المتابع للعملية التعليمية في مصر, يستطيع أن يقرأ أحداث امتحانات الثانوية العامة استنادا إلي تجربة الامتحانات التي تسبقها مباشرة, وهي الدبلومات الفنية التي تختلف كثيرا من حيث نوعية الطالب وطريقة التعلم التي تعتمد علي العملي والنظري, فضلا عن التعامل مع فئة مجتمعية تختلف تماما عن الثانوية العامة بطبيعة مناهجها والطالب الذي يدرس فيها. أقول ذلك لأن هناك تخوفا كبيرا من أن تتعرض الثانوية العامة للعديد من المشاكل هذا العام, خاصة فيما يتعلق بالغش وتسريب الامتحانات علي المواقع الإلكترونية, ولجوء الغشاشين إلي أساليب جديدة للتهرب من القانون الذي أصدره رئيس الجمهورية مؤخرا بتجريم تسريب الامتحانات, ولكن واقع امتحان الدبلومات يطمئن المسئولين وأولياء الأمور, حيث إن حالات الغش بالدبلومات قليلة جدا لا تذكر بالمقارنة مع السنوات الماضية حتي إنها لم تتعد عشر حالات طبقا لتصريحات المسئولين, وأن هذا العدد يكاد لا يذكر في ظل وصول أعداد طلاب الدبلومات إلي ما يقرب من700 ألف طالب وطالبة. والذي لا شك فيه أن السبب الأول وراء تراجع عمليات الغش يعود إلي تغليظ العقوبات ضد الطالب, سواء المادية التي تصل إلي عشرة آلاف جنيه, والسجن في حال تسريب الامتحان, أو المهنية من فصل وحرمان من الامتحانات. فالمرء السوي بطبيعته يتجنب العقاب بحسب المثل الدارج القائل بأن من أمن العقاب أساء الأدب. وهذا ما ألح عليه دوما في مقالاتي من أهمية وجود الرقابة المشددة علي اللجان بحيث لا تترك عزبة لرئيس اللجنة يفعل بها ما يشاء, إذ أن أسلوب الباب المغلق في وجه كل المسئولين والمراقبينحتي محافظ الإقليم من دخول اللجنة مما يجعل الإنسان أن يتوقع كل شيء داخل اللجنة, لضمان الاستقرار والهدوء بالاتفاق مع الطلاب داخل اللجان لكي يمر اليوم بسلام, أما في حالة وجود رقابة يخاف رئيس اللجنة من دخول أي مسئول وضبط المخالفة, فدائما يسلك طريق السلامة وتجنب المشاكل التي تأتي من المسئولين وأعتقد أن ذلك سيلاقي اعتراضا شديدا من رؤساء اللجان ومسئولي الثانوية العامة. ومن بين تلك الأسباب أيضا تسهيل الوزارة لإجراءات الامتحانات وتوفير المعلومات وتشغيل برامج المراجعات علي الهواء بقناة مصر التعليمية, مما أعاد للقناة شعبيتها وارتباطها بالطالب والمعلم والذي وجد ضالته بالإجابة علي أي جزئية غامضة بالمنهج أو سؤال عجز عن الوصول لإجابته الصحيحة, إلي جانب الدعم الكبير الذي قدمته الوزارة للقوافل التعليمية التي جابت جميع محافظات مصر, إضافة إلي نزول الامتحانات التجريبية علي موقع الوزارة الذي قدم للطالب كل احتياجاته. واقع الحال أن تحرك الوزارة مبكرا قد خفف من مشاكل الطلاب العديدة في ظل تفاقم مشاكل التعليم المصري المتراكمة علي مدار عشرات السنين, وليست وليدة اليوم, وهذا ليس معناه أن نسلم بالمعاناة. وأخيرا.. فإنه من العوامل المهمة والتي ساعدت في عودة الطالب إلي كتاب المدرسة, إضافة إلي الخطوات الجادة في محاربة مراكز الدروس الخصوصية, مما جعل الطالب يبحث عن الاستقرار والموجود أيضا في خدمات الوزارة كما ذكرت سواء قناة أو موقع إلكتروني أو عبر قوافل أو المجموعات الدراسية بالمدرسة والتي نفذها معلمون متميزون في كل التخصصات. وفي يقيني أن القرار الجريء الذي يقضي باستبعاد كافة اللجان التي قد تشهد حالات شغب أو غش جماعي أو الاعتداء علي المراقبين, سوف يحجم كثيرا من حالات كانت تشهدها بعض القري التي تلجأ إلي الغش لأبنائها بالقوة, وذلك خوفا من استبعاد اللجنة وذهاب أبنائهم إلي قري أو مدن بعيدة وفيها مشقة لأولادهم, والمهم أن تجري امتحانات الثانوية العامة بلا مشاكل, وكل ذلك لن يحدث إلا بتكاتف الجميع مع الوزارة في تنفيذ خطط التأمين بحيث يعم الاستقرار والهدوء اللجان فينعم الطلاب بمناخ آمن يكفل لهم النجاح. [email protected]