينمائية ويعلنون أنهم أحبوه, وأن الكاميرا أحبته, ليصبح نجما محبوبا من الجميع وأنه من اكتشافهم!