تمكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والملقب بقيصر روسيا وصاحب الشخصية الاكثر تأثيرا في2015 من أن يضع نظيره التركي في مأزق, فبعد أن قطع إمدادات الغاز عن تركيا ردا علي إسقاطها الطائرة الروسية سوخوي24, لم يجد أردوغان سبيلا سوي الارتماء في أحضان تل ابيب بعد5 سنوات من القطيعة التي دائما ما كان يستغلها أردوغان لرفع شعبيته, والتي تصدعت في عام2010 بعد اعتلاء كوماندوز اسرائيليون سفينة مرمرة التركية وقتلهم10 نشطاء اتراك كانوا في طريقهم إلي غزة محاولين فك الحصار عنها. ومنذ ذلك الحين يستغل أردوغان تلك الحادثة ليرفع من شعبيته وحزبه العدالة والتنمية الإخواني, الا أن استئناف العلاقات بعد هذه السنوات أثار الكثير من علامات الاستفهام خاصة وان الاتفاق الذي تم بين الجانبين تضمن عدة نقاط تخالف أهداف الجماعة ومخططاتها أبرزها قبول اردوغان طرد القيادي الحمساوي صالح العاروري من تركيا وهو ما وافقت به القيادة التركية بصدر رحب كما نص الاتفاق علي تحجيم أنشطة الحركة في تركيا بشكل كامل وهو ما اثار حفيظة حركة حماس التي رفضت التعليق علي الامر, وهو ما دفع كثيرا من المحللين إلي التأكيد علي أن أردوغان باع الحركة لإعلاء مصلحة الوطن. ومن جانبها أكدت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية ان الاتفاق المبدئي الذي وقع بين تركيا واسرائيل في سويسرا الأسبوع الماضي ويفضي إلي تطبيع العلاقات وتبادل السفراء ودفع تعويضات لتركيا مقابل طرد العاروري واسقاط الجانب التركي جميع المطالب القانونية, قد لا يستمر طويلا خاصة وان الشرط التركي والذي قبلت به إسرائيل وهو كسر الحصار عن غزة, سيظل نقطة شائكة في هذا الاتفاق مؤكدة أنه أمر قد يعكر صفو العلاقات بين البلدين من جديد. وأكدت أن تركيا وجهت بوصلتها إلي إسرائيل بعد ان اوقفت روسيا امدادها بالغاز في وقت تحشر فيه تركيا نفسها في عدة صراعات في المنطقة كسوريا والعراق, وهو ما يجعلها في حاجة إلي المزيد من الغاز. وهو ما اضطر أردوغان إلي تخفيف حدة لهجته تجاه إسرائيل إذ انه كان دائما ما يخرج في خطاباته ويهلل ضد كيان الاحتلال إلا أنه سرعان ما استوعب الدرس الروسي وخرج ليؤكد علي عمق العلاقات بين تركيا وإسرائيل وأنه يسعي إلي استئنافها. ويأتي ذلك في وقت أكد فيه المحللون أن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب سمن علي عسل, مؤكدين أن القطيعة بينهما بعد حادث مرمرة أكذوبة تركية لرفع شعبية اردوغان وجماعته, مشيرين إلي ان العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية كانت سارية طوال السنوات الماضية. ومعلوم أن اسرائيل ستستفيد من تلك الصفقة الجديدة مع تركيا إذ أنها تمتلك الكثير من كميات الغاز التي تسعي إلي تصديرها إلي أوروبا وستتخذ تركيا معبرا لتسويقها. وحدها صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية رأت ان العلاقات الودية بين البلدين لن تدوم طويلا, مشيرة إلي أن موقف تركيا تجاه إسرائيل لن يتغير وستظل تعتبرها عدوا بل ستسعي في تلك الفترة إلي الاستفادة من الغاز الإسرائيلي لحين انتهاء أزمتها مع روسيا. سمر أنور