أكد عدد من الخبراء أن إمكانات السياحة البيئية أو مايطلق عليها سياحة الذوق الرفيع أو سياحة الأثرياء والتي تتواجد بشكل متفرد ومتميز بنطاق محافظة البحر الأحمر خاصة بالقطاع الجنوبي للمحافظة لا تزال بعيدة عن الأضواء السياحية وما زالت تلك المقومات تبحث عمن ينفض عنها الغبار لتطل بوجهها الرائع علي رواد هذه النوعية من السائحين الذين يعشقون مقوماتها ويتوقون للتمتع بمناظرها الخلابة وجوها النقي ومكوناتها من الحيوانات والطيور النادرة, مشيرين إلي أن القطاع الجنوبي لمحافظة البحر الأحمر من أكثر مناطق مصر ثراء بمقومات السياحة البيئية حيث يضم محميتي وادي الجمال وجبل علبة وما يتمتعان به من ثراء فريد وتنوع بيولوجي قادر علي جذب الآلاف من السائحين إلا أن تلك المقومات مازالت غير مستغلة سياحيا بالأسلوب الأمثل الذي يحقق عائدا اقتصاديا كبيرا. يقول الدكتور محمود حنفي الأستاذ بكلية العلوم بجامعة قناة السويس إن منطقة وادي الجمال ذات خصائص بيئية فريدة وكانت قد أعلنت كمحمية طبيعية في أواخر2003 م والجزء الذي يقع علي شاطئ البحر منها والذي يمثل بداية المحمية توجد به منابع مياه عزبة تمتزح مع ملوحة مياه البحر فيما استخدم المصريون القدماء الطريق الذي يمر بأراضيها في التجارة بين منطقتي وادي النيل والعالم الخارجي كما اكتشفت بعض الآثار الرومانية علي جانب هذا الطريق والجزء الذي يقع علي شاطئ مياه البحر يتميز بالرمال البيضاء ويحتوي علي غابات من المانجروف وتتكاثر به الطيور البحرية والسلاحف النادرة ويحتوي الجزء البحري منها علي شعاب مرجانية نادرة وبكر في طبيعتها ويقع بها حوض وادي الجمال وهو أغني منطقة علي مستوي الصحراء الشرقية من حيث الكائنات الحية وبها أيضا جبل حماطة أعلي جبال الصحراء الشرقية ومحمية وادي الجمال بها مستعمرة للنوارس البيضاء العينين ذات الأجنحة المزركشة باللون الأسود. ويشير حنفي إلي أنه من أهم الحيوانات الموجودة بالمحمية والمهددة بالانقراض الوعل النوبي والغزال المصري والحمار الوحشي والماعز الجبلي وتحتوي هذه المنطقة علي أكبر مستعمرة للصقور ربما علي مستوي العالم وعلي أطرافها الغربية الشمالية توجد مناجم حفافيت التي تحتوي علي خامات الألمونيت وهو من المعادن ذات القيمة الاقتصادية العالية حيث يصل سعر الطن منه لأكثر من25 ألف دولار وهي خامات أخف من الألومنيوم وتدخل في صناعة الطائرات وسفن الفضاء كما أن محمية جبل علبة هي واحدة من أهم المحميات ذات الخصائص البيئية والثراء الفريد في كافة أوجه الحياة البرية بالذات. وطالب بضرورة وضع خطة لاستغلال المقومات السياحية الفريدة الموجودة بهاتين المحميتين وإدارتهما سياحيا من خلال نظام حق الانتفاع بالسماح بإقامة مشروعات سياحية عليهما شريطة أن تكون متوافقة بيئيا وبعيدة عن حرم الشاطئ باعتبار أن هذه المحمية مصنفة كمتنزه قومي لايحق التملك بها مع ضرورة توافر ميزانية لهما توفر الحماية لعناصرهما النادرة من الحيوانات البرية والطيور والنباتات والكائنات البحرية وغيرها من المقومات الطبيعية لأنه في حالة تحقيق هذه الإمكانات سوف تتحول المنطقة لمقصد سياحي عالمي فريد ترتاده نوعية ذات مستوي ثقافي ومادي عالي من السياح من مختلف دول العالم بما يسهم في دعم الاقتصاد المصري ويثري الحركة السياحية الوافدة للمنطقة بما يزيد من حجم الليالي السياحية. من جانبه أكد اللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر أن الدولة تقوم حاليا بعملية تهيئة للقطاع الجنوبي للمحافظة من خلال تزويده بكافة المرافق الأساسية من طرق ومحطات لتحلية مياه البحر لتوفير مياه الشرب وكهرباء وغيرها من المرافق التي تشجع المستثمرين علي التوجه للمقومات الطبيعية الموجودة بتلك المنطقة وعلي رأسها مقومات السياحة البيئية التي تتوافر وبشكل متفرد بتلك المناطق أكثر من غيرها, مشيرا إلي أن هناك خطوة مهمة للغاية قطعتها الدولة في هذا الشأن تمثلت في موافقة مجلس الوزراء والقوات المسلحة, علي تطوير ورفع كفاءة مطار برانيس العسكري ليصبح مدنيا عسكريا في آن واحد وجار الآن تفعيل هذا القرار وهذه خطوة في غاية الأهمية للاستفادة من خيرات الجنوب حيث إن وجود مطار مدني بالمنطقة سيكون له دور محوري في جذب الاستثمارات لتلك المناطق البعيدة وهذه الخطوة شبيهة بالخطوة التي كانت قد اتخذت في الثمانينيات حينما تم تحويل مطار الغردقة العسكري إلي عسكري ومدني في آن واحد وكان لهذه الخطوة تأثير السحر في بدء التنمية السياحية علي أرض الغردقة ثم أنشئ فيما بعد مطار مدني مستقل وقال المحافظ إن هناك إجراء آخر ستقوم به الهيئة العامة للتنمية السياحية تستهدف تخطيط نحو250 كيلو مترا من شاطئ البحر بتلك المناطق التي تقع بجوارها محميتا وادي الجمال وجبل علبة لتقام عليها منتجعات سياحية بيئية من خلال الاستفادة من شاطئ البحر ومن مقومات هاتين المحميتين في إقامة مخيمات سياحية داخل نطاق هاتين المحميتين شريطة أن تكون تلك المنشآت متوافقة بيئيا مع التنوع البيولوجي الفريد الموجود بالمحميتين بما يشجع علي جذب أكبر عدد من السائحين ذوي المستوي الثقافي والمادي المرتفعين.