ما زلت أتذكر الحكى عن بعض العواطف الصغيرة تلك التى كنا نمارسها بعيدا عن عيون الكبار. وأنا صغيرة كنت أستمع بإنصات من نوع نادر وغريب وأسمع لحكايا الرفيقات عن صبية بحيّهم يلعبون تختار كل رفيقة اسما منهم وتلبسه خاتم الحب ثم تدون له سجلا عظيما فى عالم من العشق الهلامى فى أثناء إدلاء كل منهن بأحداثها والحكايا بين البنات على أشدها كنت أنا أتسرب بعيدا عنهن فى محاولة مستميتة للبحث عن أحد فأحكى كما يُحكى ولا أجد. لم أشأ أن أبدو غبية أكثر من ذلك فإدعيتُ وجود عاشق سيمطرنى بوابل أشواقه حال خروجى من باب المدرسة! عزمت أن أحب نعم سأعشق بعيدا عن مفاجآت الأمهات ومباغتاتهن التى تطيح بنوايانا الصغيرة بمداهمات لا مبرر لها إلا أن أمهاتنا لم يكن بوعى كافٍ لخلجات المرحلة الأخطر فى أعمارنا فكنت أعود من المدرسة وأبحلق بالشارع فلا أرى بحينا أحدا يلعب، أما بالمساء أفتش عن حجة مقنعة لأمي. لأخرج والذى يحدث أننى أخرج بعدها بزعم مطلب ما من المكتبة أو لاستعارة كتاب لم تدرك أمى حينها أنى كنت أطوف بمرحلة أبحث بها عما يؤرخ أيامى قد يكون بحب يحملنى بجناحه كما كنت أتصور حينها!. طرأت فيما بعد على ساحتنا فكرة التنمر على الذكور، الدراجات النارية وربط معاصمنا بسلاسل غليظة تحرم على كل متطفل فكرة الاقتراب فنكبر بعد ان تتكاثر الحفر المشوهة بأدمغتنا، ومن يرسم هذه التضاريس الوعرة بعقولنا الصغيرة حكايا قد تكون جيدة لحد ما، لكن لا يجب أن نتحايل على تكويننا فتنقلب تصوراتنا تجاه الحياة كى نكون أمهات فقط لا غير أما حب الزوج فيما بعد يأتينا بصورة مخالفة تماما لكل معايير الحب وغير خاضع للتأويل فيبدأ الأمر بشوية حركات للإيقاع به نتزوج ثم نقع على كاهله كالقضاء بطفلين ثلاثة تلجمه مدى الحياة ونبرطع نحن النساء كما يحلو لنا داسين انوفنا فى كل ما يتعلق بأمره زاعمين انها حقوق واجبة السداد لاستقرار الأسرة وكل ما نقدمه له ان يأكل ويتخمد. بعضهم يدرك هذا فيتمرد علينا معشر النسوة وتبقى الأصداء تردد أصواتنا زاعقين بمن يتحالف مع هذا الزوج زائغ العينين حتى لو كان الحليف أمه! إلى أن نخضعه من جديد ونفرض عليه سطوتنا فلا يزيغ بعدها إلا هالك وتمر الأيام بالأسرة كقارب متضعضع يحط بأقرب ضفاف مخليا ساحته بزواج الأبناء الذين نورثهم ما ورثناه من قبل. تيكم التعرجات الشقية التى توهن خلالنا فى أبسط الظروف حتى مدعيات الثقافة والتحرر لن تفلت من هذه المفاهيم رغم أن أبسط طريقة لاستيعاب تلك الحفر المشوهة لعقولنا هو تجاهلها تماما ففلسفة العيب والحرام المرعبة التى تخلقت معنا بداية نشأتنا فى أفضل الأحوال ستجعلنا دوما بحال من البحث عن العتمة! هل أنا أزعم أن الرجل ظلم فى مجتمعنا؟ بصراحة لا أظن وما هذا المقال إلا مناورة أقوم بها لأتحايل على السادة بإدارة التحرير لأمرر فكرة تعليم الحب فى الصغر كالنقش فى الحجر، فالرجل يشيخ داخله مبكرا وأظننى أدركت هذا منذ صغرى منذ كنت أتحايل على أمى عصر كل يوم لأخرج فى حالة من البحث عن شيء ما يحقق لى فكرة التكامل التى تحكى عنها البنات بالمدرسة فأبحلق بالشارع ولا أجد فى حينا أحدا يلعب فأين الصبية الذين ذكروا وقيل إنهم كانوا يلعبون؟ أقفل بعد رحلة الصيد هذه راجعة للبيت وأنا أتساءل أيولد الذكور فى حينا. كبارا؟