تحت شعار لا وقت للانتظار تتسارع عجلة التنمية في أنحاء العالم أجمع. يتحرك قطار التطور بأقصي سرعة, قويا, هادرا, يطوي أرض المستقبل, تاركا الكسالي والخاملين علي نواصي محطات الانتظار, يتعاطون جهلهم, يتباهون بانجازاتهم الورقية, ويلوكون مجدا لن يأتي. يمضي القطار دون محطات انتظار ولا أعذار. علي مستوي الدول, تحدد الرؤية الواضحة وآليات التنفيذ مستوي الجدية والاهتمام, ومن ثم يبرز اهتمام القطاع الخاص المحلي والدولي بالاستثمار. عملا علي خفض كلفة المخاطر, تنوع الشركات سلة استثماراتها, تؤسس تحالفات قوية تمكنها من زيادة حصتها في الأسواق العالمية. العمل في مشروعات ذات مخاطر محدودة أو علي الأقل يمكن تقديرها بدقة عالية, يضمن بيئة تنافسية إيجابية. علي صعيد الطاقة, فقد النفط أكثر من ثلثي قيمته السوقية في عام واحد. صار ارتفاع سعر البرميل عدة سنتات خبرا تترصده وكالات الأنباء العالمية, بينما يتحول انخفاض أسعاره إلي كابوس يطارد المصدرين وبهجة ينتظرها المستوردون. تراجعت إيرادات الدول المصدرة, فيما انتعشت خزائن الدول المستوردة. منذ أسابيع قليلة, أقرت المملكة العربية السعودية ميزانيتها متضمنة عجزا يصل إلي100 مليار دولار. فيما راجعت الإمارات, والكويت, والسعودية, وغيرهم أسعار منتجات النفط والكهرباء.( ولي زمن الطاقة المجانية). ما يعكسه الاستثمار في سوق النفط من مخاطر, حدا بالعديد من الشركات العالمية العملاقة لتنويع استثماراتها. توتال أحد أكبر شركات النفط الفرنسية اشترت حصة من أسهم شركة صن باور بلغت قيمتها1.4 مليار دولار. أيضا استثمرت شركة بريتش بتروليم البريطانية في مشروعات طاقة رياح في أمريكا. إكسون موبل, شل, إيني وغيرهم من شركات عالمية اتجهت إلي تنويع استثماراتها وتخصيص حصص استثمار في مجالات الطاقة المتجددة. ساعد علي ذلك تداعي أسعار تقنيات طاقتي الرياح والشمس وزيادة معدلات الاستثمار. يشير تقرير بلومبرج إلي تخطي استثمارات الطاقة المتجددة خلال عام2015 إلي350 مليار دولار ينتظر ارتفاعها إلي400 مليار دولار عام.2020 توجه شركات الطاقة العالمية نحو تنويع الاستثمار بالعمل في مجالات الطاقة المتجددة لا يرتبط بتوترات أسعار النفط قدر ارتباطه بسوق عالمية تنمو عبر الأيام. علي مستوي الطاقة الكهربائية, لا تنافس الطاقة المتجددة النفط, فمشاركة الأخير في منظومة الكهرباء العالمية لا تزيد علي5%, لكن المقارنة تكون مع الفحم المشارك بنحو أربعين في المائة. وذلك علي الرغم من الاختلاف التام بين مصادر نظيفة تحافظ علي البيئة وتضمن الاستدامة وبين مصدر ارتبط بعدائه للبيئة, الأمر الذي يجعل من استئناسه وتدجينه أمرا بالغ التكلفة. تحت مبدأ المكاسب المشتركة, اتجهت العديد من الشركات العالمية إلي إقامة تحالفات عملاقة. تحالفت شيفرون الأمريكية وريبسول الإسبانية لتكرير وتصفية النفط الخام في فنزويلا. وتحالفت بريتش بتروليم البريطانية وآيوك المصرية وإيني الإيطالية للتنقيب عن الغاز في مصر. كانت شركة إيني قد اكتشفت أحد أكبر حقول الغاز في مصر باحتياطي قدرته الشركة بنحو30 تريليون قدم مكعب. ارتفاع سقف الاستثمارات للمشروعات العالمية, والحاجة إلي حشد قدرات فنية مميزة تواكب التطور التقني, وخفض مخاطر الاستثمار دفع الشركات العالمية الكبري إلي التحالف مع بعضها البعض بدلا من المنافسة. في هدوء, تفرض آليات السوق أسلوبها علي الجميع, شركات كانت أم منتفعين. ويبقي السوق مترقبا من يتفاعل معه بشكل إيجابي, يعظم من عوائد الاستثمار ويحقق منافع ملموسة للجميع, مؤكدا أن لا وقت للانتظار. [email protected]