الرياض - تسود حالة ترقب في الأوساط الاقتصادية السعودية بانتظار إعلان الحكومة للميزانية العامة السعودية هذا العام،وسط توقعات اقتصادية بأن السعودية المنتج والمصدر الأول للنفط في العالم قد تنهي السنة الحالية بفائض في موازنتها يبلغ نحو 65 مليار ريال سعودي بسبب ارتفاع أسعار النفط معظم فترات العام الجاري واتباع المملكة سياسة نقدية قللت من تأثرها بالأزمة المالية العالمية. وفي الوقت الذي تميل فيه التكهنات إلى أن إعلان الميزانية سيكون خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة على أقصى تقدير، توقع البنك السعودي الفرنسي أمس، أن تتراوح إيرادات السعودية خلال العام الجاري إلى مابين 675 و 685 مليار ريال سعودي، وذلك نتيجةً لثبات أسعار النفط المرتفعة نسبياً ، كما رجّح أنْ تسجّل المملكة خلال العام الجاري فائضاً مالياً قدره 2.5 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي. وأكد البنك السعودي الفرنسي في تقرير أولي أعده تركي الحقيل،المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك ، أن المصروفات الحكومية قد تتراوح بين 620 و 625 مليار ريال بفائض قدره 50 إلى 65 مليار ريال، وأن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.5 % في نهاية العام من 0.6% في 2009 على أن يرتفع إلى 4.2% في 2011 . وأكد الحقيل في التقرير الذي خص به الرياض أن سعر النفط اللازم لموازنة الميزانية العامة في العام الجاري هو 72 دولاراً للبرميل بالمقارنة مع 66 دولاراً للبرميل في عام 2009، و 52 دولاراً للبرميل في عام 2008، مضيفاً : في العام القادم، قد يرتفع سعر النفط اللازم لموازنة الميزانية مجدّداً ليتجاوز 75دولاراً للبرميل ما يترك للمملكة هامشاً ضيّقاً للمناورة في حال تراجُع أسعار النفط إلى ما دون المستويات الحالية. وإذا استمر النمو الحالي للإنفاق العامّ، فإنّ سعر النفط اللازم لموازنة الميزانية العامة قد يرتفع إلى 98 دولاراً للبرميل بحلول عام 2017. وقال:"لقد بلغ متوسط أسعار النفط في الشهور الأحد عشر الأولى من العام الجاري 78.8 دولاراً للبرميل، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره 30% تقريباً بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي ، وذلك نتيجة ارتفاع الطلب العالمي المتزايد على الطاقة ، مبيناً أن أسعار النفط القويّة تُعزز الموقع المالي للمملكة وفرص نموّ اقتصادها ، كما أن هذه الأسعار ستمكّن السعودية من مواصلة انخراطها الكامل، في عملية تحفيز وإنعاش الاقتصاد الوطني". وأكد الحقيل ، أن أداء الاقتصاد السعودي استمر في التحسن الملحوظ في أواخر العام الجاري بالمقارنة مع بداية العام، وذلك بفضل أسعار النفط القوية وانتعاش قطاعات الأعمال والمال والتجارة والسياحة، وانحسار الضغوط التضخّمية إلى ما دون المستويات القصوى التي سُجّلت في فصل الصيف. وشددّ على أن ارتفاع أسعار النفط مكّن المملكة من تعزيز أصولها الخارجية خلال العام الجاري. ففي الشهور التسعة الأولى من هذا العام، أضافت مؤسسة النقد 61 مليار ريال سعودي إلى صافي أصولها الخارجية، فارتفعت قيمتها الإجمالية إلى 1.58 تريليون ريال سعودي مسجلة أعلى مستوىً لها منذ فبراير 2009. واعتبر المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي، الدور الضعيف نسبياً للقطاع الخاصّ وإحجامه عن الاقتراض أحد الأسباب التي قد تدفع الإنفاق الحكومي للاستمرار في النمو، لكن معدّل هذا النمو قد ينخفض خلال السنوات القادمة، في حال أدركت الحكومة أنّ زيادة الإنفاق سيعزز من فرص تسجيل عجز في الميزانيات العامة على المدى المتوسط. وحول أسعار السلع الاستهلاكية، قال الحقيل ان ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية واستمرار النقص في معروض العقارات والمنافسة المحلية أدت إلى رفع معدّل التضّخم العام في المملكة إلى 6.1% في أغسطس، وذلك للمرة الأولى في ثمانية عشر شهراً، متوقعاً أنْ يبلغ المعدل السنوي للتضّخم العامّ خلال العام الجاري 5.3%، وهو أعلى من معدّل عام 2009، الذي بلغ 5.1% على أن يصل إلى 4.7% في 2011. وفيما يتعلق بسياسة المملكة المتعلقة بربط الريال بالدولار ، رجّح الحقيل أنْ يزداد الدولار الأمريكي قوّةً في العام القادم،والذي من شأنه أن يؤدي إلى اختفاء التكهنات بشأن إمكانية مراجعة السياسة المالية السعودية، لسياستها التقليدية المتمثّلة بربط الريال السعودي، متوقعاً في الوقت ذاته أنْ يبلغ سعر صرف اليورو 1.18 مفابل الدولار في أواخر عام 2011، ما يشير إلى اتجاه تنازلي جدّي. وفي هذا الجانب ، استبعد تركي الحقيل،المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي، أن ترفع مؤسسة النقد أسعار الفائدة في الوقت الراهن ، لافتاً إلى أنه ومنذ منتصف عام 2009، تعمّدت مؤسسة النقد إبقاء أسعار فائدة اتفاقيات إعادة الشراء عند 2% وأسعار فائدة اتفاقيات إعادة الشراء العكسي عند 0.25%، لتحفيز البنوك على الإقراض،وبما أنّ الريال السعودي مربوط بالدولار الأمريكي، فإن سياسة أسعار الفائدة التي تتبعها مؤسسة النقد، إلى حدّ كبير،مربوطة مع السياسة الرسمية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. وبخصوص النشاط الائتماني في السعودية ، قال الحقيل ان البنوك السعودية ستستمر في حذرها الشديد لجهة توسيع نشاطها الائتماني خلال الشهور القادمة، مبيناً أن معدل نمو القروض المصرفية الممنوحة إلى القطاع الخاصّ في العام الحالي قد يبلغ 7.5% من – 0.04% في 2009 على أن يرتفع إلى 9.5% في 2011 . وذكر أن البنوك والمصارف سوف تستعيد نموها في الإقراض بعد عودتها إلى المشاركة في تمويل العديد من المشروعات الضخمة، وبعد عودة القطاع الخاصّ إلى الاقتراض من أجل توسيع استثماراته في الإنتاج والأسهم ، والمتوقع أن يحدث في النصف الثاني من العام القادم، الأمر الذي سيُشجع نمو الإقراض المصرفي على العودة إلى المعدلات التي تفوق العشرة في المائة في عاميّ 2012 و2013.