لم تكن شخصية عيدي أمين عادية ولا مألوفة.. كانت برقياته الشهيرة حديث العالم وأحلامه بدورها موضع التندر, لم تهاجم وسائل الإعلام والصحف الغربية أي زعيم في العالم كما هاجمت عيدي أمين..!الأساطير المقترنة بحياته وتصرفاته تمتزج بالحقيقة علي نحو يستحيل معه إن يعرف المرء متي تنتهي الأسطورة وتبدأ الحقيقة قيل أن بلده لم يشهد قتلا ووحشية كما شهد عهده جثثا تطفو علي سطح النهر ومغامرات لا نهاية لها بالتأكيد هناك شيء من الحقيقة في هذا كله وهناك بالتأكيد أيضا شيء من الخيال في هذا كله.. إلا أنه تبقي حقيقة لا مجال للشك فيها وهو أنه رجل غريب الأطوار لدرجة تقترب من الحمق.. خلال حرب أكتوبر1973 م.. أصر إصرارا غريبا علي الحضور للسعودية ثم السفر إلي سوريا ورغم التلميحات الواضحة أن الوقت غير مناسب لأي زيارات فإنه ألح ولم يكن هناك بد من الاستجابة فجاء وقابل الملك فيصل بن عبدالعزيز وكان الأمير فهد شقيق الملك حاضرا الاجتماع وقال إن عيدي أمين قدم للملك في الاجتماع خطة جهنمية تنص علي والكلام لعيدي أمين(يا جلالة الملك لقد تدربت في إسرائيل كجندي مظلات وأعرفها وأعرف مطاراتها ولدي خطة لن تفشل.. الخطة تعتمد علي جمع مئات الطيارين العرب ويتم نقلهم بطائرة لنقل الجنود علي أن تحط الطائرة بهدوء في مطار عسكري إسرائيلي ويخرج الطيارون العرب بسرعة ويتجهون بسرعة للطائرات الجاثمة بالمطار الإسرائيلي ويستقلونها بسرعة ويقلعون لضرب إسرائيل قبل أن تفيق من الصدمة مارأيك يا جلالة الملك؟؟؟)). الأطرف من هذا عندما كنا في شتاء81 قبيل أسابيع قليلة من هزيمته النهائية حين قرر زيارة السعودية ممنيا نفسه بأن تنقذه السعودية من ورطته العسكرية مع تنزانيا عندما قرر عيدي أمين زيارة الرياض كان وقتها الملك خالد بن عبدالعزبز في إجازته وذهب ولي العهد إبانها( الأمير فهد) لاستقباله نيابة عن الملك وكنت أنا أقف خلف الأمير فهد وحين اقتربت الطائرة الخاصة التي تقله صغيرة من نوع( جي تو) وفتح الباب فظهرت صورة بالبزة العسكرية والأوسمة المعهودة ولعل هذه الصورة وظروف حربه مع تنزانيا هي التي جعلتني أتوقع أن أراه بالبذلة العسكرية إلا أنه ظهر فجأة ببذلة غريبة أدهشت جميع المستقبلين بمن فيهم الأمير فهد بن عبدالعزيز الذي حول وجهه بسرعة إلي أنا لكي لا يظهر ضحكته في التصوير المرافق للزيارة.. كان عيدي أمين يرتدي زيا غريبا... منديلا ضخم علي رأسه أشبه بفوطة الحمام فوق المنديل عقال القصب الرخيص أظنني رأيت مثله قبل سنوات يباع للسياح علي شواطئ زحلة.. وثوبا فضفاضا وفوق ذلك شيء ملون بألوان عجيبة يلف الثوب شكلت هذه الألوان مع لونه الداكن صورة ظريفة للغاية ولعل أطرف ما في الأمر أن عيدي أمين جاء هكذا وهو يظن أنه يرتدي الزي الوطني السعودي..! انتهي. ما ورد أعلاه كان فقرة من كتاب الوزير المرافق للدكتور غازي القصيبي يرصد بها أحداثا عايشها مع مجموعة من الرؤساء والملوك والأمراء في دول العالم واخترت أن أقرأ عن تلك الشخصية الغريبة الأطوار عيدي أمين الذي فند مزاعم بريطانيا بانه قاهرها وساحق الشيوعيين انتهي به الأمر أن استقر في مدينة جدة السعودية فيما بعد كلاجئ سياسي لا أكثر...ولعل عيدي أمين خير تجسيد للمثل العربي( عدو عاقل خير من صديق أهبل).