سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. عبد الله عزب وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة: الغرباء عن الدين يحاولون التشكيك في الثوابت لهدم الإسلام
غياب قضية الخطاب الديني وراء ظهور الفصائل والجماعات التكفيرية
أكد الدكتور عبدا لله عزب وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة أن غياب قضية تجديد الخطاب الديني تسبب في ظهور فصائل وجماعات تكفيرية تهدد أمن واستقرار الدولة, مشيرا إلي ضرورة التفريق بين الدين وبين الفكر الديني, أو بعبارة أخص بين الإسلام وبين الفكر الإسلامي. وقال في حوار مع' الأهرام المسائي' إن الفهم الخاطئ لنصوص الوحي يؤدي إلي التطرف الفكري, ومن ثم يتولد منه جماعات إرهابية. وأضاف أن التشكيك في الثوابت الإسلامية أي في مصادر التشريع وفي كبار الأئمة, ومن ثم فقدان الثقة بهذه الثوابت, وإذا فقدت الثقة بالثوابت والأئمة وصل المشكك إلي هدفه, وهو هدم الدين في قلوب متبعيه, وفي الغالب إذا نظرت لكل من يطعن في الثوابت تجده يتوجه توجها ليس دينيا, ولا يمت للدين بصلة, وإنما تجده ينتمي إلي العلمانية أو الشيوعية, أو الصهيونية, أو الماسونية أو الليبرالية. في البداية ما رأيك في قضية تجديد الخطاب الديني ؟ - بداية انطلقت الدعوة لتجديد الخطاب من جانب رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي وأوكل بهذه المهمة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر للخروج من أزمة التطرف الديني الذي يؤدي إلي الإرهاب, وهذه الدعوة ترجع إلي الشعور بالمسئولية الدينية والوطنية, وتجديد الخطاب الديني يحتاج إلي آليات وخطط ووسائل لكي نصل إلي الغاية المرجوة, وهي منع التطرف الديني الذي يحمل البعض إلي سلوكيات خاطئة ومفاسد مجتمعية عظيمة الإسلام منها براء مثلما نجده الآن من جماعات تكفيرية مسلحة علي الأراضي المصرية ماذا عن آليات التجديد ؟ - قبل الحديث عن الآليات والوسائل الموصلة إلي الغاية, أحب أن أنبه إلي أمرين: الأول: هو ضرورة التفريق بين الدين وبين الفكر الديني, أو بعبارة أخص بين الإسلام وبين الفكر الإسلامي, فالإسلام هو كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم, وهذان المصدران معصومان من الخطأ والزلل, لأنهما وحي من رب العالمين, وقد تعهد الله عز وجل بحفظ كتابه, قال تعالي:{ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وعلماء السنة بفضل الله تعالي في الأزهر الشريف وفي كليات أصول الدين, قاموا بتنقية السنة من الدخيل عليها, وبيان ماهو متواتر منها وما هو آحاد, وبيان الصحيح من الضعيف, ومن هنا فإن القرآن والسنة هما المصادر الأساسية والأصيلة للإسلام وهما لا يتطرق إليهما الخطأ أو الزلل, وليس فيهما ما يدعو إلي التطرف أو العصبية, أو ما يصادم العقل الإنساني الذي وهبه الله لنا لنميز به بين صحيح الفكر وسقيمه, وهذا الأمر ظاهر لصاحب الفطرة السليمة. أما الفكر الإسلامي فهو فهم من ينتمي إلي الإسلام لنصوص الكتاب والسنة, وهذا الفهم قد يكون صوابا وقد يكون خطأ, فإذا كان خطأ فهو لا يعبر عن الإسلام( الوحي الإلهي)وإنما يعبر عن صاحبه, وإذن فنصوص الوحي لا دخل لها بالفكر المتطرف أو الإرهاب, وإنما التطرف والإرهاب يعود إلي فهم المفكر لهذه النصوص, ويترتب علي فهمه الخاطئ السلوكيات التي تتصادم مع النصوص, ومما لاشك فيه أن كل إنسان يخطئ ويصيب, ولا عصمة بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم, لأحد والفكر الخاطئ يقوم ويصحح ولا عيب في ذلك. إذا كنا نعني بتجديد الخطاب الديني مواجهة الأفكار والسلوكيات الخاطئة التي تتصادم مع الإسلام ولا تمت له بصلة, فهذا الأمر يحتاج إلي آليات وخطط ووسائل, ومن ذلك مثلا: اختيار العلماء الذين تربوا علي المنهج الوسطي في مناهج الأزهر في البرامج الإعلامية. ومن الوسائل تطوير العملية التعليمية في الكليات الدينية بإضافة بعض المفردات والمناهج يجمع فيها الشبهات والسلوكيات الخاطئة والآراء القائمة علي غير منهج أو أساس علمي والتي يقوم بها المتطرفون باسم الإسلام, وبيان الرد عليها, لتخريج جيل قادر علي الحوار والمناظرة والرد علي المشككين والمعاندين ودفع الشبهات التي تثار من قبلهم. ومن وسائل التجديد كذلك لمقاومة الأفكار المتطرفة تخصيص نشرات دينية لنشر الوسطية الدينية الممثلة في منهج الإمام أبي الحسن الأشعري, وهو المنهج الذي يعتمد عليه الأزهر في معاهده وكلياته. ومن الوسائل إعادة دراسة النصوص الإسلامية المتعلقة بغير المسلمين وإبراز الوجه الحضاري للإسلام, القائم علي احترام الآخركالذي يقوم به فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر من جولات أوروبية وفي دول شرق آسيا ومقابلته البابا كرولس في باريس منذ أيام لنشر الفكر الوسطي المعتدل ونبذ التطرف والإرهاب. ومن الوسائل كذلك التنسيق بين المؤسسات الدينية كوزارة الأوقاف ومجمع البحوث الإسلامية, والأزهر الشريف لاستثمار الفضائيات والإنترنت لمواجهة الفكر المتطرف بالوسائل العصرية. ومن الوسائل ضرورة التوسع في إنشاء مراكز تدريب دعوي وإعداد الدعاة علي المنهج الوسطي المعتدل الذي ينبذ الأفكار المتطرفة والفهم المغلوط, ويكون ذلك تحت إشراف الأزهر الشريف, وموضوع تجديد الخطاب الديني كما ذكرت سلفا واسع وفضفاض ويحتاج إلي خطط استراتيجية للوصول إلي هدم الأفكار المنحرفة والمتطرفة وسيادة المنهج الوسطي علي أرض الواقع. هل التفسير الخاطئ لنصوص الوحي تولد عنه الجماعات الإرهابية؟ ومن المسئول عن ذلك؟ وكيف تري العلاج؟ -ما لاشك فيه أن الفهم الخاطئ لنصوص الوحي يؤدي إلي التطرف الفكري, ومن ثم يتولد منه جماعات إرهابية, فبعض المتطرفين يفهمون بعض الآيات بعزلها عن سياقها الذي وردت فيه, وعدم معرفة سبب نزولها, ومن ذلك علي سبيل المثال, قول الله تعالي:{ فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم}, البقرة:194] فالبعض فهم أن المثلية في الاعتداء الوارد في الآية الكريمة هي الواجبة بنص القرآن, بمعني أن من اعتدي عليكم بسرقة أو زنا أو قتل أو أي نوع من أنواع الاعتداء فيجب الاعتداء عليه بمثل ما اعتدي, بأن يسرق ماله أو يزني أو يقتل كما هو معروف بالثأر, وهذا الفهم خاطئ للآية, ويترتب علي هذا الفهم محال, وهو أن الله يأمر بالفحشاء, وهذا الفهم الخاطئ سببه عزل الآية الكريمة عن السياق الذي وردت فيه. كيف تري التشدد في الخطاب الديني من قبل السلفية المعاصرة؟ -التشدد ليس منهجا فكريا دينيا لكنه سلوك اجتماعي لتحقيق غرض معين مادي أو معنوي أو منفعة معينة, ولكن مصدر هذا التشدد هو الفهم الخاطئ للنصوص. ما الهدف من الطعن في الثوابت الإسلامية وكبار الأئمة؟ - الهدف واضح وجلي لكل مسلم غيور علي دينه, وهو التشكيك في الثوابت, أي في مصادر التشريع وفي كبار الأئمة, ومن ثم فقدان الثقة بهذه الثوابت, وإذا فقدت الثقة بالثوابت والأئمة وصل المشكك إلي هدفه, وهو هدم الدين في قلوب متبعيه, وفي الغالب إذا نظرت لكل من يطعن في الثوابت تجده يتوجه توجها ليس دينيا, ولا يمت للدين بصلة, وإنما تجده ينتمي إلي العلمانية أو الشيوعية, أو الصهيونية, أو الماسونية أو الليبرالية. فمثلا السنة هي المصدر الثاني للتشريع وقد حاول الكثير من المشككين هدمها بالطعن في البخاري ومسلم والتطاول عليهما, والتفسير الخاطئ لبعض الأحاديث بغير منهج علمي, وبعضهم يدعون أنهم قرآنيون, لكن هؤلاء في الغالب ليس عندهم برهان, أو حتي دليل ظني يؤيد ما يدعونه من شبهات ضد ثوابت الإسلام وأئمته, وهؤلاء في الغالب ينفذون أجندات العلمانية أو اتجاهات يسارية لا تؤمن إلا بما هو مادي محسوس, وينكرون كل ماهو عقلي أو معنوي,وذلك لأنه لما انهارت الشيوعية في بلادها قبل أن تستكمل تحقيق هدفها, وهو القضاء علي الأديان عموما, والإسلام بشكل خاص, من أجل ذلك أثاروا الشبهات ضد الثوابت والأئمة من أجل تشكيك الناس فيهما وبالتالي يصلون إلي هدفهم بالتشكيك, ومن ثم فقد الثقة وهدم الدين, ولم ولن يتحقق هدفهم بإذن الله تعالي. كيف يتم إعداد الدعاة؟ - الداعية هو إنسان أوقف نفسه لنشر فكرة معينة وهذه الفكرة تحتاج إلي معرفته بعقل الإنسان الذي يدعوه وحاجاته, ويحتاج كذلك إلي معرفة الجانب النفسي والثقافي والاجتماعي لمن يدعوه, وذلك لأن الداعية في مجمل عمله يقوم بعملية اجتماعية هدفه منها هداية الإنسان وإخراجه من الضلال إلي النور والهدي, وتثبيت عقيدته وسلوكه علي الحق وفق تعاليم الإسلام الحنيف, والداعية بذلك يقوم بمهمة عظيمة ودقيقة يحتاج خلالها العون والمساعدة والتخطيط, ولذا كان لا بد من الإشراف علي الداعية وإعداده وإمداده بما يعينه علي النجاح. ويجب أن يعرف الداعية حقائق الدين الثابت والمتغير منها, وما يتأتي فيه الاجتهاد ومالا يتأتي, وكيفية معالجة السلبيات التي يراها في المجتمع لعلاجها والرد عليها, وعدم معرفته بهذه الأمور يعدا خطرا عظيما, ولكي يعرف هذا يحتاج إلي مؤسسة علمية وسطية معتدلة مثل الأزهر الشريف لكي يتربي فيها علي يد العلماء الذين يفهمون الدين فهما وسطيا بعيدا عن الإفراط والتفريط. كما يحتاج الداعية إلي دورات تدريبية عملية للاطلاع علي الشبهات والأفكار المتطرفة والمغلوطة وكيفية الرد عليها في ضوء الفكر الوسطي المعتدل. هل تري أن مناهج الكليات الأزهرية تلبي حاجة الدعوة وتتماشي مع العصر؟ - مناهج كلية أصول الدين بفضل الله تعالي تلبي حاجة الدعوة في العقيدة والتفسير والحديث وليس معني هذا أنها تقف عند هذا الحد بل لابد من تطويرها وإضافة بعض المفردات عليها, لدراسة الواقع والمستجدات من الأحداث والوقائع وإعداد الطالب بها وهذا ما تقوم به كليات الجامعة بالفعل مع لجنة المناهج في الجامعة. أيهما نبدأ تجديد الخطاب الديني أم بناء الأخلاق؟ - مما لا شك فيه أن البناء الأخلاقي أولا, فالأخلاق تكوين ملكة تحتاج إلي وقت, لأن الملكة تتكون في النفس من خلال التدريب المرتبط بممارسة الأفعال والأقوال, وإذن لا بد من البناء الأخلاقي قبل تجديد الخطاب الديني, لأن العالم أو الداعية إن لم يكن علي خلق فلا قيمة لقوله, ولا يصل إلي قلوب الناس, والدين كله خلق, فالأخلاق ضاربة بجذورها في مسائل العقيدة والشريعة, ثم بعد التربية الأخلاقية يأتي دور تجديد الخطاب الديني.