شباب المصريين بالخارج مهنئا الأقباط: سنظل نسيجا واحدا في وجه أعداء الوطن    صوامع الشرقية تستقبل 423 ألف طن قمح    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة للإسماعيلية للعام المالي الحالي    الجيش الإسرائيلي يفرض حظر نشر على حادث كرم أبو سالم    أخبار الأهلي: موقف كولر من عودة محمد شريف    رونالدو: الهدف رقم 900؟ لا أركض وراء الأرقام القياسية ... 66 هاتريك أغلبها بعد سن الثلاثين، رونالدو يواصل إحراج ليونيل ميسي    «قطار الموت» ينهي حياة فتاة داخل مدينة ملاهي بأكتوبر    الجد الأعظم للمصريين، رحلة رمسيس الثاني من اكتشافه إلى وصوله للمتحف الكبير (فيديو)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    وزير الإسكان: قطاع التخطيط يُعد حجر الزاوية لإقامة المشروعات وتحديد برامج التنمية بالمدن الجديدة    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    نتنياهو: إسرائيل لن توافق على مطالب حماس وسنواصل الحرب    إعلام عبري: حالة الجندي الإسرائيلي المصاب في طولكرم خطرة للغاية    روسيا تسيطر على بلدة أوتشيريتينو في دونيتسك بأوكرانيا    زعيم المعارضة البريطانية يدعو سوناك لإجراء انتخابات عامة عقب خسارة حزبه في الانتخابات المحلية    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 34 ألفًا و683 شخصًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    حمدي فتحي: مستمر مع الوكرة.. وأتمنى التتويج بالمزيد من البطولات    وزير الرياضة يتفقد منتدى شباب الطور    بين القبيلة والدولة الوطنية    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    «الداخلية» في خدمة «مُسِنّة» لاستخراج بطاقة الرقم القومي بمنزلها في الجيزة    التعليم: نتائج امتحانات صفوف النقل والاعدادية مسؤلية المدارس والمديريات    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    «سلامة الغذاء»: تصدير نحو 280 ألف طن من المنتجات الزراعية.. والبطاطس في الصدارة    ماري منيب تلون البيض وحسن فايق يأكله|شاهد احتفال نجوم زمن الفن الجميل بشم النسيم    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بعد انفصال شقيقه عن هنا الزاهد.. كريم فهمي: «أنا وزوجتي مش السبب»    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    حفل رامى صبرى ومسلم ضمن احتفالات شم النسيم وأعياد الربيع غدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    «الإسكان» تنظم ورش عمل مكثفة للمديريات حول تطبيق التصالح بمخالفات البناء وتقنين أوضاعها    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث تعزيز التعاون مع ممثل «يونيسف في مصر» لتدريب الكوادر    لتجنب التسمم.. نصائح مهمة عند تناول الرنجة والفسيخ    "الرعاية الصحية" بأسوان تنظم يوما رياضيا للتوعية بقصور عضلة القلب    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    «التعليم»: المراجعات النهائية ل الإعدادية والثانوية تشهد إقبالا كبيرًا.. ومفاجآت «ليلة الامتحان»    «منتجي الدواجن»: انخفاضات جديدة في أسعار البيض أكتوبر المقبل    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    «الدفاع المدني الفلسطيني»: 120 شهيدا تحت الأنقاض في محيط مجمع الشفاء بغزة    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    محمود البنا حكما لمباراة الزمالك وسموحة في الدوري    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د‏.‏ شريف دلاور‏:‏ علي الحكومة الانتقالية أن تعي دورها في تلك المرحلة وأن تمهد للفترة المقبلة

الاقتصاد الوطني‏..‏ هو الرهان المعقود عليه الأمال لاستعادة عافية مصر مرة أخري بعدما شهدته من أحداث من جهة واستعدادا لمصر في عهدها الجديد من جانب آخر‏.‏
ومن خلال حوارنا مع د‏.‏ شريف دلاور الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية شخصت الأهرام المسائي واقع ومستقبل الاقتصاد المصري‏,‏ حيث وضع دلاور عددا من الإجراءات التي يمكن أن تتبعها الحكومة الحالية لاستعادة الثقة في الاقتصاد وبناء مصر الجديدة‏.‏
وكان لنا هذا الحوار‏:‏
‏*‏ بماذا تشخص الوضع الأقتصادي لمصر في الوقت الراهن؟
‏**‏ أستطيع القول أن الوضع الراهن للاقتصاد المصري يواجه الكثير من الفرص والتهديدات والتحديات‏.‏
‏*‏ ماذا عن الفرص؟
‏**‏ بالنسبة للفرص فإن العالم أصبح متعاطفا جدا للتعامل مع مصر اقتصاديا وهذا استثمار لا يمكن الإقلال من شأنه وهذا وضح جليا من خلال تصريحات العديد من المسئولين الغربيين ومنها تصريح وزير خارجية إيطاليا الذي قال فيه ان إيطاليا علي استعداد لمساندة مصر في ملف مفاوضات مياه النيل فمثل تلك الفرص لابد من استثمارها علي المستوي العالمي‏.‏
كما أن هناك فرصة أخري تتمثل في أنه عندما يتم تطهير الاقتصاد المصري من الفساد الذي استشري في جميع قطاعاته وإقرار دستور جديد للبلاد وتحقيق سيادة دولة القانون والقضاء علي الوساطة والرشوة والمحسوبية وعدم غلبة المصلحة الشخصية والفئوية علي المصلحة العامة فلا شك أن الاستثمار الأجنبي وبخاصة الاستثمار العربي سيفضل هذا النوع من السوق التي ستسودها حينها الشفافية والوضوح والتي ستجذب الاستثمارات التي تتبع استراتيجية طويلة المدي في مصر والأمثلة كثيرة علي نجاح هذه الاستثمارات في جميع ديمقراطيات العالم‏.‏
‏*‏ كيف يمكن الاستفادة من تلك الفرص في ظل الوضع الراهن؟
‏**‏ من خلال الروح الجديدة التي انتابت شباب مصر أثناء الثورة وما أعقبها بعد أن كان هناك شباب يبحث عن الأموال للهرب من مصر والسفر بطرق غير شرعية والمشكلة الأكبر تتمثل في المصريين العائدين من ليبيا نتيجة الأحداث الدائرة هناك والذين يبلغ عددهم المليون مصري فهؤلاء وغيرهم ممن سافروا لبلاد أخري سافروا في الأساس لعدم وجود فرص توظيف لهم وهذا يشكل تحديا كبيرا آخر‏,‏ فالفرصة هنا أن يتم استغلال الروح الجديدة التي سببتها الثورة كي يوظف الشباب المصري طاقته داخل وطنه وقد يتحمل الشباب المصاعب قليلا نتيجة تحديات سوق العمل ولكن المهم أن هناك بارقة أمل‏,‏ فالاقتصاد يبني علي الثقة والروح داخل أي بلد والرأسمالية النظيفة ستنتعش في مصر في ظل سيادة القانون والقضاء علي الفروق بين الرواتب والقضاء كذلك علي الفجوة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع وحينها سيزدهر الاقتصاد الوطني المصري‏.‏
‏*‏ وماذا عن التحديات؟
‏**‏ هناك عدد من التحديات ومنها أن التحويلات التي يحولها المصريون بالخارج للبنوك انكمشت بعض الشيء نتيجة الأحداث الأخيرة كذلك انكمشت حركة السياحة والصادرات مما أثر علي سريان دولاب العمل‏.‏
‏*‏ وهل يمكن اعتبار الاحتجاجات الفئوية التي شهدتها مصر مؤخرا ضمن تلك التحديات ومؤثرة علي دولاب العمل؟
‏**‏ هي أثرت علي دولاب العمل في مصر لا شك ولكن المطالب الفئوية والاحتجاجات التي عبرت عنها مطالب طبيعية وتلك المطالب كانت بذرة ثورة‏25‏ يناير‏,‏ حيث سادت مصر قبل هذا التاريخ حالة من الغليان بسبب العديد من القضايا الفئوية أبرزها كان تدني مستوي الأجور والثورة كانت بمثابة كريمة السطح وبالتالي يجب التعامل مع تلك المطالب ووضعها في عين الاعتبار خاصة وأنها مطالب مشروعة وإلا ما كانت مشاركتهم في ثورة الشباب وتدعيمهم لها‏.‏
‏*‏ كيف يمكن للحكومة الانتقالية الحالية التعامل مع تلك الفرص والتحديات؟
‏**‏ علي الحكومة الانتقالية أن تعبر بمصر إلي بر الأمان فمع التخطيط للمدي المتوسط من عام إلي عامين والطويل فوق‏5‏ سنوات لابد من التعامل مع العام الحالي الذي يعد أصعب الأعوام علي مصر بعد الظروف والأحداث التي شهدتها خاصة مع تحدي الضغط علي الجنيه المصري نتيجة نقص موارد العملة الأجنبية ويجب أن تكون تلك الحكومة مقبولة من الشعب فهناك أمر لايمكن اغفاله من حديثنا عن الاقتصاد المصري والحكومة الانتقالية وهي تحقيق الثقة بين الشعب وحكومته ولابد أن تتابع تلك الحكومة بوزاراتها عملها بالنزول وبالنسبة للاقتصاد فلابد من المرور علي الشركات والبنوك وجميع المؤسسات الاقتصادية في مصر والجلوس مع العمال والموظفين باختصار لابد من التفاعل بين الحكومة والمواطنين‏.‏
‏*‏ دعنا نقرأ معك اقتصاد مصر المستقبل‏..‏
‏**‏ لابد وأن تجري عملية تطهير واسعة كي يستعيد الاقتصاد المصري عافيته‏,‏ ولابد في ذلك من حل جميع النقابات العمالية ويحضرني هنا وان كان بعيدا عن موضوع حوارنا قرار وزير التعليم بحل الاتحادات الطلابية فهذا القرار كان قرار صائبا صدر عن وزير يمتلك بعد النظر فاتحاد الطلاب هو المفاوض بين الطلاب وقيادات الجامعة وهذا الكيان شابه التزوير في انتخاباته فهو باطل وبالتالي التفاوض كذلك ولابد من انتهاج هذا النهج في الاقتصاد المصري بجميع مؤسساته‏,‏ فالديمقراطية ليست فقط باجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وإنما لابد من البدء بالقاع خاصة وأن مصر عانت كثيرا من الانفصال بين الحكم والقاعدة لسنوات طويلة‏.‏
‏*‏ وهل من سياسة اقتصادية يمكن أن تضعها أمام الحكومة الحالية للعبور للمستقبل؟
‏**‏ لابد من اتباع سياسات اقتصادية سليمة للنهوض بمصر والنظر للاقتصاد علي أنه عمل وناتج عمل وكلما كان الانتاج نتيجة جهد وعرق وتعب فلابد من المكافأة واتباع سياسات الاعفاء الضريبي بينما فرض ضرائب مرتفعة علي الربح الكسول والسمسرة والربح بدون مجهود مع إعلاء قيمة العمال من خلال التشريعات الاقتصادية واتباع سياسات الاستحواذ والاندماجات وتشجيع الشركات المصرية القائمة والجديدة وتوفير الحماية اللازمة للشركات
والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وذلك باحداث التوازن وليس بقتل المنافسة‏,‏ التوازن بين المصري والأجنبي والداخل والخارج والكبير والصغير فالاقتصاد في النهاية هو مجموعة من التوازنات‏.‏
‏*‏ البورصة المصرية كانت من أكثر القطاعات تأثرا بالأحداث‏..‏ كيف يمكن استعادة عافيتها مع استعادة العمل بها؟
‏**‏ بالنسبة للبورصة لابد من عدم التعامل معها علي أنها للمضاربة وفقط ولكن لابد من نظام لاحكامها والاستفادة منها بشكل افضل من الحالي إلي جانب اعطاء جرعة من الحوافز لتنشيطها من خلال اعفاء ارباح الأسهم من الضريبة واعتبار البورصة جزءا لايتجزأ من كيان الاقتصاد القومي فالبورصة وجدت لخدمة الاقتصاد القومي والتحكم في البورصة يكون من خلال فرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية للأسهم في حال التصرف فيها بالبيع خلال ستة أشهر من تاريخ شرائها مع تخفيض الضريبة تدريجيا بعد هذه الفترة لتتلاشي تماما بعد عام ونصف العام مما يشجع الاستثمار متوسط وطويل الأجل في البورصة ويقوي موقف المنشآت الانتاجية ويتحكم في المضاربة‏.‏
‏*‏ تولي الحكومة الحالية اهتماما لعدد من المشروعات ذات الطابع القومي لجزء من سياستها للنهوض بالاقتصاد‏..‏ كيف تري ذلك؟
‏**‏ من الأفضل ان تبتعد الحكومة عن الحديث عن إقامة مشروعات قومية فهذا دور البرلمان المنتخب المرتقب فعلي الحكومة ان تعي دورها الانتقالي مع كل الاحترام لكفاءة افكار المشروعات المطروحة ومنها ممر التنمية والا تلزم مصر بقواعد ومشروعات ذات التأثير طويل المدي خاصة في ظل عدم وجود برلمان مثل القروض وعروض بعض الجهات الأجنبية لتقديم المساعدة كصندوق النقد والبنك الدوليين فهذه هي مصيدة الديون التي يسعون لايقاع مصر فيها مستغلين الظرف الراهن فمثل تلك الاجراءات هو عمل البرلمان المنتخب والحكومة الانتقالية يمكن ان تقبل المنح او المساعدات وفقط فعلي الحكومة الارتفاع إلي مستوي حدث الثورة وليس إلي مستوي الترميم‏,‏ نحن مازلنا في الثورة والتطهير هو دور اساسي ضمن أدوار هذه الحكومة ومهمتها تمهيد البلاد للفترة المقبلة وللدولة المدنية المنتظرة فالأمر ليس مباراة رابح وكل واحد روح علي بيته وخلاص‏,‏ فالمرحلة الحالية مرحلة افراز الأفكار الجديدة للمستقبل‏.‏
‏*‏ كخبير اقتصادي‏..‏ كيف تقيم سياسة وزارة المالية في التعامل مع الأزمة؟
‏**‏ لايمكن تقييم ذلك من تلك الفترة الصعبة انا أري انه يوافق علي جميع المطالب إلي تعرض عليه ويمكن القول إن سياسته المتبعة سياسة رد فعل أكثر منها سياسة طويلة الأمد‏.‏
‏*‏ وكأستاذ للاقتصاد بالجامعة الأمريكية هل من مبادرات اجنبية لمساعدة مصر علميا للنهوض باقتصادها؟
‏**‏ الأدبيات موجودة بشكل مفصل وبالمدارس الأجنبية المختلفة فلا أظن اننا في حاجة إلي مزيد من الدراسات في هذا بل ما نحتاج إليه هم الاقتصاديون والخبراء المصريون القادرون علي تحليل الواقع المصري وعدم الانصياع وراء ما تقوله الجهات الاقتصادية الأجنبية خاصة البنك الدولي الذي ثبت فشل سياساته فشلا ذريعا وكلام فاضي وسأسوق مثالا من خارج مصر علي ذلك فماليزيا كانت الدولة الوحيدة من دول جنوب شرق اسيا التي سارت في عكس اتجاه خطة البنك الدولي للنهوض بتلك المنطقة لدرجة انه تم شطب ماليزيا من التقييم المالي العالمي والكل يعلم الآن إلي اي درجة من التقدم والنهوض حققته تلك الدولة واستقبل رئيسها مهاتير محمد في قمة دافوس في يناير‏2002‏ استقبال الأبطال‏.‏
‏*‏ في إطار حديثنا عن الغرب‏..‏ هل من تحديات تفرضها علينا الظروف الدولية أمام استعادة قوة الاقتصاد المصري؟
‏*‏ المشكلة ان الصناعات الكبيرة مسيطرة عليها شركات اجنبية واحتكارات القلة مسيطرة سواء في المنتجات او في الخدمات وهذا سيشكل تحديا يتمثل في عدم القدرة علي التحكم في الأسعار ولابد من النظر إلي هذا التحدي بجدية في سياسة مصر الاقتصادية المستقبلية ولابد ان تنبع السياسات الاقتصادية من واقع مصر وخبراء مصر‏.‏
‏*‏ تردد أخيرا عن اتجاه الحكومة لتأميم الشركات التي يمتلكها رجال أعمال في حال ادانتهم في القضايا المتهمين فيها والمنظورة حاليا‏..‏ فهل هذا الاجراء من شأنه دعم الاقتصاد؟
‏**‏ ليس التأميم هو الحل في رأيي وانما عرض حصر أسهم تلك الشركات سواء عادية او مغلقة تمهيدا لاعادة بيعها او تقييمها‏.‏
‏*‏ هل لك ان توضح لنا أكثر؟
‏**‏ من خلال عرضها علي القطاع الخاص وهذه هي السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية في‏2008‏ للتعامل مع الأزمة المالية العالمية فالدولة تستحوذ علي الشركات لحين
طرحها علي السوق والقطاع الخاص مرة أخري وهذا سيشكل حصيلة جيدة للدولة خاصة وأننا نمر بفترة نعاني خلالها نقص الموارد‏.‏
‏*‏ الأحداث الأخيرة وما أعقبها ربطت بين صورة رجل الأعمال والفساد‏...‏هل تري ذلك صحيحا وكيف يمكن توضيح الأمر؟
‏**‏ القطاع الخاص في مصر قبل رجل الأعمال فالقطاع الخاص في مصر يشكل‏90%‏ من سكانه فالبقال والسباك والجزار والخردواتي ونوادي الانترنت وبائعو الأعلام في ميدان التحرير وماشابه هو تكوين القطاع الخاص لكن للأسف الإعلام لم يركز إلا علي الكبار فقط فمن الطبيعي أن تتشكل لدي المواطن صورة ذهنية عن هؤلاء رغم أنهم قلة في الواقع‏,‏ دور الإعلام أن يدعم الاقتصاد بالتركيز علي كل مكونات القطاع الخاص صغيره وكبيره الصغار وبشقيه الحقيقي والسري هم السند الرئيسي للاقتصاد المصري خاصة في وقت الأزمة‏...‏الناس دي لو وقفت يوما ماتاكلش تاني يوم‏.‏
‏*‏حدثنا عن الصناعة المصرية والاجراءات التي يمكن من خلالها النهوض بهذا القطاع الحيوي؟
‏**‏ أصبح من الضروري تعديل هيكل الصناعة المصرية وتشكيلة إنتاجها حيث ان مدفوعات الصناعة في مصر تصل إلي قرابة‏60%‏ بالعملة الأجنبية و‏40%‏ بالعملة الوطنية سنويا‏,‏ وذلك يمثل ضغطا علي سعر صرف الجنيه ويفسر زيادة العجز في الميزان التجاري كلما زاد إنتاجنا الصناعي طبقا لهيكل الصناعة الحالي‏,‏ وكما ان الهدف من إعادة الهيكلة يجب أن يتمحور حول سبل تدعيم المزايا التنافسية في الصناعة المصرية‏,‏ حيث تتضاءل القيمة المضافة للمزايا النسبية امام تلك المحققة من خلال المزايا التنافسية المبنية علي المعرفة والتكنولوجيا والإبتكار‏,‏ وهي التي تضمن نمو الصادرات بدلا كما هو الحال الآن من تصدير منتجات بأسعار زهيدة لا تؤدي الي رفع مستوي معيشة المواطن كتلك المعتمدة علي استغلال الميزة النسبية للعمالة الرخيصة‏,‏ فهو نوع من التصدير يكرس الفقر‏!‏ وكما أن النمو الاقتصادي في مصر لم يقابله نمو مماثل في الإنتاجية الكلية وزيادة نسب النمو دون زيادة في معدل الإنتاجية تعني بالضرورة مشاكل اقتصادية لأنها تقوم علي حشد الموارد دون كفاءة في استخدام تلك الموارد‏.‏
‏*‏ كيف يمكن تعويض خسائر الاقتصاد المصري؟
‏**‏ تكفي استعادة الأموال التي استولي عليها المسئولون السابقون وذلك بعد حكم القضاء بالطبع باستعادتها فهذه الأموال سوف تعوضنا ماتكبدته مصر من خسائر خاصة وأن تلك الخسائر هي أقل معدل تكبدته ثورة علي مستوي ثورات العالم أجمع ويجب ألا نتباكي أمام الإنجازات‏.‏
‏*‏ إجمل لنا الإجراءات الكفيلة بالنهوض باقتصادنا الوطني‏...‏
‏**‏ نحن أمام خيارين إما أن نسير لاقتصاد ذي نزعة استهلاكية حيث التوجه إلي تفضيل سياسات الأرباح قصيرة الأجل وللتنافس المبني علي اسعار البورصة‏,‏ أو الاقتصاد ذي نزعة إنتاجية يسعي الي تأكيد الاتجاهات طويلة المدي للإقتصاد القومي من خلال الاستثمار المباشر والتكنولوجيا‏,‏ وأما الخلل الذي حدث في مصر فمرجعه أن الحكومتين السابقتين أحدثتا استقطابا في المجتمع بتحويل الثروة من المبادرين والعاملين في الاقتصاد الإنتاجي إلي المضاربين والسماسرة‏,‏ وكانت نتيجة تلك السياسة هي انخفاض تنافسية مصر وتدني مستوي المعيشة وتمزق في النسيج الاجتماعي‏.‏
‏*‏ وماالذي علي الحكومة الحالية الالتزام به طوال فترتها الانتقالية مما ينعكس علي مصر الجديدة؟
‏**‏ التزام قاطع نحو دفع الاستثمار والإدخار الوطني وتحقيق انضباط مالي ونقدي صارم وقيام القيادات بإعطاء المثل في التقشف وبساطة الحياة والإرتقاء بمناخ المنافسة والأسواق والشفافية ومحاربة الفساد والمشاركة المجتمعية الواسعة في الرقابة علي هذه المجالات مع ترشيد استخدام المياه والطاقة والحد من نمو الصناعات والخدمات كثيفة الاستهلاك لهما والمضي في الإصلاح الإداري للدولة وإعادة هيكلة الحكومة بحيث تتواءم مع المتطلبات الجديدة للتنمية والتعامل الفعال مع معطيات العولمة الاقتصادية من خلال دور قيادي لمصر في مجال الاقتصاد الدولي وذلك للمطالبة بإصلاح وتطوير المؤسسات الدولية ولمحاولة التوصل الي توازن جديد يرسي قواعد عادلة للتجارة الدولية ويوجد مدخلا جديدا للملكية الفكرية وخاصة في صناعة الدواء ويعوض عن تدهور البيئة والتغير المناخي ويصلح المعمار المالي الدولي وينظم الاحتكارات الدولية‏,‏ وكما يجب توخي الحذر من الاستعداد الذي أبداه صندوق النقد لمساعدة مصر بعد الأزمة الحالية‏,‏ حيث سيكون الهدف من ذلك تطبيق نوعية من الإصلاحات تفتح الباب واسعا امام الشركات الدولية والهيمنة علي مقدرات اقتصادنا القومي‏,‏ والأجدر بنا في هذه المرحلة التي ستكون بالفعل في حاجة الي مساعدة خارجية التفاوض مع الدول والصناديق العربية التي تشاركنا في مصلحة استقرار المنطقة‏.‏
وهكذا يتحدد مسار التنمية من خلال مدخل النمو مع العدل الاجتماعي المعتمد علي الركائز الآتية‏:‏التشغيل ومحاربة البطالة‏,‏ وتصحيح تشوهات السوق‏,‏ واشباع الحاجات الأساسية للمواطن وجودة الخدمات المقدمة اليه‏,‏ وعدم خضوع التعليم والصحة لقوي السوق وحدها‏,‏ وتطوير الزراعة والمناطق الريفية ودفع الاستثمارات اليها‏,‏ وأخيرا صياغة عقد اجتماعي جديد بين الدولة ومنشآت الأعمال والقوي العاملة‏.‏
‏*‏ هل لك كلمة في نهاية الحوار ولمن توجهها؟
‏**‏ أوجهها للنخبة من المثقفين والإعلاميين والشباب وأقول لهم أن الفترة المقبلة تتطلب تنظيف العقول من مواريث الماضي والتفكير التقليدي القديم وفترة بناء العقول تتطلب المزيد والمزيد من الوقت‏.‏
أجرت الحوار‏:‏
الاقتصاد الوطني‏..‏ هو الرهان المعقود عليه الأمال لاستعادة عافية مصر مرة أخري بعدما شهدته من أحداث من جهة واستعدادا لمصر في عهدها الجديد من جانب آخر‏.‏ ومن خلال حوارنا مع د‏.‏ شريف دلاور الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية شخصت الأهرام المسائي واقع ومستقبل الاقتصاد المصري‏,‏ حيث وضع دلاور عددا من الإجراءات التي يمكن أن تتبعها الحكومة الحالية لاستعادة الثقة في الاقتصاد وبناء مصر الجديدة‏.‏
وكان لنا هذا الحوار‏:‏
‏*‏ بماذا تشخص الوضع الأقتصادي لمصر في الوقت الراهن؟
‏**‏ أستطيع القول أن الوضع الراهن للاقتصاد المصري يواجه الكثير من الفرص والتهديدات والتحديات‏.‏
‏*‏ ماذا عن الفرص؟
‏**‏ بالنسبة للفرص فإن العالم أصبح متعاطفا جدا للتعامل مع مصر اقتصاديا وهذا استثمار لا يمكن الإقلال من شأنه وهذا وضح جليا من خلال تصريحات العديد من المسئولين الغربيين ومنها تصريح وزير خارجية إيطاليا الذي قال فيه ان إيطاليا علي استعداد لمساندة مصر في ملف مفاوضات مياه النيل فمثل تلك الفرص لابد من استثمارها علي المستوي العالمي‏.‏
كما أن هناك فرصة أخري تتمثل في أنه عندما يتم تطهير الاقتصاد المصري من الفساد الذي استشري في جميع قطاعاته وإقرار دستور جديد للبلاد وتحقيق سيادة دولة القانون والقضاء علي الوساطة والرشوة والمحسوبية وعدم غلبة المصلحة الشخصية والفئوية علي المصلحة العامة فلا شك أن الاستثمار الأجنبي وبخاصة الاستثمار العربي سيفضل هذا النوع من السوق التي ستسودها حينها الشفافية والوضوح والتي ستجذب الاستثمارات التي تتبع استراتيجية طويلة المدي في مصر والأمثلة كثيرة علي نجاح هذه الاستثمارات في جميع ديمقراطيات العالم‏.‏
‏*‏ كيف يمكن الاستفادة من تلك الفرص في ظل الوضع الراهن؟
‏**‏ من خلال الروح الجديدة التي انتابت شباب مصر أثناء الثورة وما أعقبها بعد أن كان هناك شباب يبحث عن الأموال للهرب من مصر والسفر بطرق غير شرعية والمشكلة الأكبر تتمثل في المصريين العائدين من ليبيا نتيجة الأحداث الدائرة هناك والذين يبلغ عددهم المليون مصري فهؤلاء وغيرهم ممن سافروا لبلاد أخري سافروا في الأساس لعدم وجود فرص توظيف لهم وهذا يشكل تحديا كبيرا آخر‏,‏ فالفرصة هنا أن يتم استغلال الروح الجديدة التي سببتها الثورة كي يوظف الشباب المصري طاقته داخل وطنه وقد يتحمل الشباب المصاعب قليلا نتيجة تحديات سوق العمل ولكن المهم أن هناك بارقة أمل‏,‏ فالاقتصاد يبني علي الثقة والروح داخل أي بلد والرأسمالية النظيفة ستنتعش في مصر في ظل سيادة القانون والقضاء علي الفروق بين الرواتب والقضاء كذلك علي الفجوة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع وحينها سيزدهر الاقتصاد الوطني المصري‏.‏
‏*‏ وماذا عن التحديات؟
‏**‏ هناك عدد من التحديات ومنها أن التحويلات التي يحولها المصريون بالخارج للبنوك انكمشت بعض الشيء نتيجة الأحداث الأخيرة كذلك انكمشت حركة السياحة والصادرات مما أثر علي سريان دولاب العمل‏.‏
‏*‏ وهل يمكن اعتبار الاحتجاجات الفئوية التي شهدتها مصر مؤخرا ضمن تلك التحديات ومؤثرة علي دولاب العمل؟
‏**‏ هي أثرت علي دولاب العمل في مصر لا شك ولكن المطالب الفئوية والاحتجاجات التي عبرت عنها مطالب طبيعية وتلك المطالب كانت بذرة ثورة‏25‏ يناير‏,‏ حيث سادت مصر قبل هذا التاريخ حالة من الغليان بسبب العديد من القضايا الفئوية أبرزها كان تدني مستوي الأجور والثورة كانت بمثابة كريمة السطح وبالتالي يجب التعامل مع تلك المطالب ووضعها في عين الاعتبار خاصة وأنها مطالب مشروعة وإلا ما كانت مشاركتهم في ثورة الشباب وتدعيمهم لها‏.‏
‏*‏ كيف يمكن للحكومة الانتقالية الحالية التعامل مع تلك الفرص والتحديات؟
‏**‏ علي الحكومة الانتقالية أن تعبر بمصر إلي بر الأمان فمع التخطيط للمدي المتوسط من عام إلي عامين والطويل فوق‏5‏ سنوات لابد من التعامل مع العام الحالي الذي يعد أصعب الأعوام علي مصر بعد الظروف والأحداث التي شهدتها خاصة مع تحدي الضغط علي الجنيه المصري نتيجة نقص موارد العملة الأجنبية ويجب أن تكون تلك الحكومة مقبولة من الشعب فهناك أمر لايمكن اغفاله من حديثنا عن الاقتصاد المصري والحكومة الانتقالية وهي تحقيق الثقة بين الشعب وحكومته ولابد أن تتابع تلك الحكومة بوزاراتها عملها بالنزول وبالنسبة للاقتصاد فلابد من المرور علي الشركات والبنوك وجميع المؤسسات الاقتصادية في مصر والجلوس مع العمال والموظفين باختصار لابد من التفاعل بين الحكومة والمواطنين‏.‏
‏*‏ دعنا نقرأ معك اقتصاد مصر المستقبل‏..‏
‏**‏ لابد وأن تجري عملية تطهير واسعة كي يستعيد الاقتصاد المصري عافيته‏,‏ ولابد في ذلك من حل جميع النقابات العمالية ويحضرني هنا وان كان بعيدا عن موضوع حوارنا قرار وزير التعليم بحل الاتحادات الطلابية فهذا القرار كان قرار صائبا صدر عن وزير يمتلك بعد النظر فاتحاد الطلاب هو المفاوض بين الطلاب وقيادات الجامعة وهذا الكيان شابه التزوير في انتخاباته فهو باطل وبالتالي التفاوض كذلك ولابد من انتهاج هذا النهج في الاقتصاد المصري بجميع مؤسساته‏,‏ فالديمقراطية ليست فقط باجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وإنما لابد من البدء بالقاع خاصة وأن مصر عانت كثيرا من الانفصال بين الحكم والقاعدة لسنوات طويلة‏.‏
‏*‏ وهل من سياسة اقتصادية يمكن أن تضعها أمام الحكومة الحالية للعبور للمستقبل؟
‏**‏ لابد من اتباع سياسات اقتصادية سليمة للنهوض بمصر والنظر للاقتصاد علي أنه عمل وناتج عمل وكلما كان الانتاج نتيجة جهد وعرق وتعب فلابد من المكافأة واتباع سياسات الاعفاء الضريبي بينما فرض ضرائب مرتفعة علي الربح الكسول والسمسرة والربح بدون مجهود مع إعلاء قيمة العمال من خلال التشريعات الاقتصادية واتباع سياسات الاستحواذ والاندماجات وتشجيع الشركات المصرية القائمة والجديدة وتوفير الحماية اللازمة للشركات
والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وذلك باحداث التوازن وليس بقتل المنافسة‏,‏ التوازن بين المصري والأجنبي والداخل والخارج والكبير والصغير فالاقتصاد في النهاية هو مجموعة من التوازنات‏.‏
‏*‏ البورصة المصرية كانت من أكثر القطاعات تأثرا بالأحداث‏..‏ كيف يمكن استعادة عافيتها مع استعادة العمل بها؟
‏**‏ بالنسبة للبورصة لابد من عدم التعامل معها علي أنها للمضاربة وفقط ولكن لابد من نظام لاحكامها والاستفادة منها بشكل افضل من الحالي إلي جانب اعطاء جرعة من الحوافز لتنشيطها من خلال اعفاء ارباح الأسهم من الضريبة واعتبار البورصة جزءا لايتجزأ من كيان الاقتصاد القومي فالبورصة وجدت لخدمة الاقتصاد القومي والتحكم في البورصة يكون من خلال فرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية للأسهم في حال التصرف فيها بالبيع خلال ستة أشهر من تاريخ شرائها مع تخفيض الضريبة تدريجيا بعد هذه الفترة لتتلاشي تماما بعد عام ونصف العام مما يشجع الاستثمار متوسط وطويل الأجل في البورصة ويقوي موقف المنشآت الانتاجية ويتحكم في المضاربة‏.‏
‏*‏ تولي الحكومة الحالية اهتماما لعدد من المشروعات ذات الطابع القومي لجزء من سياستها للنهوض بالاقتصاد‏..‏ كيف تري ذلك؟
‏**‏ من الأفضل ان تبتعد الحكومة عن الحديث عن إقامة مشروعات قومية فهذا دور البرلمان المنتخب المرتقب فعلي الحكومة ان تعي دورها الانتقالي مع كل الاحترام لكفاءة افكار المشروعات المطروحة ومنها ممر التنمية والا تلزم مصر بقواعد ومشروعات ذات التأثير طويل المدي خاصة في ظل عدم وجود برلمان مثل القروض وعروض بعض الجهات الأجنبية لتقديم المساعدة كصندوق النقد والبنك الدوليين فهذه هي مصيدة الديون التي يسعون لايقاع مصر فيها مستغلين الظرف الراهن فمثل تلك الاجراءات هو عمل البرلمان المنتخب والحكومة الانتقالية يمكن ان تقبل المنح او المساعدات وفقط فعلي الحكومة الارتفاع إلي مستوي حدث الثورة وليس إلي مستوي الترميم‏,‏ نحن مازلنا في الثورة والتطهير هو دور اساسي ضمن أدوار هذه الحكومة ومهمتها تمهيد البلاد للفترة المقبلة وللدولة المدنية المنتظرة فالأمر ليس مباراة رابح وكل واحد روح علي بيته وخلاص‏,‏ فالمرحلة الحالية مرحلة افراز الأفكار الجديدة للمستقبل‏.‏
‏*‏ كخبير اقتصادي‏..‏ كيف تقيم سياسة وزارة المالية في التعامل مع الأزمة؟
‏**‏ لايمكن تقييم ذلك من تلك الفترة الصعبة انا أري انه يوافق علي جميع المطالب إلي تعرض عليه ويمكن القول إن سياسته المتبعة سياسة رد فعل أكثر منها سياسة طويلة الأمد‏.‏
‏*‏ وكأستاذ للاقتصاد بالجامعة الأمريكية هل من مبادرات اجنبية لمساعدة مصر علميا للنهوض باقتصادها؟
‏**‏ الأدبيات موجودة بشكل مفصل وبالمدارس الأجنبية المختلفة فلا أظن اننا في حاجة إلي مزيد من الدراسات في هذا بل ما نحتاج إليه هم الاقتصاديون والخبراء المصريون القادرون علي تحليل الواقع المصري وعدم الانصياع وراء ما تقوله الجهات الاقتصادية الأجنبية خاصة البنك الدولي الذي ثبت فشل سياساته فشلا ذريعا وكلام فاضي وسأسوق مثالا من خارج مصر علي ذلك فماليزيا كانت الدولة الوحيدة من دول جنوب شرق اسيا التي سارت في عكس اتجاه خطة البنك الدولي للنهوض بتلك المنطقة لدرجة انه تم شطب ماليزيا من التقييم المالي العالمي والكل يعلم الآن إلي اي درجة من التقدم والنهوض حققته تلك الدولة واستقبل رئيسها مهاتير محمد في قمة دافوس في يناير‏2002‏ استقبال الأبطال‏.‏
‏*‏ في إطار حديثنا عن الغرب‏..‏ هل من تحديات تفرضها علينا الظروف الدولية أمام استعادة قوة الاقتصاد المصري؟
‏*‏ المشكلة ان الصناعات الكبيرة مسيطرة عليها شركات اجنبية واحتكارات القلة مسيطرة سواء في المنتجات او في الخدمات وهذا سيشكل تحديا يتمثل في عدم القدرة علي التحكم في الأسعار ولابد من النظر إلي هذا التحدي بجدية في سياسة مصر الاقتصادية المستقبلية ولابد ان تنبع السياسات الاقتصادية من واقع مصر وخبراء مصر‏.‏
‏*‏ تردد أخيرا عن اتجاه الحكومة لتأميم الشركات التي يمتلكها رجال أعمال في حال ادانتهم في القضايا المتهمين فيها والمنظورة حاليا‏..‏ فهل هذا الاجراء من شأنه دعم الاقتصاد؟
‏**‏ ليس التأميم هو الحل في رأيي وانما عرض حصر أسهم تلك الشركات سواء عادية او مغلقة تمهيدا لاعادة بيعها او تقييمها‏.‏
‏*‏ هل لك ان توضح لنا أكثر؟
‏**‏ من خلال عرضها علي القطاع الخاص وهذه هي السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية في‏2008‏ للتعامل مع الأزمة المالية العالمية فالدولة تستحوذ علي الشركات لحين
طرحها علي السوق والقطاع الخاص مرة أخري وهذا سيشكل حصيلة جيدة للدولة خاصة وأننا نمر بفترة نعاني خلالها نقص الموارد‏.‏
‏*‏ الأحداث الأخيرة وما أعقبها ربطت بين صورة رجل الأعمال والفساد‏...‏هل تري ذلك صحيحا وكيف يمكن توضيح الأمر؟
‏**‏ القطاع الخاص في مصر قبل رجل الأعمال فالقطاع الخاص في مصر يشكل‏90%‏ من سكانه فالبقال والسباك والجزار والخردواتي ونوادي الانترنت وبائعو الأعلام في ميدان التحرير وماشابه هو تكوين القطاع الخاص لكن للأسف الإعلام لم يركز إلا علي الكبار فقط فمن الطبيعي أن تتشكل لدي المواطن صورة ذهنية عن هؤلاء رغم أنهم قلة في الواقع‏,‏ دور الإعلام أن يدعم الاقتصاد بالتركيز علي كل مكونات القطاع الخاص صغيره وكبيره الصغار وبشقيه الحقيقي والسري هم السند الرئيسي للاقتصاد المصري خاصة في وقت الأزمة‏...‏الناس دي لو وقفت يوما ماتاكلش تاني يوم‏.‏
‏*‏حدثنا عن الصناعة المصرية والاجراءات التي يمكن من خلالها النهوض بهذا القطاع الحيوي؟
‏**‏ أصبح من الضروري تعديل هيكل الصناعة المصرية وتشكيلة إنتاجها حيث ان مدفوعات الصناعة في مصر تصل إلي قرابة‏60%‏ بالعملة الأجنبية و‏40%‏ بالعملة الوطنية سنويا‏,‏ وذلك يمثل ضغطا علي سعر صرف الجنيه ويفسر زيادة العجز في الميزان التجاري كلما زاد إنتاجنا الصناعي طبقا لهيكل الصناعة الحالي‏,‏ وكما ان الهدف من إعادة الهيكلة يجب أن يتمحور حول سبل تدعيم المزايا التنافسية في الصناعة المصرية‏,‏ حيث تتضاءل القيمة المضافة للمزايا النسبية امام تلك المحققة من خلال المزايا التنافسية المبنية علي المعرفة والتكنولوجيا والإبتكار‏,‏ وهي التي تضمن نمو الصادرات بدلا كما هو الحال الآن من تصدير منتجات بأسعار زهيدة لا تؤدي الي رفع مستوي معيشة المواطن كتلك المعتمدة علي استغلال الميزة النسبية للعمالة الرخيصة‏,‏ فهو نوع من التصدير يكرس الفقر‏!‏ وكما أن النمو الاقتصادي في مصر لم يقابله نمو مماثل في الإنتاجية الكلية وزيادة نسب النمو دون زيادة في معدل الإنتاجية تعني بالضرورة مشاكل اقتصادية لأنها تقوم علي حشد الموارد دون كفاءة في استخدام تلك الموارد‏.‏
‏*‏ كيف يمكن تعويض خسائر الاقتصاد المصري؟
‏**‏ تكفي استعادة الأموال التي استولي عليها المسئولون السابقون وذلك بعد حكم القضاء بالطبع باستعادتها فهذه الأموال سوف تعوضنا ماتكبدته مصر من خسائر خاصة وأن تلك الخسائر هي أقل معدل تكبدته ثورة علي مستوي ثورات العالم أجمع ويجب ألا نتباكي أمام الإنجازات‏.‏
‏*‏ إجمل لنا الإجراءات الكفيلة بالنهوض باقتصادنا الوطني‏...‏
‏**‏ نحن أمام خيارين إما أن نسير لاقتصاد ذي نزعة استهلاكية حيث التوجه إلي تفضيل سياسات الأرباح قصيرة الأجل وللتنافس المبني علي اسعار البورصة‏,‏ أو الاقتصاد ذي نزعة إنتاجية يسعي الي تأكيد الاتجاهات طويلة المدي للإقتصاد القومي من خلال الاستثمار المباشر والتكنولوجيا‏,‏ وأما الخلل الذي حدث في مصر فمرجعه أن الحكومتين السابقتين أحدثتا استقطابا في المجتمع بتحويل الثروة من المبادرين والعاملين في الاقتصاد الإنتاجي إلي المضاربين والسماسرة‏,‏ وكانت نتيجة تلك السياسة هي انخفاض تنافسية مصر وتدني مستوي المعيشة وتمزق في النسيج الاجتماعي‏.‏
‏*‏ وماالذي علي الحكومة الحالية الالتزام به طوال فترتها الانتقالية مما ينعكس علي مصر الجديدة؟
‏**‏ التزام قاطع نحو دفع الاستثمار والإدخار الوطني وتحقيق انضباط مالي ونقدي صارم وقيام القيادات بإعطاء المثل في التقشف وبساطة الحياة والإرتقاء بمناخ المنافسة والأسواق والشفافية ومحاربة الفساد والمشاركة المجتمعية الواسعة في الرقابة علي هذه المجالات مع ترشيد استخدام المياه والطاقة والحد من نمو الصناعات والخدمات كثيفة الاستهلاك لهما والمضي في الإصلاح الإداري للدولة وإعادة هيكلة الحكومة بحيث تتواءم مع المتطلبات الجديدة للتنمية والتعامل الفعال مع معطيات العولمة الاقتصادية من خلال دور قيادي لمصر في مجال الاقتصاد الدولي وذلك للمطالبة بإصلاح وتطوير المؤسسات الدولية ولمحاولة التوصل الي توازن جديد يرسي قواعد عادلة للتجارة الدولية ويوجد مدخلا جديدا للملكية الفكرية وخاصة في صناعة الدواء ويعوض عن تدهور البيئة والتغير المناخي ويصلح المعمار المالي الدولي وينظم الاحتكارات الدولية‏,‏ وكما يجب توخي الحذر من الاستعداد الذي أبداه صندوق النقد لمساعدة مصر بعد الأزمة الحالية‏,‏ حيث سيكون الهدف من ذلك تطبيق نوعية من الإصلاحات تفتح الباب واسعا امام الشركات الدولية والهيمنة علي مقدرات اقتصادنا القومي‏,‏ والأجدر بنا في هذه المرحلة التي ستكون بالفعل في حاجة الي مساعدة خارجية التفاوض مع الدول والصناديق العربية التي تشاركنا في مصلحة استقرار المنطقة‏.‏
وهكذا يتحدد مسار التنمية من خلال مدخل النمو مع العدل الاجتماعي المعتمد علي الركائز الآتية‏:‏التشغيل ومحاربة البطالة‏,‏ وتصحيح تشوهات السوق‏,‏ واشباع الحاجات الأساسية للمواطن وجودة الخدمات المقدمة اليه‏,‏ وعدم خضوع التعليم والصحة لقوي السوق وحدها‏,‏ وتطوير الزراعة والمناطق الريفية ودفع الاستثمارات اليها‏,‏ وأخيرا صياغة عقد اجتماعي جديد بين الدولة ومنشآت الأعمال والقوي العاملة‏.‏
‏*‏ هل لك كلمة في نهاية الحوار ولمن توجهها؟
‏**‏ أوجهها للنخبة من المثقفين والإعلاميين والشباب وأقول لهم أن الفترة المقبلة تتطلب تنظيف العقول من مواريث الماضي والتفكير التقليدي القديم وفترة بناء العقول تتطلب المزيد والمزيد من الوقت‏.‏
ط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.