هل تستطيع أن تعلم الحب لأكثر من يحتاجه؟ هو أصعب ما يدرس لكن هنالك متلق لو تعلمه لكفاه, ولعل أصدق الحب هو الذي بين الآباء وأبنائهم؟ كثيرون يظنون أن صغارهم لا يشعرون ولا يدركون, لكن صدقا الصغار هم أكثر من يسمع بإنصات, يحلل, يترجم ويتخذ مما تلقاه بنيانا لأفكاره ونظراته لكل شيء من حوله, فكيف لو بنيانا أساسه محبة كل ما حوله ومن حوله؟ كل الآباء يحبون صغارهم نعم لكن ليس لكل الأبناء آباء أذكياء بما يكفي ليشعرون بقدر هذا الحب, فكل الآباء يسعون لتعليم الصغار الاحترام والانضباط لكن للأسف يغفلون عن تعليمهم ما هو أهم وثماره أثمن. الصغارعالمهم صغير كل مايقوم به الكبار ببساطة في عالمهم كبير, ما نراه نحن هينا عندهم عظيم ويحدث أثرا لن يدركه الكبار أبدا لو لم يدركوا أولا صغر عالم الصغار, فلا يمكن الاستهانة بالتفاصيل الدقيقية وانعكاس أفعالنا الذي لا نلاحظه, فقد يغير مسار حياتهم بالكامل, فقديبني حينا فيهم وحينا يهدم, ومن الكبار من لا يدرك خطورة كل هذا لأنهم يستهينون بأثر أفعالهم وكلماتهم ونظراتهم علي عالم الصغار المليء بالتفاصيل الصغيرة. لو بنيت تفاصيل هذا العالم الصغير ملونة وجميلة, لصاروا كبارا غدا بعقول ملونة, يرون الإبداع ولا يوقفهم شيء, كبارا غير محدودي الأفق, فقد ولدوا ليغيرو كل شيء لأفضل ولدوا ليبدعوا بعقولهم الملونة. والانضباط والاحترام الذي يعطيه الأباء كل التركيز ليس أهم من الإبداع, بل ربما قد يقتل الإبداع عند الصغار! نعم, فكثير من الآباء كل ما يبغونه من صغارهم تنفيذ ما يقولون دون تفكير أو دون حق السؤال! كيف تنشئ صغارا لا يسألون وتنتظر منهم الإبداع؟ أو أن يفكروا خارج الصندوق؟ وما يعلمهم الكبار من حب فسيرونه في كل شيء حولهم خاصة في علاقتهم بالخالق, فحبهم للخالق يغلب معرفتهم, ومحبتهم للخالق تمنحهم الثقة والطمأنينة, وهذا ما يجعلهم في الغد كبارا بنيت أركان نفوسهم بخالص الحب للخالق سبحانه, فإن كان الكبار هم مصدر معرفتهم وتكوينهم مفاهيم عن العالم من حولهم, فهم وسيلتهم ليحبوا كل شيء, او ليبغضوه, بل قد يزعزع علاقتهم وثقتهم في الخالق سبحانه بسبب الكبار للأسف, ما يرونه من حب وحنان من الكبار كاف ليجعلهم يرون الجمال في كل ما هو حولهم, وقلوبهم الصغيرة إذا أحبت أحبت بصدق وإذا أبغضت أيضا!. في عالم الصغار يختلف الاهتمام في مفهومه عن معناه عند الكبار, الصغار يترجمون النظرات ونبرات الصوت واختلافها علي غير ما يقصده الكبار, للنظرات معان, للأصوات معان, لألعابهم وحواراتهم معها معان, لخوفهم معان, لابد من إدراك لطبيعة الصغار وكيف يرون كل شيء بأبعاد نادرا- ما يلحظها الكبار يعني هل يشعر الكبار بتسارع نبضات قلوب الصغار حين تعلو الأصوات من حولهم؟ هل يفهم الكبار لغة نظرات الصغار, الحزن في عيونهم؟ وما يحطم ذلك من علاقة الصغار والكبار؟ لو اعتقد وتيقن الصغار من حب الكبار لهم لاختلف الأمر فأكيد أن الآباء يحبون أبناءهم, التحدي الحقيقي للأباء أن يدرك الصغار محبتهم بل يجعلونها لهم سندا ومصدر عون فالثقة تنشأ من الحب, عكس الخوف والترهيب الذي كالنيران تأكل الثقة شيئا فشيئا حتي تصير رمادا. فللأسف يتعامل الأباء والمدرسون مع الصغار كآلات تتلقي الأوامر! فأصبح الخوف والترهيب هما ما يحكم علاقة الصغار بالكبار, لا الحب الذي ينشئ الاحترام والثقة حتي بعد أن يصبح الصغار كبارا, ولو نشأت الثقة بين الصغار والكبار لنشأت ثقة الصغار في أنفسهم, ثقة في أحلامهم وفي كل ما يسعون لتحقيقه, ولربما اصبحوا مخترعين, ربما عباقرة, ربما مغيرين! كل ذلك وفق بنيانهم, ما زرع فيهم صغارا يحدد طريقهم كبارا, كأن الأبناء لوحات يرسمها الآباء, وعلي قدر رقي الرسام ورقته يكون جمال لوحاته, ما يحدثه الكبار من تصدعات في مراحل تكوين شخصيات الصغار لا تداوي, لو لم يكن الآباء علي قدر كاف من الحذر والوعي فقد يتسببون في أذي كبير لصغارهم, فكونوا علي حذر لكل كلمة تقال ووعي بردود أفعال صغاركم تجاه كل كلمة قيلت, مهما بدت بسيطة فهي ليست كذلك لصغاركم. فاليوم الصغار يحتاجون تعلم الحب من الكبار, وغدا يحتاج الكبار هذا الحب من صغارهم حين يغدون كبارا.