حققت القوات العراقية المدعومة بالضربات الجوية الأمريكية ونصائح الخبراء والضباط الأمريكيين نجاحا مبدئيا فى الأنبار حيث تستعيد ببطء الأراضى التى سيطر عليها تنظيم داعش. ولكن فى الفلوجة وهى مدينة بالأنبار التى يهيمن عليها السنة والتى سقطت فى أيدى داعش يتضور المدنيون بها جوعا حيث يحاصر الجيش العراقىالمدينة وفى أماكن أخرى بالمحافظة تنفذ الميليشيات الشيعية المدعومة من جانب إيران عمليات الخطف والقتل وتقييد حرية المدنيين من العرب السنة. وكما ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية فان المراقبين يعلمون ان التدخل العسكرى فى العراق يمثل نمطا معتادا لتحقيق مكاسب فى ساحة المعركة، لكنه لا يجلب الاستقرار فى أعقابه. فمنذ الغزو الأمريكى للعراق عام 2003 لم يتم مطابقة النجاح العسكرى الأمريكى مع الجهود السياسية والاقتصادية لتحويل النجاحات على أرض المعركة الى انجازات دائمة. ونقلت الصحيفة عن كينيث بولاك الزميل البارز فى معهد بروكينجز ومحلل الشئون العراقية قوله ان هناك عدد متزايد من النقاد الذين يحذرون من ان التدخل العسكرى الأمريكى بالعراق ينبغى أن يترافق مع مصالحة حقيقية بين السنة والشيعة وهو الأمر الذى تعمل إيران ضده. الى جانب ضرورة بذل جهودا خارقة لإعادة بناء المدن العراقية كى يتمكن المدنيون من العودة الى ديارهم مرة أخري. وأشارت الصحيفة الى ان الوضع فى الأنبار بات قاتما حيث جعلت الميليشيات الشيعية الكراهية الطائفية تزداد سوءا، ومن ثم أصبح مئات الآلاف من المدنيين غير قادرين على العودة الى ديارهم. ونقلت الصحيفة عن محللين وسياسيين أمريكيين قولهم انه بينما تسعى كل من أمريكاوإيران لمحاربة (داعش) العراق، إلا أنهما غير قادرين على العمل معا لتعزيز الوحدة فى البلاد، وذلك على الرغم من توقيع إيران على الاتفاق النووى مع الغرب والذى من المفترض ان يسمح بالمزيد من التعاون بين الجانبين. لا يوجد مكان بالعراق اكثر ديناميكية ومعاناة من الأنبار، فهى المنطقة الصحراوية غرب العراق والتى أصبحت معقلا لداعش بعدما كانت معقلا للقاعدة، كما قتل على أراضيها المئات من القوات الأمريكية والمارينز فى أعقاب الغزو الأمريكى للعراق عام 2003. وبينما تدعم أمريكا الجيش العراقى وبعض المقاتلين فى القبائل المحلية لمحاربة داعش تسعى إيران لتأمين الطريق البرى الى سوريا وحلفائها من حكومة الرئيس السورى بشار الأسد وحزب الله الشيعى اللبنانى وحماية بغداد والجنوب العراقى ليظل تحت سيطرة الشيعة. ويتطور الوضع فى الأنبار مع رصد الرئيس الأمريكى باراك أوباما لطائرات الأباتشى والدفع بقوات أخرى على الخطوط الأمامية، وتوصف الانتصارات فى الأنبار على أنها خطوة هامة للسنة نحو تحرير البلاد من داعش، تمهيدا لحملة أخرى خلال العام الحالى لاستعادة السيطرة على الموصل ثانى أكبر مدينة بالعراق. وكلاء إيرانبالعراق هدفهم تحجيم الجهود المبذولة لتوحيد السكان المدنيين، وهو الأمر الضرورى إذا ما أراد العراق فى النهاية القضاء على التطرف. وبحصارها للفلوجة المدينة السنية تمنع الميليشيات الشيعية المدنيين من مغادرة أراضى داعش وفى نفس الوقت تمنع المساعدات الإنسانية من الوصول للمدينة، بينما تتزايد عمليات القتل والخطف من قبل تلك الميليشيات. وكشفت (نيويورك تايمز) عن أنه يوجد بالفلوجة نحو عشرات الآلاف من المدنيين الذين يتضورون جوعا، بينما ترتفع أسعار الغذاء بشكل جنوني. ووفقا لمنظمة (هيومن رايتس ووتش) قفز سعر كيس الدقيق من 15 دولار الى 750 دولارا وحذرت المنظمة من انه اذا لم تصل المساعدات للفلوجة سيكون الوضع كارثا بالنسبة للمدنيين. وقالت ليز جراندى منسقة الأممالمتحدة للشئون الإنسانية فى العراقلنيويورك تايمز إن هناك تقارير واسعة بشأن نقص الغذاء وعدم وجود الأدوية مما يعرض حياة المدنيين للخطر.