بخلاف العديد من ميزانيات دول الخليج, يترقب الجميع الإعلان عن ميزانية المملكة العربية السعودية, أكبر منتج للنفط(13.1%), وأعلي الدول تصديرا(19%). رمانة ميزان السوق العالمية. ترقب الميزانية يأتي ضمن أحادية الاقتصاد السعودي المعتمد بنحو90% علي عائدات تتهاوي يوما بعد يوم, وأيضا في ظل المتغيرات السياسية والعسكرية جراء عمليات عاصفة الحزم في اليمن. انخفاض احتياطي النقد السعودي من نحو2.8 تريليون ريال في يناير الماضي إلي2.4 تريليون ريال يشير إلي التكاليف الباهظة التي تتحملها الخزانة. انخفاض العائدات بنحو22% خلال العام الماضي يبرزه تراجع استثمارات مؤسسة النقد السعودي, والتي تساهم بنحو65% من الاحتياطي النقدي. في ظل ذلك, هبط النفط إلي أدني مستوياته منذ أكثر من عشر سنوات ليؤكد أنه سلعة غير مستقرة ترتفع مخاطر الاعتماد عليها كمصدر رئيسي للاقتصاد أو الطاقة. لسنوات طويلة ظلت تقديرات الميزانية السعودية تجري عند أسعار مرتفعة للنفط إلا أن اتجاهات الأسواق سارت في الاتجاه المعاكس علي مدي العامين الماضيين. اليوم, أجريت تقديرات الميزانية الحالية عند سعر37 دولارا للبرميل ليساهم فيها النفط بحوالي73% بانخفاض قدره23% عن ميزانية العام الماضي. انخفاض العائدات المنتظرة يسبب عجزا يصل إلي326 مليار ريال, الأمر الذي يؤدي إلي ضرورة طرح آليات للتغلب عليه. يستدعي التحول إلي اقتصاد متعدد المدخلات يشارك فيه النفط بنسب تتراوح من4030% التحول نحو خدمات جديدة تحتاج تشريعات, وبنية تحتية, وأفراد مؤهلين. في هذا الإطار, أعلنت المملكة عن فتح باب الاستثمار المباشر أمام المؤسسات المالية الأجنبية اعتبارا من يونيو الماضي, مع توقع أن تصل نسبة مشترياتهم إلي10% من القيمة السوقية للأسهم السعودية البالغة أكثر من2 تريليون ريال. أيضا, نوه وزير الاقتصاد عن نية الحكومة بحث فتح فرص الاستثمار في مجالات التعدين والخدمات والسياحة إلي جانب فرض بعض الضرائب علي السلع غير الأساسية. انخفاض العائدات المنتظرة خلال هذا العام حدا بالحكومة السعودية إلي تحريك أسعار الطاقة بعد أكثر من عشر سنوات من ثبات الأسعار, حيث ارتفعت أسعار الكهرباء في القطاعات السكنية, والتجارية, والصناعية طبقا لشريحة الاستهلاك. وعلي الرغم مما صرح به وزير الاقتصاد السعودي من أن87% من مستهلكي الكهرباء لن يتأثروا بالأسعار الجديدة, إلا أن خبراء الطاقة يرونها فرصة لخفض الدعم وحث المستهلكين علي ترشيد استخداماتهم. أيضا امتدت يد إعادة هيكلة الأسعار إلي قطاع المياه وخدمات الصرف الصحي. علي الرغم من رفع أسعار توريد الغاز إلي القطاع الصناعي بأكثر من50%, إلا أنها أقل من الأسعار المتداولة. من المؤكد أن ارتفاع الأسعار سيؤثر علي قطاع البتروكيماويات, أحد أهم القطاعات الصناعية بالمملكة. أيضا, ارتفع سعر لتر البنزين95 بنسبة50% ليصبح0.9 ريال بدلا من0.60 ريال. من ثم, تراجع مركز المملكة في سلم أقل سعر للبنزين من الثالث إلي الخامس علي مستوي العالم, حيث تحتل فنزويلا المركز الأول بسعر2 سنت دولار للتر البنزين, تليها ليبيا بسعر13 سنتا. سواء ارتفع البترول أو ظل عند مستوياته الحالية تنحصر المتطلبات الرئيسية في اتخاذ تدابير سريعة لتنويع مصادر الاقتصاد مع رفع كفاءة الإنفاق وهي مطالب لا تقف عند عتبة الميزانية السعودية فقط بل تمتد إلي كافة الدول العربية سواء المنتجة للنفط والتي تأثرت ميزانياتها سلبيا بتدهور أسعاره أو تلك التي تعاني من انخفاض الدخل. ب[email protected]