اجتمع د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء منذ أيام بالدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لبحث تحقيق استقلال الأزهر وتعديل القانون الخاص به الأمر الذي فتح الباب من جديد للحديث حول المؤسسات الدينية في مصر بعد المطالبات والدعوات التي نادت بأن تطال روح الثورة تلك المؤسسات وأن تتحقق استقلاليتها ولاتلعب أي دور سياسي لتعود لدورها الديني والدعوي. فما هي ملامح التغيير التي يمكن أن تتحقق للأزهر والكنيسة: وماهو الدور المنتظر أن تلعبه في مصر المدنية التي تعد أبرز ما ستحققه ثورة25 يناير؟! يذكر محمد سليم العوا في كتابه أزمة المؤسسة الدينية أن المؤسسة الرسمية في مصر تتقاسمها رموز ثلاثة هي الأزهر الشريف ودار الافتاء ووزارة الأوقاف. ويري أن منصب الإمام الأكبر يتم التعامل معه علي أنه منصب حكومي وبالتالي عليه أن يتحرك في ضوء ماتسمح به الجهات الحكومية السياسية والأمنية. وهذا في رأيه يحمل في داخله العديد من الأزمات,فالأزهر ليس جهة من الجهات الإدارية التابعة للحكومة بل هو وفق المادة الثانية من القانون103 لسنة1961 بشأن اعادة تنظيم الأزهر الهيئة العلمية الاسلامية الكبري التي تقوم علي حفظ التراث الاسلامي وتجليته ونشره وتهتم ببعث الحضارة العربية والاسلامية وتزويد العالم الاسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما يتصل بالشريعة الاسلامية والثقافة الدينية والعربية ولغة القرآن الكريم. والإمام الأكبر شيخ الأزهر هو وفق المادة الرابعة من القانون صاحب الرأي في كل مايتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الاسلام, ويقول العوا أن هذه المكانة لم يسندها اليه القانون من عنده أو من الدولة وانما منحها للشيخ الجليل جلال الأزهر وتاريخه المجيد في الحفاظ علي الاسلام وعلومه وفي الدفاع عن مذهب أهل السنة والجماعة وفي حمل لواء الوسطية الاسلامية عبر القرون. وأكد العوا ضرورة أن يكون شيخ الأزهر قوالا للحق بلا تردد في جميع المناسبات والظروف وألا يخشي في الحق لومة لائم وأن يعمل بنص المادة الرابعة من قانون اعادة تنظيم الازهر ومدركا للدور التاريخي العظيم الذي لعبه العديد من مشايخ الأزهر في مواجهة التحديات التي تعرض لها الاسلام السني الذي يمثل الأزهر حصنه الحصين وخط دفاعه الأول والأقوي وأن يعمل من خلال هيئات الأزهر وخاصة من خلال مجمع البحوث الاسلامية علي استعادة دور مشيخة الأزهر في القيادة الروحية الراشدة للمسلمين التي هي الجامع العاصم من الزيغ والانحراف للعامة والخاصة علي السواء. أما عن القانون238 لسنة1996 فهو يجسد وحده أزمة المؤسسة الدينية في مصر بوجه عام ووزارة الأوقاف بوجه خاص, فالنص علي عقوبة الحبس لمن يلقي خطبة الجمعة أمر ليس له سابقة في العالم الاسلامي كله, كما أن الزام العلماء والدعاة المؤهلين للدعوة الي الله بالحكمة والموعظة الحسنة بالحصول علي تصريح بذلك من وزارة الأوقاف تصدره مديرية الاوقاف في كل محافظة هو تحكم لامسوغ له. كما أن منح صفة الضبطية القضائية لمفتشي المساجد يحولهم من علماء كبار يوجهون شباب الأمة والوعاظ الي رجال ضبط قضائي يخافهم الأئمة والمصلون وتصبح العلاقة بينهم وبين رواد المساجد علاقة متوترة يخيم عليها ترقب الشر وتوقيه. إن منبر الجمعة كما يري العوا من أهم مواقع التأثير في جميع بلاد الإسلام ولايجوز أن يعتليه إلا المؤهلون لذلك من الدعاة الموهوبين والخطباء والوعاظ القادرين علي تقديم الدرس الديني الصحيح وهؤلاء هم الذين يؤدون أعظم دور في تعميق الانتماء الديني المطلوب وفي توسيع نطاق العلم الاسلامي النافع للعامة والخاصة وحين يقع تجاوز من بعض الأئمة لانفعال لحظي أو لخطأ منهجي او لأي سبب كان, فان علاج ذلك كان دائما ميسورا بالتفاهم بين مفتش الوعظ أو مفتش المسجد وبين ذلك الداعية أو الامام.