بعد ثلاث سنوات من حادث السفينة التركية مرمرة التي هاجمتها اسرائيل قبالة شواطئ غزة, وبعد ان قام اردوغان بتصعيد مواقفه الخطابية الفارغة ضد اسرائيل بهدف المتاجرة بذلك, واكتساب قدر من التأييد في المنطقة العربية ولدي حركات الاسلام السياسي, وفتح مجالات اوسع للنفوذ التركي في مسارات القضية الفلسطينية.. بعد كل هذه المناورات جري الاعلان منتصف هذا الاسبوع عن اتفاق لعودة العلاقات الدبلوامسية بين تركيا واسرائيل دون ان يتحقق المطلب الرئيسي الذي كان يتمسك به اردوغان وهو رفع الحصار عن غزة. أهم بنود الاتفاق هي عودة السفراء والتنسيق بين البلدين في المحافل الدولية, وترتيبات بشأن شراء تركيا للغاز الاسرائيلي وتصديره الي اوروبا, و ان تدفع اسرائيل تعويضا قدره21 مليون دولار لأسر القتلي والجرحي في حادث السفينة, والا يتم ذلك الا بعد ان يصدر البرلمان التركي قانونا يتم بموجبه اغلاق كل الشكاوي التي تقدمت بها تركيا بعد الحادث.. وفي الوقت نفسه لم تقدم اسرائيل الاعتذار الذي كان يصر عليه اردوغان, بل قدم نتيانياهو صيغة تعني الاسف لوقوع الضحايا. فيما يتعلق بغزة رفضت اسرائيل رفع الحصار, واشترطت عدم القيام باي عمل ضد اسرائيل من الاراضي التركية, وطرد أي اعضاء حمساويين يعملون في الجناح العسكري, مع توسط تركيا لاعادة جثث جنود اسرائليين مفقودين في غزة. وفي المقابل سمحت اسرائيل بدخول مساعدات تركية غذائية الي غزة عبر الرقابة الاسرائيلية وليس الي غزة مباشرة, كما وافقت علي اقامة تركيا ملستشفي ومحطة توليد كهرباء, دون ان يتم اي تخفيف للحصار البري او البحري او الجوي. وقد بررت اسرائيل ذلك وافقنا علي مساعدة السكان في غزة. وسياستنا هي الفصل بين السكان وبين حماس والمشاريع التي وافقنا عليها تتعلق بمواضيع مثل المياه, والكهرباء والمستشفيات.. ففي غزة توجد إشارات مقلقة بشأن انهيار البني التحتية هناك. في النهاية هذا يلحق بنا الضرر, لذلك من مصلحتنا معالجة الأمر, ونرغب أيضا أن تساعد دول أخري في هذا الشأن واللافت للنظر ان العلاقات الامنية والعسكرية لم تكن قد انقطعت طوال الفترة السابقة مع اسرائيل, كما بلغ التبادل التجاري بين البلدين6 مليارات دولا في العام الماضي.. اذن ما الذي دفع اردوغان الي إنهاء عرضة المسرحي وتراجعه بهذا الشكل.. وما هو رد فعل حماس والاخوان بشكل عام تجاه مواقف اردوغان الذي طالما تم تصويره كبطل قادم شاهرا سيفه علي طريقة العصور الوسطي ؟. بالنسبة لاردوغان فمن الواضح ان اوهامه التي كانت قد تعاظمت عقب ثورات الربيع العربي, وتقمصه لدور السلطان او الخليفة العثماني قد بدأت في التهاوي, بعد ان اتضحت النتائج الخاسرة لمراهناته الخاطئة, وبدأت الارتدادات السلبية تصل الي داخل تركيا علي المستويين الاقتصادي والامني. ولعل هذا ما يفسر السياسة الجديدة بالسعي الي تقليل الاعداء وزيادة الاصدقاء اما حماس فقد اصدرت بيانا تحيي فيه الجهود التركية لتخفيف معاناة اهل غزة, وكذلك صدر بيان عن اخوان مصر بنفس المعني, وليس هناك من تفسير سوي السمات الانتهازية المشتركة, فحماس تعامل اهل غزة كأسري من اجل بقائها في السلطة, وبالتالي فهي رهينة لاي مشروع اقليمي يقدم لها الدعم اللازم لاستمرار سلطتها, اما الاخوان فهم انتهازيون كجزء من تكوينهم الفكري والنفسي, ولذلك يتلونون مع كل موقف في اي وقت واي حين.